حياة اليمنيّين الذين تركوا بلادهم لأسباب عدّة، منها الحرب، لا يعيشون حياةً مستقرة بالضرورة. وفي ماليزيا، يواجه الطلاب المبتعثون الذين اصطحبوا أبناءهم معهم، صعوبة في إلحاقهم في المدارس، ليبقى مستقبلهم مجهولاً
هذا العام، يواجه يمنيّون مقيمون في الخارج بسبب الحرب، لا سيما في ماليزيا، مشاكل قد تمنع دخول صغارهم إلى المدرسة، بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة، في وقت ما زالت حكومتا بلادهم تعاني انهياراً اقتصادياً شبه تام. ويختار اليمنيون المهاجرون هرباً من حروب بلادهم ماليزيا، بسبب التسهيلات للوصول إليها، ووجود مجمّعات سكنية يمنية، وقبول الحكومة والشعب الماليزي.
ويعتقد اليمنيّون الذين يعانون من الحرب أنّ المهاجرين في الخارج يعيشون حياة جيّدة، ويجهلون أنّه لم يعد في إمكانهم إدخال أطفالهم إلى المدارس بسبب انقطاع التحويلات المالية أو المعونات الحكومية إليهم.
سيّدة الشرعبي، مبتعثة من جامعة "تعز" في برنامج الدكتوراه في الرياضيات في إحدى جامعات ماليزيا، اضطرت إلى اصطحاب ابنتها رفيف (9 سنوات) وابنها إياد (6 سنوات) معها بسبب الحرب، لكن يصعب عليها تسجيلهما في مدرسة يمنية خاصة في منطقة سيردانج في العاصمة كوالالمبور. تقول لـ "العربي الجديد": "جئتُ إلى هنا للدراسة والتحصيل العلمي، لكنّني عالقة بين مطرقة الغربة وسندان عجز الحكومة عن توفير أدنى سبل العيش وتعليم طفلَيّ، ما اضطرني إلى البحث عن عمل لتسديد بدل إيجار المنزل ورعايتهما".
عاشت لحظات من الخوف والرجاء والقلق بداية هذا العام، خلال تسجيل طفليها في مدرسة يمنية شبه مجانية، يفترض أنها مدعومة من مؤسسة خيرية. وبعد مراوغة طويلة، وتخفيض نسبة 60 في المائة من القسط، طلبت المدرسة منها 4000 رنجيت (ألف دولار) لنصف عام فقط لكل طفل، عدا عن قيمة الكتب والزي والباص وغيرها.
اقــرأ أيضاً
سيّدة لا تريد تمويلاً لدعم طفليها، لكنّها تطالب حكومتها بإعطائها مستحقاتها الأكاديميّة التي حرمت منها للشهر السادس على التوالي، علّها تتفرّغ قليلاً لما جاءت من أجله. "لم يرغب طفلاي في السفر إلى جزر المالديف، بل البقاء مع زملائهم في المدرسة. من غير المنطقي أن أعود بشهادة دكتوراه لدعم تعليم أبناء بلادي، ويعود طفلاي إلى الوطن من دون تعليم".
يشار إلى أنّ المفوضيّة الساميّة للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين تقدّم خدمات مجانيّة للتعليم، يستفيد منها بعض اليمنيّين في كوالالمبور. إلّا أن العدد ليس كبيراً بسبب قلّة عدد المدارس من جهة، وتشتت اليمنيين في هذه المدينة الواسعة من جهة أخرى. في العاصمة مدرسة يمنيّة أخرى رسومها معقولة، لكنها تبعد عن مناطق تركّز معظم اليمنيين.
وتفاقمت مشكلة تعليم أبناء اليمنيّين المقيمين في ماليزيا منذ منتصف عام 2015، مع توافد عدد كبير من اليمنيين إليها بسبب الحرب. ومن بين النازحين تجار وأصحاب أعمال خرجوا من بلادهم حاملين أموالهم بحثاً عن فرص استثمارية لتأسيس مدارس خاصة باللغة العربية، إلّا أنهم رفعوا رسوم التعليم، ما جعل المدارس الخيريّة تتحوّل إلى النشاط الاستثماري ذي الرسوم المرتفعة.
هذا الواقع اضطر عددا من اليمنيّين إلى تعليم أبنائهم في المنازل، ما حرمهم من التعلّم في جو مدرسي، والاستفادة من وسائل التعليم الحديثة، والزيارات الميدانية. ولا يكادُ التلاميذ يلتقون إلّا في الامتحانات، ما يشير إلى أن هؤلاء الأطفال يعيشون ظروفاً نفسية واجتماعية صعبة للغاية، وهم محرومون من حقوقهم الحياتية والتعليم على غرار أطفال آخرين، إضافة إلى انعزالهم في المنزل طويلاً بحكم الغربة والظروف الاقتصادية الصعبة.
وقلَّصت المدارس اليمنيّة في ماليزيا عدد أبناء الطلاب اليمنيّين المقبولين مع تخفيض أو مدعومة. ويقول الطالب اليمني في العاصمة الماليزية عبد العزيز منصور الريمي، إنّه حصل على تخفيض في إحدى المدارس، لافتاً إلى أنّه "محظوظ" بتخفيض لم تمنحه المدرسة لأبناء عدد من أقرانه. مع ذلك، لم يتمكّن أطفاله من الذهاب إلى المدرسة لأنّ إدارتها رفضت تسليم الزي والكتب إلّا بعد دفع نحو 500 دولار. "حاولت أن أشرح لهم ظروفي، وقد مضى خمسة أشهر من دون أن أحصل على مستحقاتي". يضيف أن "السفارة والملحقية الثقافية لبلاده تتهربان دوماً من الاستجابة إلى شكاوى طلابها. نحن الأكاديميّون أنفسنا محرومون الآن من الدراسة بسبب عدم حصولنا على أموال الابتعاث العام الماضي. وفي الوقت الحالي، توقفت الجامعات عن تسجيل الطلاب اليمنيّين".
بعد مرور عام على الحرب في اليمن، لم تستطع الحكومة الشرعية سوى دفع أجزاء من المستحقات في أوقات متأخرة للغاية، ما أدى إلى إحراج عائلات كثيرة وحرمانها من السكن والتعليم، في حين أن الانقلابيين لم يقدموا أي دعم للمبتعثين.
ويعيش في ماليزيا الكثير من الطلاب الأكاديميين مع أسرهم وأطفالهم، متكلين جميعاً على مخصصات منحهم التي بالكاد تغطي نفقات الدراسة.
اقــرأ أيضاً
هذا العام، يواجه يمنيّون مقيمون في الخارج بسبب الحرب، لا سيما في ماليزيا، مشاكل قد تمنع دخول صغارهم إلى المدرسة، بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة، في وقت ما زالت حكومتا بلادهم تعاني انهياراً اقتصادياً شبه تام. ويختار اليمنيون المهاجرون هرباً من حروب بلادهم ماليزيا، بسبب التسهيلات للوصول إليها، ووجود مجمّعات سكنية يمنية، وقبول الحكومة والشعب الماليزي.
ويعتقد اليمنيّون الذين يعانون من الحرب أنّ المهاجرين في الخارج يعيشون حياة جيّدة، ويجهلون أنّه لم يعد في إمكانهم إدخال أطفالهم إلى المدارس بسبب انقطاع التحويلات المالية أو المعونات الحكومية إليهم.
سيّدة الشرعبي، مبتعثة من جامعة "تعز" في برنامج الدكتوراه في الرياضيات في إحدى جامعات ماليزيا، اضطرت إلى اصطحاب ابنتها رفيف (9 سنوات) وابنها إياد (6 سنوات) معها بسبب الحرب، لكن يصعب عليها تسجيلهما في مدرسة يمنية خاصة في منطقة سيردانج في العاصمة كوالالمبور. تقول لـ "العربي الجديد": "جئتُ إلى هنا للدراسة والتحصيل العلمي، لكنّني عالقة بين مطرقة الغربة وسندان عجز الحكومة عن توفير أدنى سبل العيش وتعليم طفلَيّ، ما اضطرني إلى البحث عن عمل لتسديد بدل إيجار المنزل ورعايتهما".
عاشت لحظات من الخوف والرجاء والقلق بداية هذا العام، خلال تسجيل طفليها في مدرسة يمنية شبه مجانية، يفترض أنها مدعومة من مؤسسة خيرية. وبعد مراوغة طويلة، وتخفيض نسبة 60 في المائة من القسط، طلبت المدرسة منها 4000 رنجيت (ألف دولار) لنصف عام فقط لكل طفل، عدا عن قيمة الكتب والزي والباص وغيرها.
سيّدة لا تريد تمويلاً لدعم طفليها، لكنّها تطالب حكومتها بإعطائها مستحقاتها الأكاديميّة التي حرمت منها للشهر السادس على التوالي، علّها تتفرّغ قليلاً لما جاءت من أجله. "لم يرغب طفلاي في السفر إلى جزر المالديف، بل البقاء مع زملائهم في المدرسة. من غير المنطقي أن أعود بشهادة دكتوراه لدعم تعليم أبناء بلادي، ويعود طفلاي إلى الوطن من دون تعليم".
يشار إلى أنّ المفوضيّة الساميّة للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين تقدّم خدمات مجانيّة للتعليم، يستفيد منها بعض اليمنيّين في كوالالمبور. إلّا أن العدد ليس كبيراً بسبب قلّة عدد المدارس من جهة، وتشتت اليمنيين في هذه المدينة الواسعة من جهة أخرى. في العاصمة مدرسة يمنيّة أخرى رسومها معقولة، لكنها تبعد عن مناطق تركّز معظم اليمنيين.
وتفاقمت مشكلة تعليم أبناء اليمنيّين المقيمين في ماليزيا منذ منتصف عام 2015، مع توافد عدد كبير من اليمنيين إليها بسبب الحرب. ومن بين النازحين تجار وأصحاب أعمال خرجوا من بلادهم حاملين أموالهم بحثاً عن فرص استثمارية لتأسيس مدارس خاصة باللغة العربية، إلّا أنهم رفعوا رسوم التعليم، ما جعل المدارس الخيريّة تتحوّل إلى النشاط الاستثماري ذي الرسوم المرتفعة.
هذا الواقع اضطر عددا من اليمنيّين إلى تعليم أبنائهم في المنازل، ما حرمهم من التعلّم في جو مدرسي، والاستفادة من وسائل التعليم الحديثة، والزيارات الميدانية. ولا يكادُ التلاميذ يلتقون إلّا في الامتحانات، ما يشير إلى أن هؤلاء الأطفال يعيشون ظروفاً نفسية واجتماعية صعبة للغاية، وهم محرومون من حقوقهم الحياتية والتعليم على غرار أطفال آخرين، إضافة إلى انعزالهم في المنزل طويلاً بحكم الغربة والظروف الاقتصادية الصعبة.
وقلَّصت المدارس اليمنيّة في ماليزيا عدد أبناء الطلاب اليمنيّين المقبولين مع تخفيض أو مدعومة. ويقول الطالب اليمني في العاصمة الماليزية عبد العزيز منصور الريمي، إنّه حصل على تخفيض في إحدى المدارس، لافتاً إلى أنّه "محظوظ" بتخفيض لم تمنحه المدرسة لأبناء عدد من أقرانه. مع ذلك، لم يتمكّن أطفاله من الذهاب إلى المدرسة لأنّ إدارتها رفضت تسليم الزي والكتب إلّا بعد دفع نحو 500 دولار. "حاولت أن أشرح لهم ظروفي، وقد مضى خمسة أشهر من دون أن أحصل على مستحقاتي". يضيف أن "السفارة والملحقية الثقافية لبلاده تتهربان دوماً من الاستجابة إلى شكاوى طلابها. نحن الأكاديميّون أنفسنا محرومون الآن من الدراسة بسبب عدم حصولنا على أموال الابتعاث العام الماضي. وفي الوقت الحالي، توقفت الجامعات عن تسجيل الطلاب اليمنيّين".
بعد مرور عام على الحرب في اليمن، لم تستطع الحكومة الشرعية سوى دفع أجزاء من المستحقات في أوقات متأخرة للغاية، ما أدى إلى إحراج عائلات كثيرة وحرمانها من السكن والتعليم، في حين أن الانقلابيين لم يقدموا أي دعم للمبتعثين.
ويعيش في ماليزيا الكثير من الطلاب الأكاديميين مع أسرهم وأطفالهم، متكلين جميعاً على مخصصات منحهم التي بالكاد تغطي نفقات الدراسة.