ضجّت قاعة رشاد الشوا وسط مدينة غزة بأصوات الأطفال المتفاعلين مع مهرجان "الفرح والمرح"، الذي نُظم تفريغًا عنهم، وسط الأزمات المستمرة التي تصدّع رؤوس نحو مليوني مواطن يقطنون القطاع المحاصر.
وتفاعل الأطفال بكل حواسهم مع فقرات المهرجان، الأمر الذي بيّن مدى حاجتهم للتفريغ عن نفسياتهم المكبوتة بُؤسًا، وسط واقع صعب يضرب الصغار في غزة قبل الكبار.
تفريغ الأطفال عن أنفسهم وارتفاع صوتهم، جاء خلال المهرجان الذي نظمه مركز إسعاد الطفولة التابع لبلدية غزة، اليوم الثلاثاء، مستهدفًا الأطفال من المدارس الابتدائية والإعدادية بالقطاع، متضمنًا فقرات متنوعة من العروض الترفيهية التي لاقت تفاعلاً صاخبًا من الأطفال المُعذبين في غزة المحاصرة.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه الأزمات المتعددة تضرب كيان القطاع المحاصر إسرائيليًا، وتُذهب الحياة عن نفوس ساكنيه، وتُغلق قوت يومهم الهشّ، وتشمل القطاعات المختلفة من الصحة والخدمات، عدا عن مشكلة الكهرباء المُلازمة للغزّيين، جاء أطفال غزة وأمهاتهم إلى المهرجان هربًا من جدران البيوت التي تسكنها العذابات.
وتنوعت العروض ما بين السيرك والتهريج والدبكة الفلسطينية وألعاب الخفة، في وقت هدأ فيه الأطفال قليلا واستمتعوا بعرض الليونة الذي قدمته الطفلة أريج أيوب. وقالت لـ"العربي الجديد": "إحنا مبسوطين كتير اليوم، لما بنرجع من المدرسة عالبيت فش كهرباء، ومبسوطة إنو الأطفال صفقوا إلي بعد ما عملت العرض".
تلك الكلمات البريئة تتشابه مع ردود فعل الأطفال الآخرين بالمهرجان، الذين جلسوا يُناظرون العرض وسط التصفيق الذي قطعته مرة رقصة أداها الأطفال على أنغام الدّحية البدوية، وأخرى عندما ألقت الطفلة، ضحى صرف، أبياتاً من الشعر الفلسطيني.
والدة ضحى بيّنت لـ"العربي الجديد" حاجة الأطفال الفلسطينيين لمثل هذه المهرجانات الترفيهية وسط المشاكل التي يعاني منها قطاع غزة، مؤكدةً أن الصغار لا ذنب لهم للعيش وسط تلك الأزمات، دون الحصول على أدنى حقوقهم بالتعليم المستمر واللعب والترفيه ومتطلبات الحياة كلها.
وأوضح مدير عام الشؤون الثقافية والمراكز في بلدية غزة، عماد صيام، في كلمته بالفعالية، أن المهرجان يأتي في إطار إدخال السرور والبهجة إلى نفوس الأطفال الساكنين بالقطاع المحاصر، والذين يعانون الويلات مع تداعيات الحصار الإسرائيلي المطبق منذ 12 عامًا.
ومنذ الربع الثاني من العام الأخير، تعاني غزة من أزمات عدة تتزايد حدتها مع الأسابيع الأخيرة من العام الجديد، لم تقف عند الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع، بدأت بعقوبات فرضتها السلطة الفلسطينية ضد غزة، أثرت على جيوب الفلسطينيين واقتصاد المدينة، ووصلت أخيرًا إلى إغلاق مستشفيات صحية في إثر أزمة الكهرباء المستمرة.