ألمانيا: استنفار لكشف ملابسات أعمال الشغب في قمة العشرين

11 يوليو 2017
+ الخط -

لا تزال أعمال التخريب والنهب وإحراق السيارات والأضرار التي تسبب بها المتظاهرون ومثيرو الشغب، خلال قمة العشرين الأسبوع الماضي، تلقي بظلالها على كافة الأحداث في ألمانيا، إذ يسود جو من الدهشة والاستغراب في البلاد نتيجة الأفعال التي قام بها ما يطلق عليهم اسم "الكتلة السوداء" (البلاك بلوك). 

وينتمي معظم المتظاهرين الذين تجاوز عددهم الـ1500 شخص إلى اليسار واليمين الرديكالي، وهم مناهضون للعولمة والرأسمالية، واستطاعوا خلال أيام معدودة العبث بالمدينة التي شبهها السكان بأيام الحرب مع ما خلفته من دمار وخراب، على الرغم من كل الجهود التي بذلتها الشرطة لصد تحركاتهم وما استقدمته من تعزيزات أمنية من باقي الولايات، مع تصاعد الاحتجاجات على مدى أربعة أيام متتالية.

هذه الأحداث التي لم تكن متوقعة استدعت استنفاراً لكافة الوزارات والأجهزة المعنية لإماطة اللثام عن كافة المعلومات والحيثيات لتبعات ما حدث، لا سيما أن السلطات لا تجد تبريراً لغاية الآن لهذه الأفعال التي نفذها المهاجمون الملثمون. وقد عمدت الإدراة المحلية في هامبورغ، وبالتنسيق مع السلطات الاتحادية، لتشكيل لجنة تحقيق للكشف عن الملابسات الكاملة للفوضى التي عمت المدينة والتخريب الذي طاولها.

واستناداً إلى التحقيقات الميدانية، فإن المتظاهرين غيروا تكتيكهم، وكونوا لأنفسهم مجموعات صغيرة ما بين 4 إلى 6 أشخاص، وهم يرتدون ملابس مميزة وأقنعة مع صلبان من الفضة وسترات سوداء اللون، فيما كان بعضهم في حالة سكر واضح.

كما أظهرت مشاهد الفيديو كيف تحرك المهاجمون لكي يصعب على الشرطة تحديد هوياتهم في الساحات الخلفية وعلى أسطح المنازل وهم يرتدون القفازات، ويحملون المطارق والأزاميل ويرمون الزجاجات الحارقة، وقد عمدوا إلى تحطيم واجهات المحلات واقتلاع بلاط الأرصفة من الشوارع.

ويرى سياسون ألمان أن ما حصل لا يمكن أن يكون هدفه إيصال رسالة سياسية أو مطالب، مؤكدين أن السلامة الجسدية للإنسان هي من الخطوط الحمراء التي يجب أن يقاس بها التعبير عن أي توجه وفكر سياسي، وبالتالي عدم استخدام العنف وسيلة لذلك. 

وزير الداخلية الاتحادي، توماس دي ميزيير، أعلن، أمس الاثنين، من برلين أنه ينتظر من القضاء أن يصدر أحكاماً صارمة بحق مرتكبي أعمال العنف خلال قمة العشرين، واصفاً من تسبب بتلك الأحداث بـ"المجرمين"، وأوضح: "لا يمكن لفوضويين من ألمانيا وأوروبا على الإطلاق استغلال الشعارات السياسية لصالحهم، وهؤلاء جماعة همهم نشر العنف ويستحقون الازدراء تماماً كما النازيين الجدد والإرهابيين المتطرفين"، مؤكداً أن "أحداث هامبورغ يجب أن تكون نقطة تحول في النظر إلى العنف في المشهد اليساري المتطرف، كونها أظهرت أن هناك بعداً آخر للعنف خلال الاحتجاجات".

في المقابل، يرى المراقبون أنه "من المبكر الحديث عن أن الشرطة والنيابات العامة ستكون قادرة على تقديم بيانات واضحة، وهي تسعى لجمع الأدلة والمعلومات والأشخاص الذين تسببوا بالفوضى، من خلال الصور التي تم تداولها في الإعلام وعلى الشبكة الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن السكان، ومن باقي المتظاهرين وعناصر الشرطة"، خاصة أن الكثيرين منهم أتوا من دول أوروبية مجاورة، إذ اعتقلت الشرطة الالمانية عدداً، من بينهم 8 فرنسيين و7 إيطاليين و5 سويسريين، إضافة إلى آخرين من النمسا وهولندا وروسيا، وتعتقد الشرطة أن تلك المجموعات، وبينهم ألمان، مدربون تدريباً جيداً على قتال الشوارع.

وذكرت تقارير صحافية أن شرطة هامبورغ، ومع انتهاء الاحتجاجات وقبل مغادرة القطارات إلى بعض الدول الأوروبية، بينها سويسرا، عمدت إلى الاستحصال على كافة البيانات الشخصية للمغادرين، وقامت بتصويرهم. 

وفي السياق، حثت الحكومة الألمانية شركاءها في الاتحاد الأوروبي للإسراع في المساعدة لكشف مثيري الشغب في قمة هامبورغ، كما أن وزير العدل ،هايكو ماس، راسل نظراءه الأوروبيين للمساهمة في "تنفيذ مذكرات التوقيف وإلقاء القبض على الجناة"، وهذا "ما يعزز التعاون ويصب في مصلحة الجميع"، حسب قوله.

وكان سكان المدينة أطلقوا حملة لتنظيف الشوارع على فيسبوك، وشارك بها الآلاف، بينهم عدد من اللاجئين، كتعبير عن واجب ووقفة تضامن ورد للجميل لما قدمته لهم هذه المدينة، إذ عملوا على رفع الأضرار والدمار ومخلفات العنف والفوضى التي حلت بمدينتهم نهاية الأسبوع الماضي.