وتصدرت خلافات الليبرالي الحر والخضر المواقف، وغزت التصريحات والاتهامات بين الحزبين الصحف والحوارات السياسية التلفزيونية؛ ففي حديث لصحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ"، حمل زعيم الليبرالي كريستيان ليندنر، حزب الخضر المسؤولية عن إفشال المفاوضات لتعنته في مواقفه، متهما الأخير بعدم الرغبة بالتوصل إلى حل توافقي، موضحا أن "هناك حدودا للقدرة على التوصل إلى حل وسط... ومن دون شك من دون الخضر كانت هناك إمكانية لتشكيل حكومي"، قبل أن يعود ويؤكد في حديثه الصحافي على رفضه الخوض في محاولة جديدة لتشكيل تحالف جامايكا مع المسيحي والخضر.
وقال زعيم الحزب الليبرالي إن إعادة إحياء مفاوضات استكشافية بهذا الشكل لا معنى لها. ولم تسلم المستشارة ميركل من كلام ليندنر، إذ اتهمها بالتمييز ضد حزبه، وبين أنه لم يتلق من جانبها أي تأييد لمقترحاته التوفيقية.
وبدوره، رفض نائب زعيم الحزب، فولفغانغ كوبيكي، في حوار تلفزيوني أيضا، العرض، وتساءل: إلى متى يجب أن نتحاور؟
وفي المقابل، أبدى الاتحاد المسيحي والخضر استعدادهما للعودة إلى الحوار، وهذا ما عبرت عنه وزيرة الدفاع، أورسولا فون دير لاين، المنتمية إلى المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل، فقالت إنها لا تستبعد فرصة ثانية لجامايكا، فيما اعتبر رئيس كتلة الخضر في البرلمان أنطون هوفرايتر، أن حزبه يريد تجنيب البلاد انتخابات جديدة، وأنه على استعداد لمواصلة النقاش.
إلى ذلك، قال الزعيم المشارك في رئاسة حزب الخضر، جيم أوزديمير، في حديث لمجلة "ستيرن"، إن الليبرالي الحر خيب الأمل مرة أخرى، واعتبر أن المشاركين في المفاوضات من قبل الليبرالي الحر كانوا يبحثون عن استراتيجية للخروج، وهو ما كان واضحا خلال المرحلة الأخيرة من المفاوضات، فعثروا على نقطة يمكن أن تبرر لهم انسحابهم.
في حين برز حضور المستشارة ميركل مع قادة حزبها بصورة توحي بالكثير من الارتياح والثقة، والتف الجميع حول زعيمتهم في إشارة إلى صلابة الموقف والاستمرار في تحمل المسؤولية لدى المسيحي الديمقراطي، بغض النظر عن أي منحى ممكن أن تسلكه الأمور على المستوى التفاوضي، سواء الائتلاف الكبير مع الاشتراكي الديمقراطي في حال عاد عن قراره وعدل عن فكرة الجلوس في صفوف المعارضة، أو قيام حكومة أقلية مع الخضر وهذا مستبعد أيضا، أو منحى دستوري يتمثل بحل البوندستاغ من قبل الرئيس شتاينماير والذهاب لانتخابات مبكرة بداية العام 2018، تعيد خلط الأوراق بين الأحزاب المتنافسة من جديد، وربما يعود الناخب الألماني إلى ثوابته ويمنح أكثرية مطلقة للحزبين التقليديين الاشتراكي والمسيحي الديمقراطي، بعد أن بين الواقع أن التنوع أفضى إلى حال من عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
بموازاة ذلك، لم يسلم زعيم الاشتراكي الديمقراطي من النقد، ووصل الأمر إلى حد وصفه بعديم الخبرة والمتسرع، بعدما جدد، أمس الثلاثاء، وقبل لقائه المقرر غدا الخميس مع رئيس الجمهورية، موقف حزبه الرافض للمشاركة بأي ائتلاف حكومي، بدل أن ينتهز الفرصة لمفاوضة المسيحي الديمقراطي وتحقيق مكاسب تدفع بحزبه إلى الحكم من جديد بامتيازات وحضور أقوى، بعد أن حقق الكثير معنويا، وأثبت للمواطن كما للمسؤولين أن لحزبه ركيزة أساسية في الحياة السياسية التي تمنح البلاد الكثير من الاستقرار. لكنه على ما يرى مراقبون، يتوقف عند المكاسب البسيطة التي من الممكن أن يحققها في حال إعادة الانتخابات.
وكان هناك حث لزعيم الحزب مارتن شولتز، لتحمل مسؤولياته وتجنيب البلاد أي خضات سياسية، بعدما بدأ الخوف يتسلل إلى النفوس من استمرار الأزمة لأشهر، والتأثير على المكانة الاقتصادية لألمانيا التي تلتزم شركاتها ومؤسساتها بالتزامات وعقود تدر الكثير من المال على خزينة الدولة. والحكومة الفيدرالية التي تدير الأعمال حاليا لا يمكنها تقديم الدعم الذي يأمله الكثيرون في هذه الأوقات غير الآمنة.
وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ"، أنه من السخرية وبعد سنوات كان يشكو فيها الأوروبيون من ألمانيا القوية، فإنهم الآن قلقون من بلد مشغول بنفسه. وتابعت أن الشلل في ألمانيا سيصيب حتما أوروبا، مع التأكيد على أن الحديث عن أن ألمانيا قد تنزلق إلى مرحلة من عدم الاستقرار أمر مبالغ فيه، وأبرزت الصحيفة أنه ولسنوات كانت ألمانيا تنتظر شريكا فرنسيا متمكنا للعودة إلى القوة الاقتصادية الأوروبية، وإيجاد دينامية جديدة معه، إلا أن هذا لم يكتب له الوجود بعد مع الرئيس إيمانويل ماكرون، ووصل الجحيم إلى برلين التي تخوض آلام تشكيل الحكومة، التي سيكون لها تداعيات سلبية على القارة.