تثار علامات استفهام كثيرة حول ما يقوم به الجيش المصري من قصف لمنازل المدنيين بين الفترة والأخرى في قرى محافظة شمال سيناء، وتحديداً مدينتي الشيخ زويد ورفح، على غرار ما جرى مساء أول من أمس. ويعتبر مراقبون أن قصف منازل الآمنين من مدفعية الجيش وقذائف الدبابات، لا يمكن تفسيره إلا في ضوء سلسلة عمليات انتقامية من أهالي سيناء.
وتأتي العمليات الانتقامية عقب فشل الجيش المصري في مواجهة تنظيم "ولاية سيناء" المسلح، الذي يكبّد قوات الجيش خسائر فادحة في الأرواح، فضلاً عن اغتنام معدات وآليات عسكرية وذخيرة، وهو ما يسبب حرجاً كبيراً للجيش.
ويعكس اتجاه الجيش للتعامل مع الأزمة في سيناء، التصعيد الكبير ضد أهالي سيناء، من خلال عمليات قصف بمختلف أنواع طائرات "الأباتشي" والطائرات من دون طيار، "الزنانة"، وأخيراً مقاتلات "إف 16"، فضلاً عن الاعتقالات العشوائية، وقتل لمجرد الاشتباه والتعذيب في المعتقلات ومعسكرات الجيش.
وقُتل ما يزيد عن عشرة أشخاص، وأصيب عدد مماثل، مساء الأربعاء، بنيران قوات الجيش المصري في الشيخ زويد. وقالت مصادر قبلية إن المدفعية المصرية المتمركزة في "كمين الوحشي"، في مدينة الشيخ زويد، أطلقت قذائفها على منازل لعائلات منصور وعلي الهبيدي، في قرية الظهير، شرق الشيخ زويد، فقتلت على الفور عشرة أشخاص من بينهم سيدات، وأصابت أكثر من عشرة آخرين إصابات بعضهم خطيرة.
وتقول مصادر قبلية: "إن حملات الجيش التي يقوم خلالها بمداهمة وقصف منازل المواطنين عشوائياً على صعيد واسع، وسط انتهاكات مستمرة، تشكّل المصدر الرئيسي لتعاطف بعض أهالي سيناء مع الجهاديين الذين يحاربون الجيش".
وتضيف المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن حملات الجيش على القرى والمنازل هي عبارة عن دخول قوات الجيش بالدبابات والمدرعات، ومن ثم التمركز في منطقة عالية من القرية، وقصف المنازل بشكل عشوائي. وتلفت إلى أن "الجيش يقوم في مرات قليلة جداً، بحملة مداهمات، خصوصاً في مناطق يسيطر عليها مقاتلو تنظيم "ولاية سيناء"، وتحديداً في رفح والشيخ زويد، وإلا تنشب اشتباكات طاحنة بين الطرفين".
وتشير المصادر إلى أن المخبرين الذين يعتمد عليهم الجيش من أهالي سيناء ويعرفون باسم "الجواسيس"، لهم دور كبير في حملاته، وإذا كان لدى هؤلاء خصومة مع أحد الأهالي فيتم هدم جميع المنازل في المنطقة، نظراً لأن الضابط لا يعرف الكثير عن طبيعة المنطقة وتعقيداتها عادةً.
وتلفت المصادر إلى أن الطائرات من دون طيار لا تتوقف عن التحليق في أجواء رفح والشيخ زويد، مرجّحة أن تكون طائرات إسرائيلية، وهي ليست المرة الأولى التي تدخل طائرات "زنانة" سماء المنطقة، مثلما يسمي أهالي سيناء الطائرات الإسرائيلية، وهو أمر له بالغ الأثر السلبي في نفوس أهالي سيناء.
اقرأ أيضاً: اعتداءات "ولاية سيناء": تطور القدرات من الأرض إلى السماء
ميدانياً، تشهد مدينة الشيخ زويد على مدار أسبوع حالة من عدم الاستقرار الأمني، عقب الهجوم على 7 ارتكازات (حواجز) أمنية للجيش على الطريق الدولي بين العريش والشيخ زويد، أسفرت عن مقتل نحو 20 شخصاً، معظمهم من العسكريين.
وهاجم مسلحون، يُعتقد أنهم من "ولاية سيناء"، مساء الأربعاء، سيارة مدنية عقب خروجها من معسكر الزهور في الشيخ زويد، وقاموا بإحراقها، وسط تحذير للسائق من التعامل مع الجيش مرة أخرى، عقب إطلاق سراحه. كما هاجموا كمين ميناء العريش البحري، مساء الأربعاء، ولم يتبيّن حجم الخسائر في الأرواح.
وقُتل شرطيان مصريان وأصيب ثلاثة آخرون، برصاص مسلحين مجهولين، في قرية الضهير، شرقي مدينة الشيخ زويد. أما يوم السبت الماضي، فهاجم مسلحون يُعتقد أنهم من "ولاية سيناء"، قسم شرطة الشيخ زويد ومعسكر الزهور للأمن المركزي، وعدداً من الارتكازات عدة مرات، في أوقات متفرقة. واللافت أنه في كل مرة يهاجم فيها المسلحون وتكون الفترة طويلة، يقومون باستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة وقذائف "آر بي جي".
وتترافق هذه التطورات مع معاناة قاسية يعيشها أهالي مدينتي الشيخ زويد ورفح على خلفية انقطاع التيار الكهربائي باستمرار، نظراً لتعمّد الطيران الحربي قصف المحولات الرئيسية. وتقبع أجزاء كبيرة من المدينتين في ظلام دامس. كما أن خطوط الاتصالات الهوائية والإنترنت دائمة الانقطاع على مدار اليوم، وتحديداً خلال عمليات الجيش، منعاً للنشر والإبلاغ عن سير الحملات.
اقرأ أيضاً: طائرات "إف 16".. هل تحسم معركة سيناء؟