على غير العادة، استيقظ الطفل مصعب سليم، عند الساعة الثامنة صباحاً، قاصداً مرفأ الصيادين، غرب مدينة غزة، ليس للتنزه مع أفراد عائلته بعيداً عن الأجواء الحارة، إنما من أجل المشاركة في إلقاء عشرات البالونات الملونة، في عرض البحر، والتي كتب عليها رسائل تنشد الحرية والأمان.
واستقل الطفل مصعب (13 عاماً) برفقة أكثر من 200 طفل، قوارب صغيرة الحجم، ألقوا من خلالها رسائلهم التي تحمل بين طياتها أحلام أطفال غيبها بطش الاحتلال الإسرائيلي، نتيجة حروب واعتداءات عسكرية ما تلبث أن تهدأ حتى تعود من جديد أكثر بشاعة وقسوة.
وتنوعت مضامين رسائل الأطفال ما بين المطالبة بالحرية وفك الحصار عن قطاع غزة، المفروض منذ قرابة تسع سنوات، وبين مناشدة مؤسسات حقوق الإنسان بتوفير الحماية لهم، مستنكرين جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق الأطفال والتي كان آخرها حرق الرضيع على دوابشه، بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
اقرأ أيضاً: حرق الرضيع دوابشة يجدد أحزان حرق أبو خضير
وبين سليم لـ "العربي الجديد" وهو يرنو ببصره نحو أمواج تلاطمت فقراً وألماً، أنه خلال الصيف الماضي لم يتمكن من الوصول إلى البحر بسبب الحرب الإسرائيلية وخوفه من استهداف زوارق الاحتلال لعائلته، مثلما حدث مع أطفال عائلة بكر خلال الحرب الأخيرة.
ورفع الأطفال وهم على متن القوارب، لافتات كتب عليها باللغتين العربية والإنجليزية، عبارات تتوافق مع مطالبهم وأحلامهم المسلوبة، مثل: "نحن أطفال ولسنا وقودا للحرق"، "أين العالم من حقوق أطفال غزة وفلسطين"، "نعم للحرية والأمن والسلام"، "أنا طفل من حقي أن أعيش".
وقبل أن تطلق الطفلة نور قاسم (11 عاماً) البالون الذي تمسكه بيدها، خطت أناملها عليه كلمات صغيرة تعبر فيها عن خوفها من الاحتلال وأحلامها بالعيش بهدوء دون قصف أو قتل، علّها تجد صدى لدى أحرار العالم، الذين يقفون شهوداً على جرائم إسرائيل بحق الطفولة المهدورة في غزة، مضيفة لـ "العربي الجديد": "على العالم أن يعرف أن في غزة بشرا وأطفالا يحبون الحياة، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يحاصرهم من كل الجهات ويخنقهم حتى الموت".
اقرأ أيضاً: أطفال غزة...كوابيس وخوف واضطراب بعد عدوان إسرائيل
بدوره، ذكر منسق الفعالية في مركز نوار التربوي يوسف ظاهر، أنّ العديد من الاعتداءات الإسرائيلية خلال السنوات الماضية استهدفت بشكل مباشر ومتعمد الطفل الفلسطيني، ورغم ذلك لم يتحرك المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان من أجل وقف انتهاكات الاحتلال، وإعطاء الطفل المتطلبات الأساسية في الحياة.
وأضاف ظاهر لـ "العربي الجديد": "كافة الأطفال المشاركين في الوقفة الاحتجاجية، عاشوا خلال صيف العام الماضي 2014، في ظروف حياتية قاسية لا يتحملها الكبار، بسبب الحرب الأخيرة، ونتيجة لذلك فقد بعضهم أحد أفراد عائلته أو هدم بيته أو قتل والده".
وأوضح أن الأطفال يسعون اليوم إلى إيصال رسالة إلى أحرار العالم كافة وكل دولة تهتم بحقوق الإنسان والطفولة، مفادها أن الطفل الفلسطيني في غزة يريد الحرية والأمان بعيداً عن القتل والحصار المشدد، من البر والبحر.
اقرأ أيضاً: أطفال غزة ينشدون الفرح في عطلتهم الصيفية