تستمر السياسة التركية ذاتها ضد المحور الإماراتي السعودي منذ حصار قطر، بما يشبه سياساتها المتبعة مع إيران، بتجنب التصعيد المباشر وعلى وسائل الإعلام ولكن بنفس الوقت اتخاذ كافة التدابير الضرورية لحماية الأمن القومي التركي كما تراها أنقرة، ليبدو التعامل التركي مع أزمة حصار قطر، نموذجا لذلك.
وأرسلت تركيا جنودها وأعلنت عن قاعدتها في الدوحة بما منع المحور السعودي الإماراتي البحريني المصري من توجيه أي ضربة عسكرية للأخيرة، ولكن الحكومة التركية من جانب أخر استمرت بالتواصل مع أطراف الأزمة ومنعت التصعيد المباشر.
عموما تناول الإعلام التركي الأحداث التي شهدتها السعودية بطريقة خبرية لم يقم خلالها بمهاجمة الإدارة السعودية بشكل قاس وواضح، وبينما أكد المسؤولون الأتراك في تصريحاتهم المتكررة، أن ما يحصل في السعودية شأن داخلي، عاد الرئيس التركي، وعلى غير عادته، للضرب تلميحا، بالإدارة السعودية بشكل سريع دون ذكرها بالاسم.
وانتقد الرئيس التركي تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حول فكرة "الإسلام المعتدل" دون أن يذكره، خلال كلمة ألقاها، يوم أمس، في برنامج استضافته أنقرة تابع لمنظمة التعاون الإسلامي حول تنظيم المشروعات النسائية.
وقال أردوغان" لقد حصل مفهوم "الإسلام المعتدل" مؤخرا على الانتباه، لكن براءة اختراع هذا المفهوم نشأت في أوروبا"، مضيفا "لا يمكن أن يكون هناك إسلام معتدل وإسلام غير معتدل، إن الإسلام شيء واحد"، في إشارة إلى تصريحات ولي العهد السعودي لنية المملكة التحول نحو الإسلام المعتدل.
وتابع أردوغان "لربما إن الشخص الذي عبر عن هذا المفهوم يعتقد أنه ينتمي له، لا إن هذا المفهوم ليس لك.. لقد تم سؤالي عن هذا حول "الإسلام المعتدل" في لقاءات في البرلمان الأوروبي منذ عدة سنوات".
وقال أردوغان "إنهم يحاولون أن يضخوا الفكرة مرة أخرى، ولكن ما يريدون أن يفعلوه حقيقة هو إضعاف الإسلام".
وانتقد أردوغان عدم السماح للمرأة بقيادة السيارة بالقول "أنت تقول الإسلام المعتدل، ولكنك تمنع المرأة من قيادة السيارة، هل هناك أي موانع في الإسلام تحرم قيادة المرأة للسيارة، لا يوجد شيء كهذا".
ولم تركز الصحف التركية وبالذات تلك المقربة على تصريحات أردوغان المنتقدة للإدارة السعودية، بل كان التركيز على إحياء ذكرى وفاة مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك.
يرى مراقبون أن الحملة السعودية على إيران وحزب الله اللبناني وباقي مليشياتها لا تشكل مساسا بالأمن القومي التركي. بكل الأحوال، إن إضعاف إيران في سورية قد يكون مبعث سرور لأنقرة، لكن ما يقلق الإدارة التركية إمكانية التعامل مع حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري للعمال الكردستاني) كإحدى الوسائل التي من الممكن استخدامها في إطار تحالفها الحالي مع الولايات المتحدة لضرب أو تحجيم النفوذ الإيراني، الأمر الذي قد يكون يدفع أنقرة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد ذلك، قد تبدأ من تقديم الدعم لإيران في سورية وصولا إلى شن حملة عسكرية كبيرة ضد العمال الكردستاني في كل من عفرين في ريف حلب السوري ومرورا بسنجار في محافظة نينوى العراقية وانتهاء في جبل قنديل.
ويعتزم الرئيس التركي، إجراء زيارة رسمية إلى كل من الكويت وقطر خلال الفترة بين 13 و15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وفي بيان صادر عنه اليوم السبت، قال المكتب الإعلامي للرئاسة التركية، إن الكويت ستكون أولى محطات الزيارة، ومن المقرر أن يتم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات.
وأشار البيان إلى أن أردوغان سيتوجه من الكويت إلى قطر للمشاركة في اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا التركية القطرية بنسخته الثالثة.
وبحسب البيان، فإنه من المقرر أن يبحث الرئيس التركي خلال لقاءاته مع المسؤولين في الكويت وقطر، العلاقات الثنائية بكافة جوانبها، فضلا عن مستجدات دولية وإقليمية.