دار المسنين بسوسة، واحدة من المؤسسات التي تحرص على مشاركة كبار السن في برنامج سنوي يضمن لهم تغيير الروتين اليومي، وعيش جو من الفرح والسرور لكل القاطنين، على أمل أن تتوسع دائرة المنتفعين إلى المقيمين بدور أخرى في بقية المحافظات.
وتحت شعار "لمة كبارنا يحلى صيفنا"، انطلقت الدورة الثانية والثلاثون للمصيف الإقليمي بتظافر جهود جمعيات رعاية كبار السن بسوسة وقمرت وباجة والقيروان وقفصة، مائة مشارك من جميع هذه الدور تم تجميعهم بإقامة تابعة للمدرسة الفلاحية بشاطئ مريم بمحافظة سوسة وهي قريبة من البحر حتى يستطيع المنتفعون من المسنين أخذ قسط من السباحة متى تسنى لهم ذلك.
ولمدة أسبوعين، يزور المسنون البحر صباحاً ويقضون أغلب ساعات اليوم فيه، إلى جانب أنشطة أخرى على غرار الحفلات الموسيقية وسهرات في المرافئ الترفيهية وزيارات لمعالم سياحية هامة، ويرافقهم فريق طبي مختص للتدخل في الحالات العاجلة فيما تبقى سيارة إسعاف على مقربة من مأوى الإقامة تحسبا لأي طارئ.
وكما ينتظر بعضهم زيارة الأقارب بفارغ الصبر، ينتظرون أيضا هذا الموعد الذي لم ينقطع منذ اثنتين وثلاثين سنة رغم كل التغييرات والهزات المالية للاستمتاع بأنشطته المختلفة.
وتندرج هذه الأنشطة في إطار استراتيجية وضعها الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي لإحداث برنامج حياة للمسن في دور الرعاية. وينطلق هذا التصور من إعادة المسن إلى وظيفته في المجتمع كفاعل أساسي فيه، وفق ما أفاد به مدير عام الاتحاد منير الحاجي في حديثه لـ"العربي الجديد".
وأضاف المتحدث أن التوجه الذي يتم تنفيذه في دور الرعاية التي يشرف عليها الاتحاد هو تثمين خبرات ومؤهلات المسن بما يسمح له أن يؤثث برنامجه اليومي، فالدور توفر لكبار السن القادرين على الحركة والشغوفين بمهنهم الأصلية الآليات اللازمة لممارسة هذه الحرف والاستفادة منها.
ويعد هذا التصور "التداوي بالعمل" تقنية معمول بها في مؤسسات شبيهة في دول متقدمة، تسمح لكبير السن بأن يواصل التأثير في المجتمع واندماجه مجددا فيه وإبعاده عن أمراض نفسية قد تصيبه إثر إحساسه بانتهاء دوره وتخلي أقربائه عنه.
ولفت مدير عام الاتحاد إلى أن الترفيه يعد جزءا من هذه الاستراتيجية، إذ يساهم في تحسين جودة حياة المسن داخل الدار ويوقد شعلة الحياة مجددا في نفسه عند إدراكه بأن الإقامة في دار الرعاية ليست موعدا مؤجلا مع الموت وإنما فرصة للحياة والمرح.
وتعتمد دور المسنين بالتعاون فيما بينها في هذا الإطار على مقاربة جهوية تسمح بنقل مسني الساحل نحو الجهات الداخلية لزيارة الغابات وحمامات المياه الساخنة شتاء، وجلبهم نحو الساحل صيفا للسباحة وحضور العروض الموسيقية والمهرجانات.
ويرغب الاتحاد، من خلال تدعيم الجوانب التثقيفية والترفيهية في مراكز الرعاية، إلى محو الصورة القاتمة عن الوضعية في مراكز رعاية المسنين في ظل ما راج عنها من سوء معاملة وغياب العناية بالمسنين من ذوي الإعاقة أو المرضى منهم. لذلك اتجه نحو تدعيم رقابته على هذه المراكز وتحسين شروط جودة الحياة بها والمعاملة اللائقة، لتخضع بذلك إلى رقابة مضاعفة بين الاتحاد ووزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، مع رقابة طبية متواصلة للمسنين.