ساهمت الشركات العقارية في المغرب في تراجع حاد لبورصة الدار البيضاء خلال الفترة الماضية، وهو ما يعكس الوضعية الحرجة التي تعاني منها تلك الشركات والتي بدأت في التراجع منذ العام الماضي.
وفقدت أسهم مجموعة "أليانس"، حسب ما كشفت عنه البورصة قبل يومين، 74.63% من قيمتها. ولم تكن شركتا "الضحى" و"إقامات دار السعادة" أحسن حالاً من تلك المجموعة، حيث تراجعت قيمه أسهمهما على التوالي بنسبة 24.34 و10.38% في النصف الأول من العام الجاري.
هذا التراجع الحاد للشركات العقارية الذي انعكس سلبا على بورصة الدار البيضاء، يعزى إلى المشاكل التي عانت منها تلك الشركات على مدار العام الماضي، والتي لم تستطع الحد من تداعياتها في النصف الأول من العام الجاري، كي تقلل من خسائرها.
وحسب محللين بالسوق المالي، يرجع تدهور أداء أغلب الشركات العقارية بالبورصة إلى تباطؤ النشاط العقاري، حيث خسرت مجموعة "أليانس" التي تنفذ مشاريع في المغرب وإفريقيا في العام الماضي فقط، حوالي 100 مليون دولار، مقابل أرباح بحوالي 60 مليون دولار في العام الذي قبله، بل إن رقم معاملات المجموعة تقلص 31%.
ووقعت الشركة في مستنقع المديونية التي وصل إجماليها إلى حوالي 900 مليون دولار في العام الماضي، بزيادة بنسبة 10%، مقارنة بالعام الذي سبقه، ومثلت هذه المديونية 2.5 مرة من رأس مال المجموعة.
وحسب مديرية البحث والتحليل "أوب لاين"، فقد كانت سنة 2014 صعبة على البورصة، التي تقهقرت بنسبة 12.8% مقابل الارتفاع المسجل سنة 2013 والبالغة قيمته 5.7%.
ولم تسلم مجموعة "الضحى" بدورها من هذا الوضع، حيث تراجعت أرباحها بنحو 37%، لتصل إلى حوالي 110 ملايين دولار، حيث تجلى أن المجموعة تعاني من تراجع الطلب، على اعتبار أنها امتلكت في نهاية العام الماضي 11400 شقة غير مبيعة.
اقرأ أيضاً: المغرب يتفادى الفقاعة العقارية بتشجيع الإيجارات
هذه الصورة التي ترسم للمجموعتين الرائدتين في سوق العقار، لم تفلت منها الشركة العقارية العامة، التي ينتظر أن تنسحب من البورصة في الأشهر المقبلة. علماً أن أرباحها تراجعت في العام الماضي بنسبة 79.1 %، ولم تتمكن من تعظيم رقم معاملاتها بفعل تباطؤ تسليم الشقق في الربع الأخير من العام.
وحسب المحللين، فإن الصعوبات التي تواجهها الشركات العقارية مردها إلى تباطؤ القروض الموزعة من قبل القطاع المصرفي، والمشاكل على مستوى الطلب الذي يحظى بضمانات من قبل الدولة من أجل توفير السكن للفئات الفقيرة والمتوسطة.
ويتصور الاقتصادي المغرب، إدريس الفينا، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الشركات العقارية التي تعاني من صعوبات، ناجمة عن تراجع الطلب، لم تبادر إلى خفض الأسعار من أجل تصريف منتجاتها.
ويذهب إلى أن تلك الشركات التي واجهت شح السيولة في العام الماضي، ساهمت في الوضع الذي تعاني منه لأنها تبنت استراتيجية تقوم على تكوين رصيد من الأراضي يغطي حاجياتها لسنوات، بعدما لم تعد المصارف العقارية تبدي حماساً كبيراً في إقراضها كما كانت في السابق.
ويواجه المغرب عجزاً متراكماً في الشقق يصل إلى 450 ألفاً، يضاف إليه الطلب السنوي البالغ 100 ألف شقة.
وانتقد وزير الإسكان، نبيل بنعبد الله، مؤخراً، الشركات العقارية، التي يرى أنها تعودت على هوامش أرباح مرتفعة، ما يفسر تعثر المشاريع التي ترمي إلى توفير السكن للفئات الفقيرة والطبقة المتوسطة، معتبرا أن الدولة لا يمكنها تقديم جميع أنواع العروض السكنية، على اعتبار أن ذلك يتجاوز إمكانياتها. هذا ما يحتم في تصوره الشراكة مع القطاع الخاص.
اقرأ أيضاً: اختبار صناعة الإسمنت في المغرب