أدت الانتكاسة الأمنيّة الخطيرة في مدينة الرمادي (مركز محافظة الأنبار) إلى موجة نزوح كبيرة، دفعت بمئات العوائل إلى النزوح إلى مناطق أكثر أمناً، فيما كشف الوجه الثاني للأزمة عن مدى تلاحم أبناء الشعب العراقي، من خلال استقبال أهالي كربلاء للنازحين من الأنبار.
وقال عضو مجلس عشائر الأنبار، الشيخ غانم العيفان لـ"العربي الجديد"، إنّ "الهجمة الشرسة التي نفّذها تنظيم داعش على مدينة الرمادي أدت إلى موجة نزوح كبيرة في المدينة"، مبينا أنّ "مئات العوائل تركت منازلها وأموالها وسياراتها ونزحت، بحثا عن المناطق الأكثر أمنا".
وأضاف، أنّ "مئات العوائل اتجهت، منذ سيطرة داعش على منطقة البوفراج ومن ثم بعد سيطرته يوم أمس على البوغانم وتوغله في الرمادي، نحو محافظة كربلاء"، مبينا أنّ "أهالي كربلاء بدورهم استقبلوا بحفاوة النازحين، وفتحوا لهم دورهم، وقابلوهم بحسن الضيافة والكرم".
وأشار العيفان إلى أنّ "الأزمة عكست المنبع الأصيل للعشائر العربية في كربلاء وفي العراق، ووحدة وتلاحم الشعب العراقي بكل أطيافه ومكوناته"، وقال: "ليس شيئاً جديداً على أهالي كربلاء وأهالي المحافظات الجنوبية أن يفتحوا مضايفهم ومنازلهم، مرحبين بالنازحين، بغضّ النظر عن الانتماء، فإنّ الكرم ديدنهم".
من جهته، قال الشيخ نائل الخيكاني، وهو أحد شيوخ محافظة كربلاء، إنّ "الأزمات العراقيّة مشتركة، والعدو مشترك، ويجب على كل العراقيين أن يتوحدوا في وجه داعش وفي وجه أيّ تدخل خارجي يريد السوء بالعراق".
وأكّد الخيكاني، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "أهالي محافظة كربلاء لا يهدأ لهم بال، ولن يغمض لهم جفن، وهم يرون أهالي الأنبار ينزحون وتغصّ بهم الشوارع"، مشيراً إلى أنّ "الأهالي فتحوا منازلهم لاستقبال إخوانهم من الأنبار". ودعا الشيخ، كل النازحين من الأنبار إلى "التوجه إلى كربلاء، فهي بيتهم الثاني"، مشدداً "لن يثنينا أيّ شيء عن القيام بواجبنا تجاه إخواننا أهل الأنبار، أهل الكرم".
من جهتها، أكّدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق أنّ "مئات العوائل في مدينة الرمادي نزحت، بسبب موجة العنف التي تشهدها المدينة". وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي، في بيان صحافي، إنّ "أغلب المهجرين هم من النساء والأطفال وكبار السن، وهناك عدد كبير منهم بلا مأوى"، مشيراً "ليست هناك ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية لهم، حيث يعانون النقص الحاد في المواد الغذائية وحليب الأطفال والمياه المعقمة".
وأكّد أنّ "داعش اتخذ من المدنيين العزل دروعا بشرية في الرمادي، كما قتل العشرات منهم"، داعياً القوات الأمنية إلى "فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات العاجلة لهم"، كما دعا الحكومة ومؤسساتها المعنية إلى "توفير مخيمات لإيوائهم وتقديم المساعدات لهم، والمتمثلة في المواد الغذائية والفرق الطبية لعلاجهم".
وطالب الأمم المتحدة ووكالاتها المعنية وقوات التحالف بـ"تأمين ممر إنساني جوي عاجل لإيصال المساعدات للمدنيين المحاصرين في المدينة".
ميدانيّا، "تجدّدت المعارك قرب مجمّع الدوائر الحكوميّة وسط الرمادي". وقال مصدر محلي لـ"العربي الجديد"، إنّ "عناصر داعش هاجموا، اليوم، مقرات للجيش والشرطة بالقرب من مجمع الدوائر الحكومية وسط مدينة الرمادي، استخدمت خلالها أسلحة متوسطة وثقيلة".
وأشار المصدر إلى أنّ "المعارك مستمرة، وأن أبناء العشائر والقوات الأمنيّة تحاول إحباط الهجوم"، مشيراً إلى "وصول تعزيزات عسكرية إلى مدينة الرمادي قادمة من قاعدة الحبانية شرق الرمادي".
اقرأ أيضاً:عشرات العوائل الأنبارية النازحة عالقة على حاجز تفتيش بكربلاء