يمرّ على مصر، عيد الأم هذا العام بمزيد من المرارة والألم على أمهات ثكلى، استشهد أبناؤهن أو بناتهن أو ألقي بهم في غياهب سجون الحكم العسكري.
فخلال سبعة أشهر فقط، في أعقاب الانقلاب العسكري في مصر، سقط 3248 شهيدا في جميع محافظات الجمهورية، فضلا عن إلقاء القبض على ما يقارب 23 ألف معتقل سياسي، والأرقام على عهدة موقع "ويكي ثورة" الحقوقي لتوثيق أحداث ثورة يناير.
لم تشفع كل هذه الدماء الزكية لتُكرَّم أمهات الضحايا في عيد الأم الموافق21 مارس/آذار من كل عام، بل اتجهت أنظار المؤسسات لتكريم فنانات وراقصات، كما فعل نادي الطيران المصري، برئاسة وليد مراد، مساء الأحد الماضي، الذي كرم الراقصة فيفي عبده، في احتفالية بعيد الأم.
وتعالت أصوات غاضبة من هذا التكريم "المشين" على حد قول الرافضين الذين اعتبروا أن تكريم راقصة في عيد الأم، هو تعدٍّ على الأخلاق والقيم المجتمعية، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الساخرة من تكريم الراقصة وتعمد تجاهل تكريم أمهات الشهداء والمصابين والمعتقلين.
وفي المقابل، دشن متصفحو موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، من رافضي الانقلاب حملة للاحتفال بأمهات الشهداء والمعتقلين، خاصة والدة الشهيدة أسماء البلتاجي ومنحوها لقب الأم المثالية.
واعتبرت الحملة، أن السيدة سناء عبد الجواد، وهي زوجة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، المسجون حاليا، محمد البلتاجي، هي الأم المثالية في مصر هذا العام، حيث قُتلت ابنتها في مذبحة رابعة، وسُجن زوجها، واعتقل ابنها، ولا تزال صامدة.
وكتبت سارة هشام قنديل، ابنة رئيس الوزراء المصري الأسبق، على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في أول ساعة من اليوم الجمعة 21 مارس/آذار "هل يشاركني أحد الشعور بأن عيد الأم اليوم ليس كأي عيد أم آخر؟ فاليوم نحن نكرِم أكثرنا تضحية وأكثرنا كرما. اللاتي لم يبخلن على وطنهن ودينهن بأعز الأناس إليهن، من أزواج وأبناء وبنات. فتلك الأمهات هن من أخرجن للوطن أشرف وأنبل الشهداء. فلولا صبر هؤلاء الأمهات لما تمكن الثوار والأبطال من الأسرى والمعتقلين من الثبات.
وتابعت في كلمتها "والله إني أخجل لعجز لساني عن وصف مدى امتناني وحبي لكنّ أيتها البطلات. فجزاكن الله عنا كل خير.. فكل عام وأنتن صابرات.. وكل عام وأنتن أمهات شهداء.. وكل عام وأنتن زوجات أبطال".
يذكر أن حركة نساء ضد الانقلاب دعت إلى تظاهرات، اليوم الجمعة، تحت شعار "لبيك أمي الصامدة"، احتفالا بيوم عيد الأم، تقديرا لدور الأمهات في الثورة ومناهضة الانقلاب العسكري.
وقالت الحركة في بيان لها بشأن تلك الدعوة، نحيي صمود "الأم التي قتلها الانقلاب ويتّم أطفالها أو رَمّلها وتركها تواجه مهمات الحياة من دون زوج.. أو الأم المعتقلة التي غيبها الانقلاب في سجونه ظلما وعدوانا.. وترك أطفالها من بعدها يتجرعون مرارة الظلم.. أو الأم التي قتل الانقلاب فلذات أكبادها أو اعتقلهم، الأم المصرية الثورية الصابرة المحتسبة التي لم ولن يكسر عزيمتها قتل أو ظلم أو اعتقال".