يأتي اللاجئ هنا ولا شيء يشغل تفكيره إلا الوصول كي يرتاح من طريق، ربما كان درباً أكيداً نحو موت محتّم!
يصل ورغبة عميقة بالحصول على أمان مفتقد ومكان يستطيع البدء فيه، من دون أن يدرك الكمّ الهائل من المسؤولية التي ستُرمى على كاهله المتعب أصلاً.
الغالبية العظمى من اللاجئين هم من الطبقة الكادحة، وأما الأبناء فهم ما زالوا صغاراً وعلى مقاعد الدراسة، رغم أن الأهل لم ينالوا القدر الكافي من التعليم الجيد، فالجميع آباء وأبناء يعانون عدم القدرة على التحدث بلغة غير عربية مع محيطهم.
من هنا تبدأ متاعب اللاجئ، داخل دوامة عدم القدرة على استيعاب ما عليه فعله، وتصبح الحاجة ملحّة لترجمة كل الرسائل الموجهة إليه. ويكتشف بأن عدد المترجمين قليل جداً، وأحياناً كثيرة لا تجد من يستطيع إرشادك وشرح ما عليك فعله.
تغدو حياة اللاجئ عبارة عن شكوى دائمة، فهو لا يستطيع التواصل، وكم رأيت في مخيمات اللجوء صعوبة حصول اللاجئ على الرعاية الطبية اللازمة بالطريقة التي كانت متخيّلة قبل وصوله.
سرعة إجراء المعاملات القانونية تربكه، الأعداد الكبيرة للاجئين، تضعف الرعاية الطبية اللازمة لكل أعداد اللاجئين الذين يحتاجون علاجاً لأمراضهم، فالجميع قادم من حرب قد أعيت الناس وأضعفت مناعتهم.
فمن بين جموع اللاجئين تكاد لا ترى أحداً خالياً من مرض يحتاج إلى علاجه بالسرعة القصوى.
فالنساء عموماً يعانين من آلام المفاصل وأوجاع العمود الفقري، والرجال من ارتفاع ضغط الدم والسكري، والكثير من اللاجئين يحتاج لإجراء عمليات جراحية.
وبالرغم من جدية التعامل معك كلاجئ، والاهتمام المنظم لترتيب حياتك هنا بالشكل اللائق، إلا أن اللاجئ يشعر بأنه محاصر، ولا يمكنه التحايل وافتراض عدم الفهم، ورغم أن حقيقة الأمر هي فعلاً غير مفهومة بالنسبة له، فكمّ الفوضى والفساد والتأجيل والانتظار وعدم الجدوى هي عناوين رئيسية لحياتنا السابقة.
حلم العيش في جنة موعودة يحتاج إلى الكثير من الصبر والقدرة على الاندماج وسرعة التعلّم للتغلب على واقع صعب ومربك ويحتاج الكثير من القوة والتحمّل.