06 فبراير 2018
أفيون سوتشي
يمان دابقي (سورية)
ثمَّة مراوغة مفضوحة، تمضي بها موسكو بلا أدنى اعتبار لإرادة السوريين وعزيمتهم، وهي على عجل تحسب أنها منفردة بالحل أو التسوية السورية، وكأن الأمر استحكم لها بعيداً عن حسابات الدول الإقليمية المنافسة لها وردات فعلها، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية.
عقب إفشال موسكو جولة جنيف 8، أعلنت عن موعد مؤتمر سوتشي المتعدد بالتسميات والمختلف بالأهداف، وأرسلت البطاقات لأكثر من 1500 شخصية معظمهم من صلب أجهزة البعث والمخابرات في أكاديمية الأسد. وحسب التسريبات، فإن "سوتشي" سينتج عنه لجنة قوامها 21 شخص سيوقع عليها بشارالأسد، سيعقبها ذهاب اللجنة إلى عقد مؤتمرها الأول في جنيف تحت مظلة الأمم المتحدة، بهدف نزع شرعية أولى، وستختص هذه اللجنة، بموافقة بشار وبوتين بالبحث في تعديلات دستور 2012، تمهيداً لتحديد انتخابات برلمانية ورئاسية، تكفل بقاء الأسد وتكرس المصالحة الوطنية.
سينفذ ذلك بالتوازي مع عقد جولة جنيف 9، وستضغط موسكو على وفد النظام للدخول بمفاوضات مباشرة مع المعارضة، لبحث سلتي الدستور والانتخابات، بغية انتزاع شرعية ثانية، ووصل مخرجات سوتشي بقرار مجلس الأمن 2254.
وعند الحديث عن قرار 2254 فنحن هنا بصدد متاهة في تعدّد التفسيرات الإقليمية له، مع العلم أنّ القرار واضح، ولا لغط فيه، وجوهره تحقيق بنود جنيف1 للانتقال السياسي بدون الأسد وإطلاق سراح المعتقلين وعودة المهجّرين وتعزيز دور المرأة وفك الحصار عن المناطق المحاصرة، يليه دستور سوري جديد، وانتخابات برلمانية ورئاسية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية الممتدة من ستة أشهر إلى عام ونصف العام، وهذا بالظاهر يبدو، بحسب الرؤية الروسية، أن ما يكتب على الورق يبقى على الورق.
وبالفعل، أثبتت روسيا أنّ صراحتها التي وصلت إلى حد المجاهرة بالوقاحة هي ميتافيزيقيا العصر الحديث التي لا يمكن للعقلية السورية تفسيرها، على اعتبار أنّ عقولنا حتى اليوم لم تُدرك معنى الواقعية السياسية التي صدّعت رؤوسنا بها، وكأنها تقول لنا: متى تفهمون أنّ روسيا تعمل لنصرتكم ولوحدة أرضكم؟
وإن كنا بالفعل غير مدركين لتأويل الكلام بالعقلية الروسية، فهذا المبعوث الروسي لافرنتييف قدم لنا الوضوح على طبق من ذهب، وقالها علنا إنّ "سوتشي" ليس مكانا لمن يطالب برحيل الأسد، بمعنى أنّ هذا الحوار اللاوطني هو المكان المخصص لكل شخص معارض للأسد بات يقبل بالأسد من باب الواقعية السياسية، وإن كل شخص ما زال متمسكا بالأسد فإن سوتشي ليست المكان المناسب له.
بشكل بديهي، يذكرنا هذا الكلام بالذريعة المشتركة لكل من واشنطن وموسكو بأن الشعب السوري هو من يقرّر مصيره ومصير الأسد.
أمام هذا الوضوح، لم يعد يخفى على أحد أهداف "سوتشي" أكثر مما هي واضحة، من سحب البساط من جنيف ووأد بيان الرياض 2 ونسف كامل للمرحلة الانتقالية ورمي سلل دي ميستورا الأربع بسلة مهملات واحدة، يتفرّع منها شقان، إصلاحات شكلية وهمية لدستور 2012 وإجراء انتخابات برلمانية رئاسية، تمنح بشار الأسد ولاية إضافية من باب الترشح والانتخابات.
حقيقة سوتشي هو دق إسفين أخير لطموح السوريين وأحلامهم، وسط لامبالاة أخلاقية وسياسية كاملة من واشنطن التي لا يعنيها مطلقاً ما يحل بالسوريين من ويلات وكوراث، وهي اليوم لا تركز إلا على سياسة واحدة، مفادها الحفاظ على قواعدها في شمال سورية وشرقها، عبر ذراعها قوات سوريا الديمقراطية، المتأهبة لاستلام دفعة الأسلحة الجديدة مطلع العام 2018 بقيمة 400 مليون دولار من عتاد وأسلحة مطلع العام المقبل، متنصلة بذلك من كل وعودها لتركيا.
أما روسيا، ولأنها متوقعة رفض جماعيا سوريا لمؤتمر سوتشي، فقد أرسلت رسائل تهديدية بارتكاب مجازر في ريفي حماه وإدلب. وكعادتها، هي تريد إخضاع الجميع لأغراضها، وتوقيع صك استسلام أخير في سوتشي على غرار سيناريو غروزني في الشيشان، وهي تظن أنّ سيناريو حلب كان المدخل للتسوية السياسية الروسية ونقطة الارتكاز هي حميميم.
وليس أخيراً، وبعد رفض عارم من غالبية السوريين لسوتشي، وأكثر من 40 فصيل، تبقى الآمال معلقة على شرفاء المعارضة لتحديد موقف نهائي، لكن ليس فقط عبر المقاطعة والتنديد.
وكحال كل السوريين، ننتظر خطوة معاكسة في الميدان، تنسف "سوتشي" ومن عليها، وقد يكون نسف اتفاق خفض التصعيد وخوض حرب عصابات الحل الأخير أمام السوريين، بعد أن حدد بوتين مهمته في 2018 بقتال تحرير الشام في إدلب.
عقب إفشال موسكو جولة جنيف 8، أعلنت عن موعد مؤتمر سوتشي المتعدد بالتسميات والمختلف بالأهداف، وأرسلت البطاقات لأكثر من 1500 شخصية معظمهم من صلب أجهزة البعث والمخابرات في أكاديمية الأسد. وحسب التسريبات، فإن "سوتشي" سينتج عنه لجنة قوامها 21 شخص سيوقع عليها بشارالأسد، سيعقبها ذهاب اللجنة إلى عقد مؤتمرها الأول في جنيف تحت مظلة الأمم المتحدة، بهدف نزع شرعية أولى، وستختص هذه اللجنة، بموافقة بشار وبوتين بالبحث في تعديلات دستور 2012، تمهيداً لتحديد انتخابات برلمانية ورئاسية، تكفل بقاء الأسد وتكرس المصالحة الوطنية.
سينفذ ذلك بالتوازي مع عقد جولة جنيف 9، وستضغط موسكو على وفد النظام للدخول بمفاوضات مباشرة مع المعارضة، لبحث سلتي الدستور والانتخابات، بغية انتزاع شرعية ثانية، ووصل مخرجات سوتشي بقرار مجلس الأمن 2254.
وعند الحديث عن قرار 2254 فنحن هنا بصدد متاهة في تعدّد التفسيرات الإقليمية له، مع العلم أنّ القرار واضح، ولا لغط فيه، وجوهره تحقيق بنود جنيف1 للانتقال السياسي بدون الأسد وإطلاق سراح المعتقلين وعودة المهجّرين وتعزيز دور المرأة وفك الحصار عن المناطق المحاصرة، يليه دستور سوري جديد، وانتخابات برلمانية ورئاسية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية الممتدة من ستة أشهر إلى عام ونصف العام، وهذا بالظاهر يبدو، بحسب الرؤية الروسية، أن ما يكتب على الورق يبقى على الورق.
وبالفعل، أثبتت روسيا أنّ صراحتها التي وصلت إلى حد المجاهرة بالوقاحة هي ميتافيزيقيا العصر الحديث التي لا يمكن للعقلية السورية تفسيرها، على اعتبار أنّ عقولنا حتى اليوم لم تُدرك معنى الواقعية السياسية التي صدّعت رؤوسنا بها، وكأنها تقول لنا: متى تفهمون أنّ روسيا تعمل لنصرتكم ولوحدة أرضكم؟
وإن كنا بالفعل غير مدركين لتأويل الكلام بالعقلية الروسية، فهذا المبعوث الروسي لافرنتييف قدم لنا الوضوح على طبق من ذهب، وقالها علنا إنّ "سوتشي" ليس مكانا لمن يطالب برحيل الأسد، بمعنى أنّ هذا الحوار اللاوطني هو المكان المخصص لكل شخص معارض للأسد بات يقبل بالأسد من باب الواقعية السياسية، وإن كل شخص ما زال متمسكا بالأسد فإن سوتشي ليست المكان المناسب له.
بشكل بديهي، يذكرنا هذا الكلام بالذريعة المشتركة لكل من واشنطن وموسكو بأن الشعب السوري هو من يقرّر مصيره ومصير الأسد.
أمام هذا الوضوح، لم يعد يخفى على أحد أهداف "سوتشي" أكثر مما هي واضحة، من سحب البساط من جنيف ووأد بيان الرياض 2 ونسف كامل للمرحلة الانتقالية ورمي سلل دي ميستورا الأربع بسلة مهملات واحدة، يتفرّع منها شقان، إصلاحات شكلية وهمية لدستور 2012 وإجراء انتخابات برلمانية رئاسية، تمنح بشار الأسد ولاية إضافية من باب الترشح والانتخابات.
حقيقة سوتشي هو دق إسفين أخير لطموح السوريين وأحلامهم، وسط لامبالاة أخلاقية وسياسية كاملة من واشنطن التي لا يعنيها مطلقاً ما يحل بالسوريين من ويلات وكوراث، وهي اليوم لا تركز إلا على سياسة واحدة، مفادها الحفاظ على قواعدها في شمال سورية وشرقها، عبر ذراعها قوات سوريا الديمقراطية، المتأهبة لاستلام دفعة الأسلحة الجديدة مطلع العام 2018 بقيمة 400 مليون دولار من عتاد وأسلحة مطلع العام المقبل، متنصلة بذلك من كل وعودها لتركيا.
أما روسيا، ولأنها متوقعة رفض جماعيا سوريا لمؤتمر سوتشي، فقد أرسلت رسائل تهديدية بارتكاب مجازر في ريفي حماه وإدلب. وكعادتها، هي تريد إخضاع الجميع لأغراضها، وتوقيع صك استسلام أخير في سوتشي على غرار سيناريو غروزني في الشيشان، وهي تظن أنّ سيناريو حلب كان المدخل للتسوية السياسية الروسية ونقطة الارتكاز هي حميميم.
وليس أخيراً، وبعد رفض عارم من غالبية السوريين لسوتشي، وأكثر من 40 فصيل، تبقى الآمال معلقة على شرفاء المعارضة لتحديد موقف نهائي، لكن ليس فقط عبر المقاطعة والتنديد.
وكحال كل السوريين، ننتظر خطوة معاكسة في الميدان، تنسف "سوتشي" ومن عليها، وقد يكون نسف اتفاق خفض التصعيد وخوض حرب عصابات الحل الأخير أمام السوريين، بعد أن حدد بوتين مهمته في 2018 بقتال تحرير الشام في إدلب.