أثار تصريح المرشح السابق لزعامة الحزب المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرز، لصحيفة "فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ"، الجدل بإعلان نيته تولي منصب وزاري في حكومة أنجيلا ميركل، رغم استدراكه أن الأمر ليس بيده إنما الأمر من اختصاص المستشارة الألمانية.
ميرز الذي يعد أشد معارضي سياسات المستشارة، والذي خسر المنافسة في وجه زعيمة الحزب الجديدة أنغريت كرامب كارينباور بفارق أصوات قليلة، عاد من جديد ليمارس نوعاً من الضغط على ميركل وزعيمة الحزب كارينباور، محاولاً تحويل الهزيمة إلى انتصار إنما بشكل تدريجي.
ويبدو أن الأصوات المؤيدة لميرز في تزايد، إذ علت أصوات ترحب بإعطاء الأخير فرصة وتكليفه بمهام رسمية، أو حتى منافسة وزير المالية الطامح لمنصب مستشار الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولس، بحكم أن ميرز ملم في القضايا المالية ويمكنه العمل مع فريق لإعداد إصلاحات ضريبية جديدة أو مفهوم جديد للتقاعد.
كسر ميرز الصمت بعد أسبوع ونصف من خسارة انتخابات زعامة الحزب، يبين أنه يريد إجراء حساب تكامل وتفاضل مع المستشارة، وهو الذي قال في مقابلته بأن الأمر متروك لميركل، في وقت يبدو فيه أن ميرز لا يريد دفن طموحاته السياسية، والقول لمؤيديه إنه ما زال هنا ويريد لعب أوراقه السياسية من داخل الهيكلية الحزبية، وربما التأثير بشكل مباشر على سياسات زعيمة الحزب كارينباور، وقد يسعى إلى شد مجموعات حزبية نحوه.
وهنا برز موقف للمفوض الأوروبي غونتر أوتينغر، الذي أيد أخيراً في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" انضمام ميرز في المستقبل المنظور إلى مجلس الوزراء، فما كان من المتحدث باسم المستشارة شتيفان زايبرت إلا أن عمد إلى توضيح الأمر المتعلق بخصوص تعديل حكومي بالقول "إن المستشارة لا تخطط لإجراء تعديل وزاري"، وهذا ما يجزم بأن ميركل لا تريد أحد أشد منتقديها في حكومتها.
في المقابل، يرى محللون أن التعديل الحكومي آت في عام 2019، والسبب الاستحقاقات المقبلة التي ستشهدها ألمانيا، بينها الانتخابات المحلية للبلديات وبرلمانات الولايات في ثلاث ولايات شرق البلاد، وبالطبع سيكون لنتائجها تداعيات على المسار الحكومي، بحكم أن كل الاستطلاعات تؤكد الحضور القوي لليمين الشعبوي فيها على الأحزاب التقليدية.
ناهيك عن انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة ربيع العام نفسه، ووزيرة العدل الحالية المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي كاترينا بارلي أصبحت المرشحة الرئيسية لحزبها في هذه الانتخابات، التي قد تكون مفصلية لأوروبا بفعل الحضور السياسي لليمين الشعبوي داخل العديد من حكومات الدول الأوروبية.
بدوره، صرّح زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا هورست زيهوفر، أنه سيتخلى عن زعامة حزبه خلال يناير المقبل، وهو الذي قال أيضاً في نوفمبر الماضي إنه لا يريد البقاء في المنصب الوزاري الاتحادي كوزير للداخلية من دون رئاسة الحزب.
وأشارت تقارير صحافية، إلى أنه بفعل الضغط والدفع من أنصار ميرز من رجال الأعمال داخل الحزب، وإذا ما حصل تعديل وزاري، فقد يصار إلى تعيينه خلفاً لبيتر التماير في وزارة الاقتصاد، التي آلت عند تشكيل الائتلاف الحكومي للحزب المسيحي الديمقراطي، أن يتولى الأخير وزارة الدفاع.
إلا أن الباحث وأستاذ العلوم السياسية أوسكار نيدرماير، قال في حديث مع صحيفة "هاندلسبلات"، إن ميرز "يحاول وضع ضغوط على زعيمة الحزب والمجاهرة بأحقيته بشغل منصب وزاري، ولكن في حال لم يحصل وزير الاقتصاد الحالي على أي وظيفة على مستوى الاتحاد الأوروبي، فلا يرجح أن يصار إلى أي تعديل وزاري".
وكانت تصريحات ميرز عن طموحاته العلنية وتولّي حقيبة ضمن حكومة تقودها ميركل، قد أثارت ردوداً مختلفة ولا سيما من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إذ اعتبر نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب كارل لوتيرباخ في تغريدة على "تويتر" أن النزاع "سيكون لا مفر منه".
أما النائب عن حزب "الخضر" سفين كريستيان كيندلر فغرّد قائلاً: "يستمر عرض الأنا، يا لها من مهزلة محرجة".