تلاحق النظام المصري الحالي برئاسة عبدالفتاح السيسي، أزمات كبيرة متعاقبة، تؤثر بشكل سلبي على صورة مصر خارجياً، لما لها من انعكاسات داخلية، بعضها يهدد الأمن القومي المصري. وتزامن مع أزمة سد النهضة المستمرة بعد مماطلة الجانب الإثيوبي في تنفيذ الاتفاقات مع مصر، قرار البرلمان الإيطالي وقف تصدير قطع غيار طائرات "إف 16" إلى مصر، على خلفية ما تعتبره روما تهرب القاهرة من تقديم قتلة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني للعدالة. وأحدثت مسألة التقارب التركي الإسرائيلي أخيراً، حالة قلق مصري من سحب ملف فلسطين من يدها وفقدان وزنها الإقليمي لصالح تركيا، لما تتمتع به الأخيرة من علاقات مع حركة "حماس".
وتشير إلى أن الاجتماع هو الثاني من نوعه وسبقه آخر في فبراير/ شباط الماضي، من حيث القيادات التي حضرته والملفات المطروحة للنقاش، خصوصاً بعد محاولات السيسي نفسه إنهاء حالة الخلافات والصراعات بين الجهازين منذ توليه الحكم في يوليو/ تموز 2014.
وتشير المصادر إلى أن الاجتماع تطرق إلى عدة ملفات وعلى رأسها سد النهضة الإثيوبي، في ظل مماطلة أديس أبابا في استكمال المشاورات الفنية حول السد وطريقة ملء الخزان. وتلفت إلى أن اللقاء تطرق أيضاً إلى مسألة اتجاه بعض أعضاء دول حوض النيل، لبناء سدود مثل إثيوبيا، بل إن الأخيرة يمكن أن تقوم ببناء سد آخر، بتمويل إسرائيلي ومستثمرين آخرين، وكيفية التعامل مع هذه الأزمات.
وتشدد على أن السكوت والخضوع لرغبات الدول الأفريقية في بناء السدود على نهر النيل، يُعتبر أزمة كبيرة لمصر، ويجب التحرك في وقف تلك المخططات بشكل مبكر جداً لمنع تكرار ما حدث مع إثيوبيا، وهي على وشك الانتهاء من بناء 70 في المائة من سد النهضة، وهو ما يصعب حتى التفكير بالتدخل العسكري لوقف عمليات استكمال الإنشاءات.
وناقش الاجتماع بالأساس محاولات التمدد الإسرائيلي في أفريقيا بشكل واضح وصريح، وهو ما ظهر في زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما يشكل خطراً على الأمن القومي المصري، بحسب المصادر ذاتها. وتلفت إلى أن "وجود تفاهمات سياسية بين مصر وإسرائيل في عدد من القضايا الإقليمية، لا يلغي فكرة العداء بين البلدين، ففي حين تبدي إسرائيل نوعاً من التفاهم والتقارب حالياً، إلا أنها لا تريد الخير لمصر".
وحول تناقض هذا الحديث مع ما يبديه السيسي من تفاهمات وعلاقات قوية مع إسرائيل، تؤكد المصادر أن التفاهم حول عدد من القضايا تحكمها في الأساس المصلحة، متسائلة: "هل معنى وجود تفاهم أن إسرائيل ستتوقف عن الإضرار بمصر أو الأمن القومي العربي؟ وهكذا نحن في مصر، القيادة السياسية تتحرك دبلوماسياً ولكن عمل الاستخبارات والجيش دوره الحفاظ على أمن البلاد وتقديم الدعم لصانع القرار وإفساد أي محاولات للإضرار بالبلاد". وتشدد على وضع خطط للتعامل مع الدول الأفريقية التي تسعى لبناء سدود من خلال ضغوط منذ البداية، وإيجاد حل جذري للأمر، وهو ما سيصدر عبر توصيات إلى السيسي.
وتقول المصادر ذاتها إن الاجتماع تطرق إلى ملف متعلق بإسرائيل، وهو مفاوضات السلام وزيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى إسرائيل أخيراً والنتائج التي تم التوصل لها، رافضة الكشف عن أي تفاصيل ترتبط بهذا الملف، بيد أنها أكدت وجود مرونة من قِبل حركة "حماس" في سبيل ضبط الحدود بين البلدين.
وبشأن الوضع في سيناء وليبيا، تشير المصادر إلى أن وجود تنسيق شبه يومي بشأن الملفين، واتصالات بين المسؤولين في جهازي الاستخبارات.
وتكشف أن التقارير والتوصيات لمؤسسة الرئاسة تؤكد ضرورة التمسك بموقف القاهرة، لأن التراجع عنه سيؤثر سلباً على صورة مصر، في ظل التأكيدات بقوة لعدم تورط الأمن في مقتله، كما سيكون هناك توصيات للبرلمان بكيفية التعامل مع نظيره الإيطالي حول القرار. وتشير المصادر إلى أن الاجتماع سيتكرر بشكل دوري على مستوى القيادات الكبرى، وخصوصاً بعد التغييرات في جهاز الاستخبارات العامة، والذي بات أكثر تفاهماً مع نظيره الحربي. وكان السيسي قد أصدر ثلاثة قرارات لإحالة قيادات كبيرة في الاستخبارات العامة أغلبهم من الوكلاء على المعاش، في حين يسعى إلى تصعيد آخرين يكون ولاؤهم لشخصه.