لم تعد الطرق التقليدية في التسول تجدي نفعًا في الشارع العراقي، فابتكر المتسولون العديد من الأساليب الجديدة لكسب تعاطف المارة والحصول على المال، وبينها وضع ضمادات طبية على أجساد الأطفال للتسول بهم في التقاطعات المرورية والأسواق التجارية.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر امرأة تحمل طفلا يبلغ من العمر نحو 6 سنوات، وقد وضعت ضمادات حول عنقه وصدره ليكتشف المارة أن الأمر مجرد خدعة بعد أن قام أحدهم بإزالة الضمادات.
يقول صاحب متجر بيع المواد الغذائية، إبراهيم محمود، من أهالي الدورة، لـ"العربي الجديد": "منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس لا ينقطع تردد المتسولين على متجري، كما باقي المتاجر القريبة، فضلا عن وقوفهم في الطرقات، وفي الآونة الأخيرة بدأت ألحظ دخول المتسولين إلى المناطق السكنية وطرق أبواب المنازل، وغالبا ما يتخذ هؤلاء من النازحين ذريعة لكسب التعاطف، لكن الحقيقة أنهم ليسوا نازحين، كما تطلب بعض المتسولات المساعدة لعلاج طفلها الذي يرقد في مستشفى".
وتابع أن "تبقى المشكلة في استغلال الأطفال. هناك من يشتريهم أو يستأجرهم أو يجبرهم على التسول الّذي أصبح ظاهرة في بغداد، وفي جميع المحافظات، إذ باتت مشاهدة عشرات المتسولين يجوبون الشوارع العامة ويدخلون المستشفيات ويقفون على أبواب المدارس والمؤسسات الحكومية والأسواق المكتظة أمرا معتادا، كما أن بعضهم ينتمي إلى عصابات الاتجار بالبشر أو المخدرات".
وقالت الناشطة سولاف المهداوي، إن كثيرا من المتسولين يلجؤون إلى أساليب ملتوية للحصول على المال، بعد أن كان الأمر مقتصرا على من لا يملكون قوت يومهم والفقراء الذين ليس لديهم عمل أو مصدر دخل، "صار التسول مهنة رائجة، خاصة مع غياب القانون، كما أن بعضهم يقوم بعرض خدمات مثل مسح زجاج السيارة في تقاطعات الطرق، أو بيع المناديل والعلكة، وكلها أساليب استجداء بشكل أو بآخر".
وأضافت، "قبل أيام، أوقفتني فتاة عشرينية في المستشفى العام، وطلبت مني مساعدتها بألف دينار، لم يكن يبدو عليها علامات الفقر أو العوز المادي، ومثلها عشرات يقفون في الطرقات أو الأسواق المزدحمة وهذا ما يؤكد أن التسول بات مهنة غرضها التربح، وليس دفع الفقر".
وأكدت المهداوي، لـ"العربي الجديد"، أن "نسبة الفقر في العراق تتجاوز 30 في المائة، لكن هذا لا يعني انتشار هذا العدد من المتسولين، واستفحال الظاهرة. أعتقد أن الأمر متعلق بالرقابة والقوانين غير المفعلة، وندعو إلى ضرورة إيجاد حل للحد من ظاهرة التسول عن طريق التعاون بين منظمات المجتمع المدني والجهات الأمنية والحكومية".
وينص قانون العقوبات العراقي الصادر سنة 1969، على عقاب من يمارس التسول، لكن النصوص غير مفعلة ولا يتم تنفيذها من قبل الأجهزة الأمنية.
من جهته، أكد مستشار وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عمار منعم، في تصريحات صحافية، أنّ الوزارة تعمل جاهدة على مساعدة الفقراء الذين يلجؤون إلى التسول، لكن بعضهم يصرون على مواصلة التسول بدلا من ممارسة ما يتم توفيره لهم من أعمال، موضحا أن خطط الوزارة للقضاء على تلك الظاهرة تتكون من مراحل أهمها التدريب والتأهيل كي يستطيع الشخص إيجاد فرصة عمل لائقة تضمن له كرامة العيش.