ووصل أفورقي ظهر اليوم إلى مطار القاهرة، في أول زيارة بعد إبرام اتفاقية سلام مع إثيوبيا في سبتمبر/أيلول الماضي، وكذلك بعد اللقاء الثلاثي الذي جمع بينه وبين رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفيه أعلن الزعماء الثلاثة اتفاقهم على إحلال السلام في القرن الأفريقي.
وقبل يومين، قالت مصادر حكومية مصرية إن وزارة الكهرباء أنهت استعداداتها بشكل عاجل بناءً على تعليمات رئاسية، لبدء تشغيل مشروع الربط الكهربائي مع السودان.
وبحسب مصادر سياسية مصرية رفيعة المستوى، فإن القرار المصري بسرعة الانتهاء من المشروع يأتي ضمن اتفاقٍ أوسع، يشمل قرارات سودانية مرتقبة بشأن العلاقات السودانية الإثيوبية، من شأنها العمل على فكّ الارتباط بين الجانبين، بشكل يمكن القاهرة من أوراق ضغط قوية في ملف أزمة سدّ النهضة الإثيوبي، في ظل التجاهل الذي تمارسه الحكومة الإثيوبية إزاء المطالب المصرية.
ونهاية مايو/أيار الماضي، زار عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، مصر، حيث التقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في زيارة استغرقت ساعات عدة، أكد خلالها السيسي دعمه للخرطوم.
وكانت مصادر دبلوماسية سودانية في القاهرة قد قالت، لـ"العربي الجديد"، قبل أيام، إن البدء في عملية فضّ اعتصام القيادة العامة في الخرطوم، جاء بعد تشاور وضوء أخضر خليجي، متمثل في كل من الإمارات والسعودية، ودعمٍ مصري.
وعلقت مصادر سياسية مصرية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، بأن هناك توجهاً عاماً لدى القيادة المصرية، يتبلور نحو المضي قدماً في دعم "مجلس البرهان"، في إشارة إلى المجلس العسكري السوداني، برئاسة الجنرال عبد الفتاح البرهان، انطلاقاً من أن "الاستثمار" فيه، وفي ظلّ وضعٍ دولي لا يتسم بالحزم تجاه قمع وقتل المحتجين المعتصمين في الخرطوم، يمكن أن ينعكس إيجاباً على الوضع الداخلي في مصر، ومعالجة معضلات سياسية واقتصادية كبرى، في مقدمها قضية سدّ النهضة الإثيوبي، ومن هنا يمكن تفسير قرار السيسي بدعم السودان بالكهرباء، وكذلك زيادة التنسيق الأمني لحلّ قضية النزاع الحدودي على مثلث حلايب وشلاتين حلاً جذرياً، أو على الأقل تبريد الملف تماماً.
وفي منتصف عام 2015، اتفق السودان وإثيوبيا على التعاون الكامل في إدارة الموارد المائية المشتركة العابرة للحدود، واستمرار المشاركة البناءة، وتبادل البيانات والمعلومات المهمة لإدارة الموارد المائية في كلا البلدين. كما وقّعت وزارتا الدفاع في البلدين، في وقت سابق، بروتوكول نشر القوات المشتركة على الحدود بينهما، يتيح تشكيل قوة للدفاع عن سدّ النهضة في حال تعرّضه لأي أخطار خارجية.
وشكّل استغلال مياه نهر النيل مصدراً للخلافات بين مصر والسودان وإثيوبيا، حيث ينبع النهر من إثيوبيا ويمر بالسودان وينتهي في مصر. وظلّت العلاقات المصرية - السودانية متوترة، بسبب اتخاذ الخرطوم موقفاً موحداً مع أديس أبابا في مواجهة القاهرة، قبل أن يتمكن النظام المصري من اختراق ذلك التحالف ضده، نهاية عهد الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير.
وبدأت إثيوبيا في عام 2012 بناء سد النهضة، في مشروع تبلغ كلفته أربعة مليارات دولار، وبسعة تصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه.
ويثير السد، الذي يقام على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، جدالاً، حيث تؤكد القاهرة أن السد سيضر بحصة مصر من مياه النيل، والتي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه، في وقت ترفض فيه إثيوبيا الاستجابة للمخاوف المصرية وزيادة عدد سنوات ملء خزان السد بشكل يخفض الخسائر المصرية الناجمة عن عملية الملء هذه، وهو ما ترفضه أديس أبابا التي تؤكد عدم صحة المخاوف المصرية.