يعيش قطاع غزة المحاصر، أزمة حادة ومستمرة في كميات الوقود التي تسمح السلطات الإسرائيلية بادخالها عبر معبر كرم أبو سالم، جنوب القطاع. وألقت الأزمة التي تلازم غزة منذ سنوات، بظلالها على الاقتصاد الفلسطيني، ما يُهدد بتوقف مئات المصانع عن العمل.
وأثّر تقنين إسرائيل عملية توريد المحروقات إلى القطاع بشكل مباشر، على عمل المصانع والورش التي تعتمد على الوقود في تشغيل مولدات الكهرباء خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي التي تستمر لقرابة 12 ساعة يومياً.
وكان الفلسطينيون في قطاع غزة يعتمدون على الوقود المصري (منخفض السعر مقارنة بنظيره الإسرائيلي) القادم عبر الأنفاق، ولكن إغلاق الأنفاق وهدمها من قبل الجيش المصري عقب عزل الرئيس محمد مرسي قبل عام، أجبرهم على شراء الوقود من تجار إسرائيليين يتحكمون في الكميات الواردة إلى القطاع.
الكميات لا تكفي السوق
وقال المتحدث باسم جمعية أصحاب شركات الوقود في غزة، محمد العبادلة، إن "هناك أزمة حادة في المحروقات في قطاع غزة نتيجة لتكرار إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري، ومحدودية الكميات التي تسمح السلطات الإسرائيلية بتوريدها".
وأشار إلى أن كمية المحروقات التي تصل قطاع غزة يومياً لا تكفي لتلبية احتياجات سكان القطاع، موضحاً أن كمية الوقود الواردة إلى سوق غزة تلبي ما نسبته 35% فقط من الحاجة الفعلية.
وبيّن العبادلة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن غزة تحتاج يومياً إلى 700 ألف ليتر من السولار، و500 ألف ليتر من البنزين، في حين أن ما تسمح إسرائيل بتوريده يومياً عن طريق معبر كرم أبو سالم يقدّر بنحو 350 ألف ليتر من كلا الصنفين.
ويعتبر معبر كرم أبو سالم، جنوب قطاع غزة، المنفذ الرئيسي والوحيد أمام إدخال الوقود ومستلزمات الحياة لسكان القطاع البالغ عددهم 1.8 مليون إنسان.
وحذر العبادلة من أن استمرار أزمة الوقود في قطاع غزة يهدد بتوقف جميع المصانع والمخابز الآلية، بالإضافة لتعطل حركة المواصلات، ما ينذر بخسائر فادحة قد يتكبّدها الاقتصاد الفلسطيني، مطالباً بضرورة مضاعفة كمية الوقود الواردة إلى القطاع لتكون ملائمة لاحتياجات سوق غزة الفعلية.
دعوات لتجنّب الكارثة
من جانبه، قال رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، علي الحايك، إن "المصانع بالقطاع مهددة بالتوقف وبمزيد من الكوارث والخسائر، بسبب أزمة الوقود المستمرة والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي"، لافتاً إلى أن الوقود أصبح المشغّل الرئيس للمصانع في القطاع بسبب انقطاع الكهرباء لفترات طويلة.
وأكد الحايك، لـ"العربي الجديد"، أن ما تبقى من مصانع يعمل بحدود دنيا، إلا أنها ستتوقف كلياً عن العمل إذا استمرت أزمة الوقود، مشدداً على ضرورة أن تعمل الجهات المعنية على زيادة كميات الوقود الواردة للقطاع لتجنب كارثة وخسائر فادحة ستصيب الاقتصاد الفلسطيني.
وفي تقرير أصدرته في نهاية الربع الأول من العام الجاري، قالت منظمة التعاون الإسلامي، إن 100 مصنع للخياطة والغزل والنسيج قد توقفت عن العمل بشكل كامل جراء أزمة الوقود والكهرباء، الأمر الذي عطّل 1000 عامل عن عملهم.
من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الإسلامية بغزة، محمد القرا، إن "إسرائيل تتعمّد توريد كميات محدودة من المحروقات إلى القطاع لتحافظ على استمرار حالة الأزمة لدى الفلسطينيين لتزيد من معاناتهم".
وأضاف القرا، لـ"العربي الجديد": "إسرائيل معنية بخنق تفاصيل الحياة اليومية في غزة. وتقنين كميات السولار والبنزين وغاز الطهي الواردة عبر معبر كرم أبو سالم، أحد الأساليب الإسرائيلية لتحقيق هذا الخنق"، مشيراً إلى أن المئات من المصانع في غزة تعتمد على الوقود لتشغيل مولدات الكهرباء خلال فترات انقطاع التيار الكهربائي التي تمتد إلى 12 ساعة يومياً.
ومحدودية كميات الوقود التي تصل القطاع، بحسب القرا، ستتسبب بتوقف تلك المصانع وبالتالي انخفاض نسبة الإنتاج وربما زيادة عدد العاطلين عن العمل، وهو ما سيؤثر سلباً على الاقتصاد الفلسطيني، محذراً من أن إغلاق المصانع في غزة بسبب أزمة المحروقات، سيؤدي إلى تكبّد الاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة قد تؤدي إلى انهياره.
وقال إن المطلوب هو أن تضغط السلطة الفلسطينية وحكومة التوافق على إسرائيل لزيادة كمية المحروقات الواردة إلى القطاع، بالإضافة لفتح معبر ناحل عوز الذي كان مخصصاً لتوريد الوقود والغاز قبل أن تغلقه إسرائيل قبل سنوات قليلة بشكل نهائي.