نشر الأمين العام لمنظمة العفو الدولية (أمنيستي)، سليل شيتي، مقالًا في مجلة "نيوزويك" الأميركية، تطرّق فيه بالنقد إلى "ثياب الإمبراطورية الجديدة" التي يظهر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وكأنه يحاول إلباسها للمملكة، منتقدًا ازدواجية الأمير الصاعد نحو العرش في الحديث عن "التغيير" من جهة، وتشديد قبضة القمع على الساحة الداخلية من جهة أخرى.
وكتب شيتي في مقاله: "محمد بن سلمان في مهمّة. وريث العهد السعودي لديه خطط كبيرة لمملكته المستقبلية: تعهّد بتقويض أكثر من نصف قرن من المحافظة المتشددة، مقدمًا رؤية جديدة جريئة، حيث للشرطة الدينية سلطة أقل، وللنساء حرية أكبر".
لكن شيتي لا يرى أن ذلك وحده يكفي ليكون مؤشّرًا على تحوّلات مقبلة في المملكة، معقّبًا بسؤال استدراكي: "المقياس الحقيقي لما إذا كانت السعودية تتغير للأفضل ليس مساحة الأعمدة المليئة بالثناء في الصحف؛ بل كيف تبدو الحياة بالنسبة للسعوديين العاديين"؟
ويجيب كاتب المقال عن ذلك قائلًا إن "السلطات السعودية قلصت بشدة من الحق في حرية التعبير، كما أنها، وبشكل منتظم، تضايق وتعتقل وتحاكم أي شخص يتجرأ على تقديم رأي مخالف. تلك السلطات التي لا تفكر مرتين قبل الحكم على مراهقين بالإعدام بسبب المشاركة في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، بينما التمييز الراسخ والمنهجي يظلّ واقعًا يوميًا للنساء والفتيات. الأمر ذاته ينطبق على الأقلية الشيعية في البلاد، التي تعامل أساسًا معاملة مواطنين من الدرجة الثانية".
وإزاء هذه الصورة القاتمة داخليًا، يريد بن سلمان، كما يرى الكاتب، أن "يُنظر إليه باعتباره قوّة دافعة للتغيير"، ومع ذلك، والرأي للكاتب أيضًا: "ينبغي ألا يقع المجتمع الدولي في فخ الوفاء بالوعود التي قد تتحقق أو لا تتحقق، في حين يتجاهل بسهولة الواقع القائم على الأرض".
ومع حملة الاعتقالات في السعودية، المستمرة بشكل متواتر حتّى اليوم، والتي لم تستثن أيًّا من فئات المجتمع تقريبًا إذ طاولت صحافيين ونشطاء ونقادًا وكتابًا وشعراء وعلماء دين وأشخاصًا عاديين وأمراء؛ يرى شيتي أنه ليس ثمّة "سبب كافٍ للاعتقاد بأن تصريحاته (بن سلمان) ليست أكثر من مجرد ممارسة للعلاقات العامة".
ويعتقد المسؤول الإغاثي، عطفًا على ذلك، أن بن سلمان "تمامًا كأسلافه، يبدو عازمًا على سحق حركة حقوق الإنسان في المملكة"، ويدلّل على ذلك بحالتي عبد العزيز الشبيلي وعيسى الحامد، العضوين المؤسسين لـ"جمعية الحقوق المدنية والسياسية" في السعودية، واللذين اعتقلا في سبتمبر/أيلول الماضي، على خلفيّة "إبلاغ منظمتهم عن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، وتقديم المساعدة القانونية لأسر المحتجزين دون تهمة".
ورغم إقرار الكاتب بأن قرار السماح للمرأة بالقيادة يعتبر "خطوة إيجابية إلى الأمام"، يحذّر من أن ذلك قد يكون بغرض تشتيت الأنظار عن عمليات القمع الجارية، مشيرا إلى أن السلطات اختارت أن يكون موعد الإعلان عن قيادة المرأة في الشهر الذي تمّت فيه الاعتقالات، ثم بعد ذلك تمامًا، "هؤلاء النساء أنفسهن تلقين مكالمات هاتفية تحذرهن من التعليق علنًا على التطورات، وإلا فسيتعرّضن للاستجواب".
لكن كبرى "العلامات التحذيرية" على أن السعودية لا تنوي أخذ حقوق الإنسان على محمل الجد؛ وفق تقدير الكاتب، هي حربها في اليمن المجاورة، واستمرارها في اتباع سياسة العقاب الجماعي رغم التحذيرات من مجاعة محدقة.
هنا يلخّص مدير"أمنيستي" حديثه بالقول: "السلطات السعودية ليست حريصة على أن يرى العالم الخارجي كيف تشن هذه الحرب، ومع ذلك، بدأت الصور تتوالى تباعًا. إنها هذه الصور، فضلًا عن تلك التي للإصلاحيين الحقيقيين في المملكة ووراء القضبان، التي حريّ بنا أخذها في الاعتبار حينما نفكر المرة القادمة بأي تأييد عرَضي لجهود ولي العهد الجديد في إحداث الإصلاح".