23 سبتمبر 2024
أنقرة وموسكو.. أقل من تحالف وأكبر من اتفاق
يمكن القول إن التحرّكات العسكرية التركية، أخيراً في سورية (عملية درع الفرات، وغصن الزيتون) في شقٍّ منها، نتيجة للتقارب التركي- الروسي، بالنظر إلى حقيقة أن نظام الأسد بات تحت حماية موسكو، وأن العلاقات الروسية- التركية في تحسّن متزايد. وبات واضحاً دخول موسكو وأنقرة مرحلة جديدة من الشراكة في سورية، فروسيا تتفهم مصالح تركيا في المناطق الشمالية السورية، وهي تشبه مصالح روسيا في شرق أوكرانيا، وليس من الصعب التكهن بأن الذي يدعم الموقف التركي في شأن حزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابيا في تركيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ستكون لديه أفضل العلاقات مع أنقرة.
كل من تركيا وروسيا بحاجة للسلام في المنطقة، ويشكل هذا الأمر نقطة تلاقٍ رئيسية، بالاضافة إلى الشق الاقتصادي والطاقة، وهو ما يصبح أساساً للتعاون السياسي بين البلدين، ومزيد من استمرار الحرب في سورية يجلب مزيدا من الخسائر في الجنود الروس، مع أن هناك إعلاناً روسياً قبل أسابيع بالانسحاب من سورية، وكذلك انتشار الإرهاب والانفصال وعدم الاستقرار في تركيا، وفي المنطقة، على نطاق أوسع.
وتدرك موسكو أنها تغوص، يوماً بعد يوم، أكثر فأكثر، في التفاصيل السورية التي تتحول إلى مستنقع. والرئيس فلاديمير بوتين قلق من أن أكثر من طرف إقليمي ودولي يرغب في أن يتحول التدخل الروسي في سورية، مع مرور الوقت، إلى استنزاف. ويمكن إدراج قرار إعلان الانسحاب، أخيرا، في إطار إفساح المجال لأطراف أخرى الدخول، ومشاركة موسكو في حل المعضلة السورية.
تحرص روسيا وتركيا على تنمية علاقاتهما، حفاظاً على مصالحهما المتبادلة، وقد شهدت العلاقات حالاتٍ من الفتور في مراحل مختلفة، ويرتبط ذلك بعوامل عديدة: توجهات القيادة السياسية في الدولتين، وحجم الارتباطات الدولية والإقليمية لكل طرف، وطبيعة القضايا والمشكلات الخلافية بينهما، إلا أن المرحلة الحالية تقدم نموذجاً معاكساً، يتمثل بتطور التعاون السياسي والاقتصادي بينهما.
وقد دفعت التباينات بين تركيا من جانب وروسيا وإيران من جانب آخر، وهي الدول الثلاث الضامنة في محادثات أستانة السورية، بعضهم إلى الاعتقاد أن ثلاثي أستانة مهدّد بالتفكك. وعلى الرغم من تعرض مسار أستانة السوري، بين أنقرة وموسكو وطهران، لهزات عدة في الآونة الأخيرة، إلا أنه يبقى حاجة مشتركة ثلاثية، تتقاطع في أكثر من جانب مع حاجة سورية – سورية (نظام وفصائل عسكرية معارضة) في شق منها لوقف التمدد الانفصالي الاستيطاني الذي تدعمه واشنطن، تحت غطاء محاربة "داعش".
مشكلة اتفاق أستانة على إنشاء مناطق لخفض التوتر في سورية هي اختلاف وجهات النظر بين الدول الثلاث الراعية، فتركيا تدعم المعارضة، وروسيا وإيران تدعمان، في المقابل، نظام الأسد، ويتبادل الجانبان الاتهامات بدعم جماعاتهما على الأرض. وقد أدى الهجوم الذي تعرّضت له القاعدة الجوية الروسية في حميميم، بطائرات مسيرة من بعد، إلى تضرّر مقاتلات روسية، وتحدثت تقارير أن هذه الطائرات أطلقت من مناطق تقع تحت سيطرة قوات المعارضة المعتدلة التي تدعمها تركيا. وبينما كان من المنتظر أن تقدم موسكو على خطوةٍ في هذه المسألة، أصدرت بياناً مختلفاً أعلنت فيه أن 13 طائرة بدون طيار انطلقت من المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في إدلب، وهاجمت قاعدتين روسيتين. ومع أن الكرملين أعلن أن الطائرات قدمت من منطقةٍ تحت سيطرة المعارضة المعتدلة جنوب إدلب، إلا أنه يعتقد أن المصدر الحقيقي هو الولايات المتحدة. وبينما يتهم النظام السوري جبهة النصرة، يشير مسؤولون روس باستمرار إلى الولايات المتحدة من دون تحفظ، ومع ذكر اسمها، فقد قال مساعد رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية، فرانتس كلينتسيفيتش، "أؤكد أن أصابع أجهزة
الاستخبارات الأميركية وراء هذا الأمر، ليس من قبيل المصادفة أبداً أن تحلق طائرة تجسس أميركية أكثر من أربع ساعات في المنطقة". وذكر الإعلام الروسي أن وزارة الدفاع أبلغت رئيس هيئة الأركان ورئيس جهاز الاستخبارات التركيين بالموضوع، في إشارة واضحة إلى إدراك روسيا وتركيا أن المكيدة من صنع الولايات المتحدة، وتعلمان جيداً ما يجب عليهما فعله.
وقد أثارت الأوضاع الجديدة شكوكا كثيرة بشأن توتر محتمل بين "مجموعة أستانة السورية"، إلا أن سحب موسكو جنودها من عفرين الذي أتاح المجال أمام أنقرة، لبدء عمليتها العسكرية "غصن الزيتون"، بدد كل التكهنات بشأن خلاف روسي - تركي، وكشف متانة التقارب بين البلدين.
وخلافاً لكل ما هو معلن، حظيت تحركات تركيا العسكرية في عملية غصن الزيتون في عفرين، وربما في منبج في القريب العاجل، بموافقة هيئة الأركان الروسية، في زيارة حقان فيدان رئيس الاستخبارات التركية وخلوصي أكار رئيس الأركان التركي لموسكو الشهر الفائت، والتي تكللت بالانسحاب الفوري للجنود الروس من عفرين، فموسكو لا تضع حالياً في حساباتها التصدي عسكرياً لأدوات الولايات المتحدة في سورية، وتصرفت بحنكة حين تركت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، تتولى تلك المهمة. ومن سوء حظ واشنطن أن وجود أي مجموعات مسلحة معارضة لدمشق على أراضي الجمهورية العربية السورية لا يخدم موسكو، وهذا يجعل عملية غصن الزيتون التركية في عفرين تسعد موسكو، فهي لا تريد أن تدعم، علنا، أي محاولات لإيقاف تمدد المجموعات الانفصالية، سيما أن الانفصاليين يقفزون بين كل الحبال.
كل من تركيا وروسيا بحاجة للسلام في المنطقة، ويشكل هذا الأمر نقطة تلاقٍ رئيسية، بالاضافة إلى الشق الاقتصادي والطاقة، وهو ما يصبح أساساً للتعاون السياسي بين البلدين، ومزيد من استمرار الحرب في سورية يجلب مزيدا من الخسائر في الجنود الروس، مع أن هناك إعلاناً روسياً قبل أسابيع بالانسحاب من سورية، وكذلك انتشار الإرهاب والانفصال وعدم الاستقرار في تركيا، وفي المنطقة، على نطاق أوسع.
وتدرك موسكو أنها تغوص، يوماً بعد يوم، أكثر فأكثر، في التفاصيل السورية التي تتحول إلى مستنقع. والرئيس فلاديمير بوتين قلق من أن أكثر من طرف إقليمي ودولي يرغب في أن يتحول التدخل الروسي في سورية، مع مرور الوقت، إلى استنزاف. ويمكن إدراج قرار إعلان الانسحاب، أخيرا، في إطار إفساح المجال لأطراف أخرى الدخول، ومشاركة موسكو في حل المعضلة السورية.
تحرص روسيا وتركيا على تنمية علاقاتهما، حفاظاً على مصالحهما المتبادلة، وقد شهدت العلاقات حالاتٍ من الفتور في مراحل مختلفة، ويرتبط ذلك بعوامل عديدة: توجهات القيادة السياسية في الدولتين، وحجم الارتباطات الدولية والإقليمية لكل طرف، وطبيعة القضايا والمشكلات الخلافية بينهما، إلا أن المرحلة الحالية تقدم نموذجاً معاكساً، يتمثل بتطور التعاون السياسي والاقتصادي بينهما.
وقد دفعت التباينات بين تركيا من جانب وروسيا وإيران من جانب آخر، وهي الدول الثلاث الضامنة في محادثات أستانة السورية، بعضهم إلى الاعتقاد أن ثلاثي أستانة مهدّد بالتفكك. وعلى الرغم من تعرض مسار أستانة السوري، بين أنقرة وموسكو وطهران، لهزات عدة في الآونة الأخيرة، إلا أنه يبقى حاجة مشتركة ثلاثية، تتقاطع في أكثر من جانب مع حاجة سورية – سورية (نظام وفصائل عسكرية معارضة) في شق منها لوقف التمدد الانفصالي الاستيطاني الذي تدعمه واشنطن، تحت غطاء محاربة "داعش".
مشكلة اتفاق أستانة على إنشاء مناطق لخفض التوتر في سورية هي اختلاف وجهات النظر بين الدول الثلاث الراعية، فتركيا تدعم المعارضة، وروسيا وإيران تدعمان، في المقابل، نظام الأسد، ويتبادل الجانبان الاتهامات بدعم جماعاتهما على الأرض. وقد أدى الهجوم الذي تعرّضت له القاعدة الجوية الروسية في حميميم، بطائرات مسيرة من بعد، إلى تضرّر مقاتلات روسية، وتحدثت تقارير أن هذه الطائرات أطلقت من مناطق تقع تحت سيطرة قوات المعارضة المعتدلة التي تدعمها تركيا. وبينما كان من المنتظر أن تقدم موسكو على خطوةٍ في هذه المسألة، أصدرت بياناً مختلفاً أعلنت فيه أن 13 طائرة بدون طيار انطلقت من المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في إدلب، وهاجمت قاعدتين روسيتين. ومع أن الكرملين أعلن أن الطائرات قدمت من منطقةٍ تحت سيطرة المعارضة المعتدلة جنوب إدلب، إلا أنه يعتقد أن المصدر الحقيقي هو الولايات المتحدة. وبينما يتهم النظام السوري جبهة النصرة، يشير مسؤولون روس باستمرار إلى الولايات المتحدة من دون تحفظ، ومع ذكر اسمها، فقد قال مساعد رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية، فرانتس كلينتسيفيتش، "أؤكد أن أصابع أجهزة
وقد أثارت الأوضاع الجديدة شكوكا كثيرة بشأن توتر محتمل بين "مجموعة أستانة السورية"، إلا أن سحب موسكو جنودها من عفرين الذي أتاح المجال أمام أنقرة، لبدء عمليتها العسكرية "غصن الزيتون"، بدد كل التكهنات بشأن خلاف روسي - تركي، وكشف متانة التقارب بين البلدين.
وخلافاً لكل ما هو معلن، حظيت تحركات تركيا العسكرية في عملية غصن الزيتون في عفرين، وربما في منبج في القريب العاجل، بموافقة هيئة الأركان الروسية، في زيارة حقان فيدان رئيس الاستخبارات التركية وخلوصي أكار رئيس الأركان التركي لموسكو الشهر الفائت، والتي تكللت بالانسحاب الفوري للجنود الروس من عفرين، فموسكو لا تضع حالياً في حساباتها التصدي عسكرياً لأدوات الولايات المتحدة في سورية، وتصرفت بحنكة حين تركت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، تتولى تلك المهمة. ومن سوء حظ واشنطن أن وجود أي مجموعات مسلحة معارضة لدمشق على أراضي الجمهورية العربية السورية لا يخدم موسكو، وهذا يجعل عملية غصن الزيتون التركية في عفرين تسعد موسكو، فهي لا تريد أن تدعم، علنا، أي محاولات لإيقاف تمدد المجموعات الانفصالية، سيما أن الانفصاليين يقفزون بين كل الحبال.