"أبحث عن أشياء جميلة كي أصورها". عبارة صغيرة تقولها حاملة كاميرا الفيديو المراهقة، بينما تصوّر زملاء لها في إحدى مدارس مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة.
تخبر المراهقة أترابها بشكل غير مباشر أنّهم يتمتعون بالجمال، وتسجل عدستها لحظة انقلاب تعابير وجوههم ونبرات أصواتهم تفاعلاً مع هذا التصريح الخطير.
البشر أرقى الكائنات الاجتماعية في سلّم التطور. هم يعيشون على هذا التماس الحياتي بينهم وبين الآخرين. يرتبط الكثير من ذلك لديهم بفطرة التواصل، ليضاف إليها لاحقاً بحسب كلّ فرد منهم ملكة حسن التواصل مع الآخرين.
ذلك التواصل لغاته متعددة. وعلى الرغم من أنّ الكلام أساسه بكثير من الفئات التي تندرج في إطاره من المحادثات العادية إلى الشعر، فهناك إشارات الأيدي والجسم، ولغة العيون، والأصوات المختلفة، وكذلك الإبداع الفني من رسم ونحت وموسيقى وغير ذلك.
بالنسبة لنا، نتواصل يومياً مع أفراد اعتياديين، وآخرين طارئين. يختلف أسلوب تواصلنا معهم بحسب درجة قرابتنا منهم وعلاقتنا بهم. والغريب أنّنا كلما اقتربنا من الشخص كلّما ابتعد أسلوب تواصلنا معه عن الرقيّ الذي يميّز تواصلنا مع الغرباء. هذه النقطة بالذات تحكمها خصائص أخرى ترتبط أيضاً بالتكافؤ ما بين الطرفين. فالإنسان المتحضّر تمييزي بطبعه، لا ينظر إلى كلّ الناس نظرة متساوية مهما حاول أن يرسم لنفسه هذه الصورة أحياناً.
في اللحظة التي أدرك المراهقون ما تقصده زميلتهم حاملة الكاميرا، بدوا وكأنّ حقنة غير مرئية من الفرح الممتزج بالفخر والزهو والغرور مع خطوط من الخجل قد دخلت في صميم أرواحهم الطرية. هل الأمر سيّان لدى الجميع من مختلف الأعمار والفئات الأخرى؟ ليس ذلك مؤكداً، لكنّ المديح والغزل لطالما فعلا فعلهما في الناس. وفي المقابل، لطالما انتظر كثير من هؤلاء كلمة جميلة من أحد ما في لحظة ما. ربما حصلوا عليها وفعلت فعلها كذلك، وربما لم يحصلوا عليها فأدت إلى نتائج سيئة.
التجربة التي أجرتها المراهقة شي غلوفر جميلة للغاية، وترصد نوعاً مختبئاً من الجمال، حتى لدى أشخاص قد لا يتفق الجميع على جمالهم. وهو أمر نسبي من دون شك، ككلّ شيء آخر في هذه الحياة. لكنّنا نعاني الكثير من عقد التصنيف في شتّى المجالات. مسابقات الجمال تؤدي أخطر دور في ذلك، يعادل ما لدى التنظيمات المتطرفة من كره. فالجمال واحد لا شريك له لديها، مقولب تلفزيونياً بدعاوى استهلاكية مقيتة لم تخرج المجتمعات منها منذ دخلت إليها.
لكنّ الأمر لا يستدعي أكثر من كلمة واحدة أحياناً. تخيّلوا.. كلمة واحدة يمكن أن تغير كلّ شيء: أنت جميل، أنتِ جميلة.
اقرأ أيضاً: لبنانية في الثامنة عشرة