في كلّ مرّة يقيم فيها الفنان السوري أنس البريحي معرضاً جديداً، يختار ثيمة تتحوّل إلى موضوع للأعمال كلّها. في 2017 مثلاً، خصّص معرضه "منال" لرسم حالات جارته منال المصابة بمتلازمة داون، فرسمها بينما تجلس أو تلعب أو تفكّر، محولّاً حالة العزلة التي يشعر بها مرضى "داون" إلى سلسلة من الأعمال الكاشفة لها.
وفي معرض آخر تلا "منال" خصّص البريحي (1991) موضوع أعماله للنوم، وتفاصيله كلّها من الفراش إلى اللحاف وحتى هيئة النائم، وقد استلهم لوحات هذا المعرض من خلال مراقبة شركائه في السكن، بينما هم مستسلمين للنوم.
لكنه في معرضه الجديد "أمّنا الأرض"، يمزج البريحي بين العمل في الحقول والبساتين وبين المرأة العاملة، إنه يركّز هذه المرّة على فكرة عمل المرأة بيديها، فالنساء في لوحاته فلّاحات وعلاقتهن بالعمل مباشرة من خلال الجهد الجسدي.
المعرض يُفتتح عند السادسة من مساء الغد، الثلاثاء، في "غاليري أجيال" في بيروت، ويتواصل حتى نهاية الشهر المقبل. وقد استوحى البريحي فكرة معرضه بعد زيارة عاد فيها إلى مسقط رأسه، السويداء والريف المحيط بها، ليخرج منها محمّلاً بالصور عن الطبيعة وعلاقة العمل بها، وخصوصاً نساء السويداء بفساتين مزركشة تشبه الحقول التي يعملن فيها.
تميل ألوان البريحي إلى الصخب والحرارة، فنجد الحقول حمراء قانية أو صفراء فاقعة، والمفارقة أن الأخضر ليس لوناً حاضراً بقوّة في طبيعة البريحي وصورة الريف التي يقدّمها.
في معظم اللوحات نساء بظهور محنية ويد عاملة في الأرض، ثمة تركيز على تصوير اليدين بينما تقطف من أعلى الشجرة أو تنظّف الأرض أو تلتقط الحشائش أو تغسل الثياب أو تملأ السلال.
ووفقاً لتقديم المعرض، فإن أعماله "تدور حول تمثيل العمال في حياتهم اليومية، سواء في أوقات فراغهم أو خلال قيامهم بالعمل الشاق. وهذه مجموعة جديدة من الأعمال التي تصوّر استمرار العمل اليدوي الذي تقوم به النساء إلى حدّ كبير، في أعقاب احتراق الأراضي السورية في العقد الأخير خلال الحرب التي عاشتها البلاد".