لا صوت يعلو في أروقة القضاء المصري على اتهامات أعضاء الهيئات القضائية لوزير العدل حسام عبدالرحيم بخيانة زملائه السابقين ووقوفه إلى جانب الدائرة الاستخباراتية-الرقابية المحيطة بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لصياغة مشروع قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية الذي رفضته صراحة 3 هيئات، هي مجلس القضاء الأعلى ومجلس قضايا الدولة والنيابة الإدارية، ولم تبد اعتراضاً عليه سوى هيئة واحدة هي هيئة قضايا الدولة التي تتولى الدفاع عن مصالح الحكومة أمام القضاء المحلي والدولي.
وقالت مصادر قضائية مطلعة إن المشروع المعدّل الذي وافق عليه مجلس النواب من حيث المبدأ وأحاله لاستكمال إجراءات إصداره في مجلس الدولة، لم يُعدّه النائب أحمد حلمي الشريف وكيل اللجنة التشريعية في البرلمان، بل إدارة التشريع في وزارة العدل، علماً بأن شقيقه المستشار محمود حلمي الشريف يعمل حالياً مساعداً لوزير العدل، وكان معروفاً بقربه من السلطة منذ فترة تحالفه مع رئيس نادي القضاة السابق أحمد الزند.
وأضافت المصادر أن وزير العدل، المعروف بعزوفه التام عن الإعلام، أكد لمقربين منه في جلسات خاصة أن قانون تعيين رؤساء الهيئات "سيمر بنسبة 100 في المائة لأنه مطلب شخصي من السيسي"، وذلك لتلافي وصول القاضي أنس عمارة المحسوب على تيار الاستقلال القضائي إلى منصب رئيس محكمة النقض، بالإضافة لتصعيد أشخاص بعينهم لرئاسة الهيئات القضائية، حتى تصبح هذه الهيئات كالأجهزة الرقابية والمجالس القومية، جزءاً من السلطة التنفيذية ومحتواة بالكامل.
وأوضحت المصادر أن هدف القانون لا يتعلق فقط بإبعاد قضاة بعينهم أو تصعيد آخرين، بل زرع الشعور بالدونية والتبعية للسلطة التنفيذية في نفوس القضاة، وكسر شوكتهم بعد تعدد صداماتهم مع الجهات الإدارية، خصوصاً في ظل رفضهم التضييق الرسمي على ميزانياتهم التي نصّ الدستور على أنها تناقش رقماً واحداً، إذ يعتقد السيسي أن القضاة يستفيدون من وضعهم المتميز مالياً وسياسياً على حساب نظامه.
وبحسب المصادر، فإن فترة الشهرين الماضيين شهدت إجراءات حكومية عديدة للتضييق على القضاة وإجبارهم على الدخول في عباءة الدولة، من بينها تأكيد وزير المالية عمرو الجارحي لجميع الهيئات القضائية أنه لن ينفذ أحكام صرف المعاشات والبدلات التي تصدر من المحاكم للقضاة، وذلك بتعليمات من السيسي نفسه. كما أجبر الوزير الهيئات القضائية على التعامل مالياً مع أعضائها بنظام الدفع الإلكتروني شأنها شأن باقي الأجهزة التنفيذية بهدف مراقبة الأموال التي يحصل عليها القضاة.
وعلى الرغم من أن السيسي له عدة أقارب في الهيئات القضائية كشقيقه وأبناء شقيقه وصهر شقيقه وزوجة ابنه، إلا أنه يرى، بحسب المصادر ذاتها، أن كل المتاعب التي واجهها نظامه على مدار العامين الأخيرين كان سببها القضاء، تارة بأحكام تحرجه أمام الرأي العام العالمي، وتارة أخرى بأحكام تفقده شعبيته في الداخل كحكم بطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير. كما يرى السيسي وفق المصادر، أن سبب صدور هذه الأحكام هو الاستقلال الإداري والمالي للقضاء المكفول في الدستور، فلم يعد هناك بد من أن يُحكم السيطرة على الهيئات من خلال تعيين رؤسائها عبر نظام يسمح بتنافسهم وإشعال الصراع بينهم على رضا الأجهزة الأمنية التي ستُعد التقارير التي ستحدد الرئاسة بناء عليها هوية رؤساء الهيئات القضائية.
اقــرأ أيضاً
ويبدو أن السيسي يفاضل حالياً بين أكثر من سيناريو لإنهاء هذه الأزمة في ظل تهديدات خافتة من القضاة بتعليق العمل والاعتصام وعقد جمعيات عمومية للتصعيد. وقال مصدر في وزارة العدل إن المؤشرات القائمة حالياً تؤكد تمرير القانون بشكله الحالي الذي يسمح للسيسي في 3 حالات بالاختيار المطلق من بين أقدم 7 قضاة، ويجبر كل هيئة على تقديم قائمة قصيرة من 3 مرشحين ليختار منهم السيسي رئيساً للهيئة في الأحوال العادية. لكن وفق المصدر، هناك من يشيّعون أن السيسي سيتدخّل في اللحظة الأخيرة ليوقف تمرير القانون أو منع إصداره، ليظهر بصورة "منقذ القضاء" بغية زيادة شعبيته في أوساط القضاة ثم اتخاذ ما يحلو له من إجراءات أخرى كتقليص ميزانياتهم أو التضييق على مجالات عملهم لكسر شوكتهم، وتحديداً بحظر انتدابهم لأعمال استشارية في الجهات الحكومية.
وأضاف المصدر الحكومي أنه على الرغم من أن الدستور يمنح مجلس النواب سلطة أعلى من الرئيس في إصدار القوانين، فيمكنه من إصدارها حتى إذا اعترض الرئيس عليها، إلا أن هناك سابقتين قريبتين وافق فيهما البرلمان على قانوني تعديل نظام الطعن الضريبي أمام مجلس الدولة وتنظيم الجمعيات الأهلية، وتم تجميد القانونين بعد الموافقة عليهما نهائياً، بتعليمات من السيسي، على الرغم من عدم اعتراضه عليهما رسمياً، مما يعني أن الإجراءات المتبعة في هذا السياق لها اعتبارات سياسية بالدرجة الأولى وليست دستورية، بل هي خارج نطاق التنظيم الدستوري.
ورأى المصدر أن ما يرجح كفة إصدار القانون بحالته الحالية، أن نهاية العام القضائي باتت قريبة للغاية، وتحديداً نهاية يونيو/حزيران المقبل، مما لا يسمح بكثير من المراوغة أو المماطلة، خصوصاً أن السيسي له سابقة في اختيار رئيس هيئة النيابة الإدارية السابق سامح كمال على الرغم من أنه لم يكن الأقدم من بين أعضاء الهيئة، وهو ما يعكس رغبة سلطوية في الاختيار من دون التقيد بقاعدة الأقدمية التي يحارب من أجلها القضاة.
وقالت مصادر قضائية مطلعة إن المشروع المعدّل الذي وافق عليه مجلس النواب من حيث المبدأ وأحاله لاستكمال إجراءات إصداره في مجلس الدولة، لم يُعدّه النائب أحمد حلمي الشريف وكيل اللجنة التشريعية في البرلمان، بل إدارة التشريع في وزارة العدل، علماً بأن شقيقه المستشار محمود حلمي الشريف يعمل حالياً مساعداً لوزير العدل، وكان معروفاً بقربه من السلطة منذ فترة تحالفه مع رئيس نادي القضاة السابق أحمد الزند.
وأوضحت المصادر أن هدف القانون لا يتعلق فقط بإبعاد قضاة بعينهم أو تصعيد آخرين، بل زرع الشعور بالدونية والتبعية للسلطة التنفيذية في نفوس القضاة، وكسر شوكتهم بعد تعدد صداماتهم مع الجهات الإدارية، خصوصاً في ظل رفضهم التضييق الرسمي على ميزانياتهم التي نصّ الدستور على أنها تناقش رقماً واحداً، إذ يعتقد السيسي أن القضاة يستفيدون من وضعهم المتميز مالياً وسياسياً على حساب نظامه.
وبحسب المصادر، فإن فترة الشهرين الماضيين شهدت إجراءات حكومية عديدة للتضييق على القضاة وإجبارهم على الدخول في عباءة الدولة، من بينها تأكيد وزير المالية عمرو الجارحي لجميع الهيئات القضائية أنه لن ينفذ أحكام صرف المعاشات والبدلات التي تصدر من المحاكم للقضاة، وذلك بتعليمات من السيسي نفسه. كما أجبر الوزير الهيئات القضائية على التعامل مالياً مع أعضائها بنظام الدفع الإلكتروني شأنها شأن باقي الأجهزة التنفيذية بهدف مراقبة الأموال التي يحصل عليها القضاة.
وعلى الرغم من أن السيسي له عدة أقارب في الهيئات القضائية كشقيقه وأبناء شقيقه وصهر شقيقه وزوجة ابنه، إلا أنه يرى، بحسب المصادر ذاتها، أن كل المتاعب التي واجهها نظامه على مدار العامين الأخيرين كان سببها القضاء، تارة بأحكام تحرجه أمام الرأي العام العالمي، وتارة أخرى بأحكام تفقده شعبيته في الداخل كحكم بطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير. كما يرى السيسي وفق المصادر، أن سبب صدور هذه الأحكام هو الاستقلال الإداري والمالي للقضاء المكفول في الدستور، فلم يعد هناك بد من أن يُحكم السيطرة على الهيئات من خلال تعيين رؤسائها عبر نظام يسمح بتنافسهم وإشعال الصراع بينهم على رضا الأجهزة الأمنية التي ستُعد التقارير التي ستحدد الرئاسة بناء عليها هوية رؤساء الهيئات القضائية.
ويبدو أن السيسي يفاضل حالياً بين أكثر من سيناريو لإنهاء هذه الأزمة في ظل تهديدات خافتة من القضاة بتعليق العمل والاعتصام وعقد جمعيات عمومية للتصعيد. وقال مصدر في وزارة العدل إن المؤشرات القائمة حالياً تؤكد تمرير القانون بشكله الحالي الذي يسمح للسيسي في 3 حالات بالاختيار المطلق من بين أقدم 7 قضاة، ويجبر كل هيئة على تقديم قائمة قصيرة من 3 مرشحين ليختار منهم السيسي رئيساً للهيئة في الأحوال العادية. لكن وفق المصدر، هناك من يشيّعون أن السيسي سيتدخّل في اللحظة الأخيرة ليوقف تمرير القانون أو منع إصداره، ليظهر بصورة "منقذ القضاء" بغية زيادة شعبيته في أوساط القضاة ثم اتخاذ ما يحلو له من إجراءات أخرى كتقليص ميزانياتهم أو التضييق على مجالات عملهم لكسر شوكتهم، وتحديداً بحظر انتدابهم لأعمال استشارية في الجهات الحكومية.
ورأى المصدر أن ما يرجح كفة إصدار القانون بحالته الحالية، أن نهاية العام القضائي باتت قريبة للغاية، وتحديداً نهاية يونيو/حزيران المقبل، مما لا يسمح بكثير من المراوغة أو المماطلة، خصوصاً أن السيسي له سابقة في اختيار رئيس هيئة النيابة الإدارية السابق سامح كمال على الرغم من أنه لم يكن الأقدم من بين أعضاء الهيئة، وهو ما يعكس رغبة سلطوية في الاختيار من دون التقيد بقاعدة الأقدمية التي يحارب من أجلها القضاة.