أسطورة الجارا اللاتينية ولعبة الموت والحياة

20 يونيو 2014
إنجلترا جرت اذيال الخيبة كعادتها في المونديال (getty)
+ الخط -

"كرة القدم لعبة الغد لذلك يجب علينا أن نحاول استكشاف المستقبل ونصل إلى معادلة جديدة تضمن لنا أداء مختلفاً عن البقية"، هكذا يقول سير ألف رامسي، المدير الفني للفريق الإنجليزي الفائز بكأس العالم لعام 1966. الابتكار نصف النجاح وفي أوقات أخرى يصل إلى مستويات أعلى، لكن الكرة الإنجليزية تعاني من افتقار حاد في الخيال ونقص ملحوظ في الإتيان بأي جديد، لذلك يتكرر الفشل في كل معترك عالمي، بلا أي تغيير .

ليفربول، وسيلة أم غاية؟

من الواضح للجميع أن هودسون مدرب الإنجليز قد حاول استنساخ أسلوب الفريق الأفضل في البطولة المحلية خلال الموسم المنصرم، ليفربول. وحينما سئل براندن رودجرز، مدرب الريدز، بداية السنة الماضية حول الكرة الهجومية التي يريدها، أجاب الرجل بأن فكرة الضغط العالي والاستحواذ الفتّاك وحرمان الخصم من الكرة أمور في غاية الجمال، إنها إستراتيجية الموت في كرة القدم، لكن لن نستطيع الوصول إلى هذه المرحلة في الوقت الراهن.

منتخب إنجلترا قرر اللعب وفقاً لأسلوب الليفر، الحصول على الكرة والتمريرات المميزة، واللعب بأسلوب أقرب إلى السيطرة على منطقة المناورات، لكن في البريمير، زعيم الميرسيسايد طبّق الضغط بوضوح خصوصاً لكن المنتخب الوطني لا يضغط أبداً، لذلك اللعب بدفاع متقدم دون ضغط بمثابة محاولة انتحار مشروعة.

اختيار الأسماء لم يتغير بين مباراتي إيطاليا والأوروغواي، فقط تم تبادل المراكز بين روني وويلباك، الأول يعاني من فترات ركود والآخر يجري داخل الملعب فقط. وضحت الفروقات حينما تم إشراك البدلاء أمثال باركلي وآدم لالانا، ليست العبرة بالجري بل بالذكاء في فهم اللعبة.

الفريق البريطاني يتمركز بشكل كارثي في كل أرجاء الملعب، بمجرد فقدان الكرة، يعود اللاعبون في حركة فردية غريبة إلى الخلف. التحركات بدون الكرة أصل التكتيك الحديث، والفرق العظيمة دائماً تملك هذه الفكرة، اللعب كوحدة واحدة والتعامل مع الكرة وكأنها مهمة في غاية الخطورة. من الممكن أن تلعب بكثافة بالوسط شريطة أن تفتح طريقاً على الأطراف، ومن الوارد أن تنطلق بمساعدة الأجنحة مع حمايتهم بتغطية لاعبي الارتكاز، الكرة تدور في فلك التوازن، والإنجليز أبعد ما يكون عن ذلك.

كرة القدم الأميركية

دراسة كروية تمت في الولايات المتحدة حول قيمة الذكاء في اللعبة وذهبت إلى أهمية صناع اللعب من الخلف في كرة القدم الأميركية المعروفين باسم الكوارتر باكس، وأكدت هذه الدراسة أن هؤلاء الذين يلعبون في هذا المركز يتسمون بذكاء أكبر من بقية زملائهم، لذلك ينطلقون في أرقى المناصب الرياضية والعملية بعد اعتزالهم اللعبة.

وكرة القدم العادية أيضاً تحتاج إلى هذا النوع من الذكاء، إيطاليا تمتلك لاعباً بقيمة بيرلو، يستطيع أن يُحّرك كل الفريق من مكانه. سر قوة برشلونة التاريخية مع جوارديولا ليست في أسماء النجوم بل في تمركز الوسط وقدرة الفريق على تحميل كامل المهارات لقاعدة الارتكاز القوية المتمثلة في بوسكيتس، كذلك فيليب لام الذي ساعد الألمان كثيراً، ومودريتش هذا الموسم مع ريال.

إنجلترا اليوم افتقدت إلى الذكاء التكتيكي خصوصاً في منطقة الوسط، جيرارد يقدم بطولة كارثية في كل شيء، ليس فقط في واجباته الدفاعية ولكن في افتقاد تمريراته إلى العمق الفني وعدم وجود اتصال بينه وبين لاعبي الهجوم. ومع قلة الضغط ونقص الدعم الهجومي من الوسط، ظهر منتخب الأسود الثلاثة وكأنه فريق مدارس، يلعب كرة قدم بدائية .

لعبة الإينشات

هناك أساطير خالدة في القارة اللاتينية، إنها تلك المنطقة التي أنجبت جابرييل جارسيا ماركيز ورائعته عن العزلة الإجبارية التي فرضت على أبناء جلدته، من بين هؤلاء، يظهر هذا الرجل، أوسكار واشنطون تاباريز، صانع أمجاد أوروجواي، والرحالة الجنوبي الذي اكتشف العالم بعد أن فك طلاسم كرة القدم. شخصية عاشت جنون التدريب في كل ملعب ممكن، من أوروبا الى أميركا.

هو مؤسس استراتيجية الـمخلب التي تعرف في الأوساط الكروية باسم  Garra "أو الـ "Claw نسبة الى اللعب القوي الأقرب الى العنف الذي يمتاز به لاعبو الأوروجواي. لياقة عنيفة وضرب من تحت الحزام، مهارات خاصة وأسلوب أقرب الى لعب الشوارع .

وبعد هزيمة الأوروجواي أمام كوستاريكا، وضح بشدة المشاكل التكتيكية التي يعاني منها الفريق، وإصابة سواريز الذي لعب أمام إنجلترا دون كامل لياقته، فإن المنتخب اللاتيني قد فاز بسبب نجاح خطته وقوة روحه الجبّارة أمام ممثل القارة الأوروبية. إنها الجرينتا التي وصفها الكابتن دييجو لوجانو في آخر تدريب للفريق قبل اللقاء قائلاً، كرة القدم لعبة الإينشات، والفاصل بين الفوز والهزيمة كالحد بين الحياة والموت.

يؤكد الكوتش داماتو في رائعة Any Given Sunday، إذا كتب لي الحياة في أي وقت وأي مكان، ذلك لأنني كنت على استعداد للقتال حتى آخر نفس، وللموت من أجل الوصول إلى ذلك الإينش، هذه هي كرة القدم يا سادة، هذه هي الأوروجواي.

المساهمون