أكلاف التعليم ونتائجه

08 أكتوبر 2014
تبدو المؤسسات الرسميّة في وضع بائس (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

يعاني الكثير من ذوي الطلاب ارتفاع كلفة تعليم أبنائهم. الأرقام تتباين لجهة معدلات إنفاق الأسر على المدارس والجامعات. بالطبع الفئات الأضعف اقتصادياً ومعيشياً، هي التي تعجز في كثير من الأحيان عن الإيفاء بالمتطلبات التي تضمن مستقبل أبنائها.

لكن بيت القصيد هو في مكان آخر. وهو يطرح معضلة الشعار التاريخي الذي طالما رفعته قوى إصلاحية وليبرالية والداعي إلى تحقيق شعار "ديمقراطية التعليم" ، بما يضمن لجميع الفئات الدخول إلى هذا القطاع، والإفادة منه في الترقي الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي. تحت مثل هذه الشعارات جرى في مراحل سابقة توسيع إطار التعليم، وفتح مئات الجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة، وكذلك عشرات ألوف المدارس ( أكاديمي – مهني – ديني وغيرها). وهو ما قاد إلى تخريج عشرات ملايين المتعلمين من شتى المراحل، من دون أن يترافق ذلك مع خطط وبرامج مستقبلية.

الآن تبدو المؤسسات الرسمية في وضع بائس. فالمنطقة العربية تشهد دمار ألوف الجامعات والمدارس بفعل القتال والصراع العنيف المفتوح. وهذا بالضبط ما يشهده كل من العراق وسورية وليبيا وبدرجة أقل بعض الدول سواها، التي وإن لم تكن تعيش حالات الانفجار، فلا بد من القول إن مؤسساتها تبدو عاجزة عن تلبية الحاجات التعليمية المتصاعدة.

ويتم ذلك لأسباب عدة من ضمنها تراجع موازنات الإنفاق على هذا القطاع بالنظر إلى أولويات مختلفة. وهو ما ينعكس على مستوى الرسوم السنوية ويفرض ضرورة رفعها على الطلاب. أيضاً المدارس والجامعات الخاصة تعمد إلى زيادة الأقساط الجامعية. وهي زيادات وأكلاف تقود سلفاً إلى إخراج فئات من صفوف التعليم وإلقائها في الشوارع.

المشكلة المطروحة أنه لا يبدو أن هناك حلولاً ممكنة في الأفق. فالحروب المندلعة مع كل ما تتطلبه من نفقات، والأزمات الاقتصادية والمالية ومسارب الإنفاق والهدر وتردي الأوضاع المعيشية للأهل، كل هذه معضلات لا سبيل إلى علاجها في القريب العاجل.

من هنا يمكن القول إننا أمام حلقة مقفلة ستكون لها مضاعفات تنموية كبرى. بالطبع تختلف حدة الأزمة بين هذه الدولة أو تلك، لكن ذلك على صحته لا يمنع من القول إن هذه الحالة تضيف ظلالا داكنة للصورة السوداوية العامة التي تعانيها المؤسسات التعليمية في المنطقة العربية، التي باتت تحتاج إلى ما يتجاوز العمل الإصلاحي إلى ما هو أعمق وجذري أكثر في ظل هذه المرحلة التي يعاد فيها رسم الخرائط ومواقع الفئات والقوى ضمن الكيانات والدول في حال بقائها!

*أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانيّة
دلالات
المساهمون