منذ نحو خمسة أعوام، ومختلف الأسلحة الفتاكة والمدمّرة تُستخدَم في سورية. لكن التجويع قد يكون السلاح الأشد إيلاماً، بالنسبة إلى السوريين الذين يشاهدون أبناءهم وذويهم يحتضرون أمام أعينهم من جرّاء خواء بطونهم، في ظل الحصار ومنع المواد الغذائية والطبية عنهم. وعلى الرغم من نداءات الاستغاثة الكثيرة التي أطلقت خلال الأعوام السابقة، إلا أن استجابة المنظمات الدولية والإنسانية لها ما زالت في حدودها الدنيا، وهو ما يتسبب في حالات موت يومية فيما يُصنَّف مئات الأطفال وكبار السن في مرحلة الخطر.
مئات من أطفال مدينة الرستن في الريف الحمصي انضموا أخيراً إلى قافلة الجياع في سورية، بسبب انقطاع مادة الحليب، الأمر الذي دفع مكتب "رعاية الطفل والأمومة وذوي الاحتياجات الخاصة" في المدينة، إلى إطلاق نداء استغاثة هو ليس الأول من نوعه، لإنقاذ نحو 1650 طفلاً رضيعاً من الجوع.
وتقول رئيسة المكتب مها أيوب لـ "العربي الجديد": "أطلقنا نداء الاستغاثة لأننا غير قادرين على تأمين الدعم المالي اللازم لشراء الحليب". تضيف أن "المكتب يوزع على الأطفال المسجلين لديه علبة حليب أسبوعياً لمن هم دون الستة أشهر، وعلبة حليب مرة كل أسبوعيَن لمن هم بين 6 و12 شهراً. وهي أقل من نصف حاجة الأطفال الحقيقية".
وتشير أيوب إلى أن "الأمهات بأكثريتهن غير قادرات على إرضاع أطفالهن، بسبب الخوف الذي يتعرضن له، مع القصف الدائم والموت المتواصل، بالإضافة إلى سوء التغذية". وتوضح أن "المكتب لا يتلقى الدعم من أي منظمة دولية أو إنسانية، على الرغم من أننا حاولنا مرات كثيرة. بالتالي، فإن المورد الوحيد لتأمين حليب الأطفال هو المتبرعون بصفتهم الشخصية". ولأن هذه التبرعات ليست مستقرة ولا منتظمة، فإنهم يعانون أحياناً من العجز. وتشدّد أيوب هنا على "خطورة الوضع. الأطفال معرضون دائماً لخطر فقدان الحليب، ما يجعلهم بالتالي عرضة للإصابة بالتجفاف وسوء التغذية".
تتراوح حاجة المكتب شهرياً وفق أيوب إلى "ما بين ثمانية ملايين ليرة سورية وعشرة ملايين ليرة، بحسب نوع الحليب". وهو ما يدعوها إلى "مناشدة المنظمات الدولية والمؤسسات الإنسانية، بالوقوف إلى جانب أطفال سورية ونسائها الذين يدفعون ضريبة حرب شعواء لا ذنب لهم فيها، فيخسرون أبسط حقوقهم في الحياة الآمنة والتعليم والصحة على سبيل المثال". وتحذّر من كارثة إنسانية جديدة قد يسقط ضحيتها أطفال الرستن بسبب سوء التغذية.