يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل سويا إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.
المرة الأولى التي حاولت فيها أن أطفو فوق كل هذه المصاعب، تم إبعادي بعدها، وكأن هذا الأمر لم يكن كافيا، ليأتي بعده ميسي وقضيته، تتذكرون ذلك في الفصل الأول، ميسي كان هو النجم، بطريقة ما، الفريق كان له، الفتى كان خجولا ولطيفا، بالتأكيد لقد أحببته، لكن أيضا أنا وصلت إلى الفريق وهيمنت وأحدثت هزة أرضية في النادي.
الأمر كان أشبه بأنني قمت بالاعتداء على منزل ميسي، وكأنني استلقيت على سريره، ميسي قام بالشرح لغوارديولا بأنهُ لا يريد أن يلعب أكثر على الأطراف، بل يريد أن يلعب في العمق، لهذا تم تحجيمي في الهجوم، ولم أكن أجد المساحة الكافية لأعبر عن إمكاناتي، لهذا بعد فصل الخريف، انقلب الوضع، فأنا لم أعد أسجل الأهداف، ميسي هو من يفعل فقط.
بعد ذلك ذهبت إلى غوارديولا وقمت بالتحدث معه، بعض الإداريين نصحوني بذلك: "يجب أن تتحدث معه، أصلح الأمر!"، لكن كيف جرت الأمور بعد تلك المحادثة، لقد كانت بداية الحرب، كانت بداية نبذي من مجتمع النادي، غوارديولا توقف عن التحدث معي، توقف عن النظر لي، كان يقول صباح الخير لكل اللاعبين، ولم يكن يقول لي أي كلمة، هذا كان أمراً غير جيد بالنسبة لي، لسوء الحظ، حدث ذلك الأمر، كان من المفترض أن أقول عن هذه الوضعية: سأتجاهله، ما الذي يهمني في شخص يسيّر أموره بهذا التسلط؟ نعم، في حالات أخرى كنت سأفعل ذلك وأتجاهله، لكنني في ذلك الوقت لم أكن قويا كما كنت، تلك الوضعية كسرتني، ولم يكن الأمر سهلا أن تحظى بمدرب معه السلطة يقوم متعمدا بتجاهلك، ذلك كان يؤثر كثيرا، الأمر مع مرور الوقت لاحظهُ الكثيرون وليس أنا فقط، كانوا يتساءلون: ما الذي حدث؟ ما سبب هذا كله؟ قالوا لي:
- "يجب أن تذهب وتتحدث معه، لا يمكن أن يستمر هذا".
لكن لا، لقد تحدثت مع هذا الرجل بما فيه الكفاية، لم أفقد روعتي وبدأت اللعب مرة أخرى بشكل جيد، على الرغم من المركز الجديد وعلى الرغم من الأجواء الكارثية حولي في النادي، سجلت خمسة أو ستة أهداف، لكن غوارديولا كان باردا حيال تلك الأهداف، لكن الأمر لم يكن غريبا بالنسبة لي، فلقد فهمت الأمر الآن: المسألة لم تكن لها علاقة بطريقة لعبي أبدا، بل بشخصيتي.
وبقدر ما كنت أبحث عن أخطائي التي ارتكبتها، وبقدر ما كنت أفكر في الموضوع، غوارديولا لم يستسلم، والأمر تخطى كونه قسوة، بل وصل إلى مرحلة غير احترافية، الفريق كلهُ أصبح يعاني من هذه المسألة، والإدارة كانت في قمة التوتر حيال الأمر، غوارديولا كان على وشك أن يخرب أكبر صفقات النادي في تاريخه، والنادي مقبل على مباريات مهمة في دوري الأبطال، كنا سنواجه الأرسنال خارج ملعبنا، والعداء كان مستمراً بيني وبين غوارديولا، ربما كان يود أن يبعدني عن اللقاء، لكنهُ لم يجرؤ أن يذهب إلى ذلك الحد، لهذا بدأت بالهجوم مع ميسي، لكن هل وصلتني بعض التعليمات؟ لا، كنت أركض لوحدي وأينما أرى ذلك مناسباً، كان ذلك في ملعب الإمارات، كان ملعبا عظيما، وكالعادة في إنجلترا الجماهير والصحف كلها ضدي، كانوا في هذه المرة يتحدثون عن عقدة: إبرا لا يسجل ضد الفرق الإنجليزية، لكن الأمر لم يكن سهلا، ليس مع هذا المدرب، دخلت الملعب، وشعرت بأن الأمر سيصبح صعبا، منذ أن دخلت اختفى غوارديولا من مخيلتي.
كان الأمر ساحرا بالفعل، أعتقد أنهُ لم يسبق لي أن لعبت مباراة بذلك التميز، على الرغم من أنني فعلا قمت بإضاعة بعض الفرص، قمت حينها بالتسديد مع حارس الأرسنال، ومن ثم سددت كرات خارج المرمى، كان يجب أن أسجل، لكن ذلك لم يحدث، وانتهى الشوط الأول من دون أهداف، بين الشوطين غوارديولا فكر بإخراجي كما أعتقد، لكنه قرر أخيرا أن يدعني ألعب بعض الوقت، ولم يلبث الشوط الثاني أن انطلق، إلا وقد استقبلت كرة من بيكيه، انطلقت إلى الأمام لأستقبلها وكان هناك مدافع خلفي، والحارس ركض نحوي، الكرة كانت ترتد للأعلى من على الأرض في تلك اللحظة، لهذا قمت بإرسالها من فوق الحارس، كان ذلك هدف التقدم 1-0، بعدها فقط بعشر دقائق تلقيت تمريرة رائعة من تشافي ركضت نحوها مثل السهم، وهذه المرة لم أقم بإسقاطها، بل سددت بقوة، سددت بقوة هائلة الهدف الثاني، والمباراة كان يبدو أنها حُسمت.
كنت ساطعاً ومتألقاً، لكن ما الذي فعلهُ غوارديولا؟ هل قام بالتصفيق لي؟ لقد قام باستبدالي، حركة ذكية! انهار بعدها الفريق وأرسنال تمكن من تسجيل هدفي التعادل في الدقائق الأخيرة، خلال ذلك اللقاء لم أشعر بشيء، لكن بعده شعرت بألم في كاحلي، الألم تطور وأصبح كبيرا وقد جاء في وقت سيئ. حاليا يجب علي أن أبقى بعيدا عن الملاعب وأغيب عن لقاء العودة ضد الأرسنال وعن لقاء الكلاسيكو في البرنابيو، وبالتأكيد، خلال إصابتي لم أحظ بدعم غوارديولا، الذي بات يمارس المزيد من الألعاب النفسية ضدي، كنت أدخل غرف الملابس فيخرج منها، لم يقترب مني حتى، فكرت بالأمر وشعرتُ بأنهُ جنون تام.
ذلك الإحساس كان مخيفا، أن تعرف أن كل الأمور التي أبقيتها في داخلك، على وشك أن تخرج منك بقوة، في ذلك الوقت سررت بوجود تييري هنري بقربي، لقد كان يفهمني، لهذا كنا نمزح سويا، وهذا ما أراحني وخفف عني الضغط بعض الشيء، لكن بعد ذلك بدأت أتجاهل الأمر برمته، ما الذي يمكنني فعله غير ذلك؟ لأول مرة كرة القدم تصبح غير مهمة بالنسبة لي. وبدأت علاقتي تسوء أكثر وأكثر بغوارديولا لأسخر منه وأصرخ في وجهه.
غوارديولا سيطر على الأمر بعد ذلك، حاول إبقائي هادئا وأبعدني، كنتُ أجلس هُناك وأفكر: ماهذه الوضعية؟ ما الذي سيحدث الآن؟ ما الذي يجب علي فعله، أمر واحد كان واضحاً: هذا يذكرني بفريق شباب نادي مالمو، عندما كانوا يرون بأنني مختلف لهذا الآن يجب علي أن ألعب بشكل أفضل، لكي لا يتمكن حتى غوارديولا من وضعي على الدكة، لكن: لن أحاول أن أكون شخصا مُختلفا بعد الآن، لا يمكن هذا، اللعنة على كل تلك الأقاويل التي يتحدث عنها: نحنُ هنا كذا وكذا، نحن أشخاص عاديون، قبلت أكثر مما ينبغي، المدرب الحقيقي الناجح هو القادر على التعامل مع الشخصيات المختلفة، هذا جزء من عمله، الفريق يتغذى من عدة مصادر وأنواع، هناك لاعبون أقل قوة، مثل ميسي وماكسويل في المجموعة.
لكن غوارديولا لم يفعل ذلك، بل حاول تأنيبي على ما فعلته، وشعرت بأنهُ سوف ينتقم، كان ذلك واضحاً في الأجواء، لم يبد على السطح أنهُ سوف يفعل ذلك لأن هذا سيكلف النادي نحو 100 مليون يورو، كنا سوف نلعب مباراتنا الأخيرة في الدوري، قرر إبعادي، وبالتأكيد لم يكن يستطيع فعل أكثر من ذلك، لكن الآن فجأة: غوارديولا يريد التحدث معي! لقد طلبني في مكتبه في الملعب، الرجل كان متوترا للغاية، عيناه تومضان، ذلك الرجل، ليست لديه السلطة الغريزية، ليس لديه أي كاريزما، إذا لم تكن تعرف أنهُ مدرب لفريق كبير، فمن الصعب ان تلاحظ أنهُ دخل إلى الغرفة، هُناك في تلك الغرفة بدأ بالتحدث، بالتأكيد انتظرني أن أتحدث، لكنني كنت صامتا ولم أنطق بأي حرف.
- "حسنا إذا، في الموسم المُقبل، لا أعرف ما الذي أريدهُ منك".
- لم أرد. لهذا استمر بالحديث: "الأمر عائد لك ولمينو، في النهاية، أنت إبراهيموفيتش، لست من ذلك النوع الذي يلعب مرة كل ثلاث مباريات، أليس كذلك؟".
كان يريدني أن أرد عليه، لاحظت ذلك، لكنني لست غبيا، أنا أعرف جيدا: من يتكلم كثيرا في هذه الوضعيات هو من يخسر، لهذا لم أتحدث بأي حرف وبقيت صامتا، لكنني فهمت بالطبع: غوارديولا يرسل رسالة غير واضحة، هو يريد أن يتخلص مني، وهذا أمر كبير، فأنا أكبر صفقة في تاريخ النادي، رغم ذلك، بقيت هادئا ولم أتحدث بأي كلمة، لهذا اضطر لأن يعيد نفس كلامه:
- "لا أعرف ما الذي أريدهُ منك بالضبط، ماذا عنك؟ هل لديك أي تعليق؟".
- لم يكن لدي أي تعليق ولم أتحدث معه، قلت له فقط: "هل هذا كل شيء؟".
- " نعم، لكن".
- "شكرا لك"، بعدها تركتهُ وغادرت الغرفة.
أعتقد أنني ظهرت بشكل هادئ وقاس في الوقت نفسه، على الأقل هذا ما أردته، لكنني كنتُ أغلي من الداخل، عندما خرجت، اتصلت بمينو لنرى ماذا سنفعل.
اقرأ أيضا
أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"
أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين
أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو
أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟
أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل
أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!
أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس
أنا زلاتان(12).. البداية مع السويد ومواصلة رحلة التمرد
أنا زلاتان (13).. نهاية رحلة مالمو ووداع بطريقة سيئة
أنا زلاتان(14)..المراوغة التي ذهبت بمدافع ليفربول لشراء الهوت دوغ!
أنا زلاتان (15)..عندما طردني كومان" اذهب إلى بيتك"!
أنا زلاتان (16).. عندما قذفني ميدو بالمقصات.. فصفعته!
أنا زلاتان (17).. مهمّة هيلينا المستحيلة!
أنا زلاتان(18)..عندما أهنت فان غال.."أأستمع لك أم لفان باستن"!
أنا زلاتان (19)...ما يفعلهُ كارو بالكرة..أستطيع فعلهُ ببرتقالة
أنا زلاتان (20).. هدف الكونغ فو المذهل في إيطاليا
أنا زلاتان (21).. حينما قفز كومان جنوناً..بسبب هدفي المارادوني!
أنا زلاتان (22)..كابيلو الرجل الذي تشعر أنك ميت بجواره
أنا زلاتان (23)عندما طالبني كابيلو بالتفوق على فان باستن!
أنا زلاتان (24).. قصة الوشوم والسيارة الفيراري المتفردة
أنا زلاتان (25).. حرب البلقان مع الإنتر وميهايلوفيتش الحقير!
أنا زلاتان (26) أزمة "كالتشو بولي" وسفينة اليوفي الغارقة
أنا زلاتان..(27) مونديال متواضع وخطة الرحيل من اليوفي
أنا زلاتان (28)..حين رفضت أمر ديشامب..واتفقت مع إنتر ميلان
أنا زلاتان (29) الإصابة الخطيرة وترنح الإنتر
أنا زلاتان (30).. عندما حققت ما عجز عنه رونالدو
أنا زلاتان (31) مورينيو..مدرب استفزني لأكون أفضل
أنا زلاتان (32) حلم الليغا وانقلاب جماهير الإنتر
أنا زلاتان (33)..صراع الهداف..وبالوتيلي الحقير..وفرحة مورينيو
أنا زلاتان (34).. معاناتي من أجل الانتقال إلى برشلونة
أنا زلاتان (35) الانتقال للبرسا وجنون الكامب نو..وإيتو الطمّاع
أنا زلاتان (36) أول كلاسيكو..والشعور بغربة وسط هدوء البرسا