باردٌ الهواء في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة. لا تكترث الطفلة إيمان حسنين (6 أعوام) لهذا البرد. يشغل بالها إيجاد معطفها الشتوي بين ركام المنزل المتناثر في المكان. ولا تفلح محاولات أمها بإقناعها أن معطفها الوردي الأنيق وكافة ملابسها الشتوية، قد تمزقت بفعل القصف الإسرائيلي خلال العدوان الأخير على القطاع، وتلاشت بين أنقاض البيت المكون من ثلاثة طوابق.
تقول الأم هبة إنه "مع قدوم فصل الشتاء، صارت صغيرتها إيمان تبكي. لم تعد تغادر المنزل المقصوف وهي تبحث عن ردائها الشتوي". تضيف:"ما زالت مقتنعة أنه يمكنها ارتداء معطفها مجدداً. وعدتها بشراء معطف جديد، لكنها تظل تبكي وتصرخ بأنها تريد معطفها".
من جهته، يقول رفعت نجار (45 عاماً) إن "فصل الشتاء يأتي ثقيلاً وقاسياً هذا العام"، وهو يُراقب أطفاله الخمسة الذين أضحوا بلا ملابس شتوية. يتخذ من إحدى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مأوىً له ولعائلته (11 فرداً). يُضيف بحسرة: "كان يجمعنا بيت دافئ. ما إن تمطر السماء حتى يلبس الصغار معاطفهم، ويجلسوا قرب المدفأة ويحتسوا الشاي. تلاشى كل شيء اليوم، ولم يعد يرافقنا سوى البرد".
وقرب أحد البيوت المُدمرة، انشغل الطفل محمد حسان (11 عاماً) في البحث عن حذائه الشتوي، فيما اصطف أصدقاؤه بقربه دون أحذية أو ملابس شتوية. يقول: "بدي (أريد) أطلع (أقوم بإخراج) كل أواعينا (جميع ملابسنا) الشتوية، بدي بوتي (حذائي)". فيما يؤكد والده عمران (39 عاماً)، أنّه لم يستطع انتشال الملابس والمستلزمات الشتوية، وبقيت جميعها تحت أنقاض بيته المدمر. يتابع وهو يضرب كفاً بآخر: "لا أدري كيف سنتدبر أمرنا. اشترت زوجتي، بعد انتهاء الشتاء الماضي، الكثير من الملابس الشتوية لأبنائي (سبعة)، مستفيدة من التخفيضات. لكنها لم تتصور أن يذهب جميع ما اقتنت تحت الأنقاض والركام".
من جهته، يقول الخمسيني سمير أسعد، الذي لا يعرف كيف سيمضي أحفاده هذه الأيام من دون ملابس شتوية، إن "الأطفال يشعرون بالبرد الشديد، والأغطية التي تمنحها الجمعيات الخيرية لا تكفي، وجميع العائلات المُشردة تخشى أن يضرب غزة منخفض جوي كما حدث العام الماضي".