يبذل أهالي محافظة السويداء جنوب غرب سورية، ذات الغالبية من طائفة "الموحدين الدروز"، مساعيّ جدية لحفظ أمنهم المجتمعي، والاستقرار الذي استطاعوا أن يحافظوا عليه نسبياً طوال السبع سنوات الماضية، بالرغم من جميع الأزمات التي مرت بهم.
ويتواجد بالمحافظة أكثر من 40 ألف شاب ممتنع عن الخدمة العسكرية في صفوف القوات النظامية، إضافة إلى أكثر من 18 ألف عائلة تستقر داخلها بشكل دائم نازحة من مختلف أنحاء البلاد، في حين يغيب النظام ومؤسسات الدولة المسؤولة عن حفظ الأمن، ويغض الطرف عن الأعمال غير المشروعة لأزلامه ومليشياته، التي بدأت تثير مخاوف المجتمع رغم صغر تعدادها.
وعلم "العربي الجديد" أن هناك تحضيرات لعقد اجتماع موسع لأهالي المحافظة، لبحث وضعها وسبل حفظ استقرار أمنها الاجتماعي والمعيشي والخدماتي، برعاية مباشرة من "مشايخ العقل" أعلى سلطة دينية.
وقالت مصادر من لجنة تحضير عقد اللقاء، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أهالي محافظة السويداء يشعرون أن الخطر، اليوم، على استقرار حياتهم أكبر من أي وقت طوال السنوات السابقة، حيث استطاعوا أن يتجنبوا الصدام مع جيرانهم أهل درعا، أو الاقتتال الداخلي، والتي كان يقف دائماً وراء تلك المحاولات القوى الأمنية في المحافظة والتابعة للنظام، لكن اليوم هناك توجه لنشر الفوضى وتخريب المحافظة، عبر أزلام النظام سيئ السمعة والسلوك.
وأضافت أن النظام "قام بتسليحهم وإعطائهم بطاقات أمنية، ويتحمل المسؤولية عن الغالبية الساحقة عن الأحداث التي تشهدها المحافظة من الخطف والخطف المضاد والسرقات والاتجار غير المشروع بالوقود والمواد الغذائية".
وأشارت المصادر أيضاً، إلى أنّ مختلف القوى الاجتماعية والمدنية والسياسية، منذ أشهر، تسعى للتوافق على آليات تحفظ استقرار المحافظة، ومن أبرز تلك المبادرات التي تلقى دعماً من مختلف القوى، مبادرة مشايخ العقل، وتهدف إلى إيجاد كيان اجتماعي يستمد قوته وشرعيته من المجتمع، لوضع حد للفوضى التي تعيشها المحافظة، عبر رص صفوف المجتمع وتكتله ضد كل ما قد يعكر صفوه. كما يكون قوة اجتماعية مؤثرة وفاعلة في تحديد مصلحة الأهالي والمحافظة وآليات تحقيقها".
وبيّنت أن "الاجتماع التحضيري من المقرر أن يعقد خلال الـ15 يوماً القادمة، بدعوى من مشايخ العقل، حيث ينتخب المشاركون لجنة تحضيرية تعد لمؤتمر على مستوى المحافظة يجمع مختلف مكوناتها، لوضع رؤية وبرنامج عمل لإنقاذ المحافظة، بكل السبل المتاحة ضمن مفهوم الدولة السورية الموحدة والعادلة".
ولفتت إلى أن "الدعوة لا تأخذ بعين الاعتبار الانتماء السياسي، فهي تجمع الناس اليوم لبحث شأن محلي، بعيداً عن الصراع السياسي الذي تشهده البلاد".
من جانبه، أفاد الناشط أبو سلمان المعروفي (اسم مستعار) "العربي الجديد"، أن "المحافظة تشهد سباقاً لتشكيل مثل هذا الجسم، الذي يتوقع أن يكون له دور كبير في حفظ الاستقرار، بالتزامن مع محاولات النظام السوري خلق أجسام مشابهة لكنها مؤتمرة بأوامره، وساعية لإقصاء المؤسسة الدينية والقوى المعارضة للنظام، ما يفرغ المشروع من مضمونه، ويظهر كأنه نوع من التعطيل للعمل القائم في المحافظة وتقسيم قواها".
يشار إلى أن محافظة السويداء شهدت أخيراً، خطف القاصر كاترين مزهر، حيث قامت عائلتها بإعدام ثلاثة شبان واعتقال قائد مليشيا جمعية البستان التابعة لرجل الأعمال رامي مخلوف، على خلفية اتهامهم بالتورط بخطف الفتاة، في ظل امتناع مؤسسات الدولة القضائية والأمنية بالتدخل أو التحقيق بالحادثة. وتعتبر هذه القضية من المسائل التي حفزت على تشكيل الكيان الاجتماعي.