وفي خطوة أميركية لافتة، تعزز الاحتمالات، التي شرعت بالتحول إلى وقائع، بقطع الطريق على رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، لتجديد ولايته، أجرى أوباما اتصالاً هاتفياً، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، برئيس الوزراء المكلف، طالبه فيه بتشكيل حكومة وحدة في أسرع وقت، وفق ما نقلت وكالة "الأناضول".
وقال أوباما، في كلمة أدلى بها أمام الصحافيين في جزيرة مارثاز فاينيارد، حيث يمضي إجازته في ماساتشوستس، إن "العراق خطا، اليوم، خطوة واعدة إلى الأمام"، وأضاف: "أمام القيادة الجديدة مهمة صعبة لاستعادة ثقة مواطنيها من خلال حكومة جامعة واتخاذ خطوات تؤكد عزمها".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن أوباما دعوته جميع القادة السياسيين في العراق للعمل بشكل سلمي خلال الأيام المقبلة، مشدداً على ضرورة تشكيل -وبأسرع وقت ممكن- حكومة تمثل المصالح الشرعية لجميع العراقيين، مجدداً تأكيده على أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في العراق.
وكان نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، أجرى، في وقت سابق من يوم الاثنين، اتصالاً هاتفياً برئيس الجمهورية فؤاد معصوم، عبر فيه عن دعمه تكليف العبادي بتشكيل الحكومة، ومؤكداً على رغبة أوباما في تعزيز التنسيق مع الحكومة العراقية الجديدة.
وعلى الرغم من الترحيب المحلي والدولي بالحراك السياسي العراقي، الذي أفضى إلى حلحلة عقدة رئاسة الحكومة، واصل نوري المالكي سياسة التعنت والرفض، لقرار غالبية القوى السياسية العراقية، إذ هاجم آلية اختيار مرشح "التحالف الوطني"، حيدر العبادي، خلفاً له، متهماً الولايات المتحدة بما وصفه تأييد الذين خنقوا الدستور بالعراق.
وقال المالكي، في ثاني خطاب متلفز له، خلال أقل من ست ساعات، يوم الاثنين: "لقد حذرنا في السابق من خرق الدستور، وخصوصاً من الخروقات القاسية للدستور، والتي كان آخرها رفض رئيس الجمهورية تكليفنا، باعتبارنا مرشح الكتلة الأكبر ... على الرغم من قرار المحكمة الاتحادية بتسمية الائتلاف (دولة القانون) ككتلة أكبر".
واعتبر المالكي أن غريمه العبادي لا يمثل "دولة القانون"، وانتحل تلك الصفة وسيكون أمام مساءلة قانونية وأخلاقية، على حد قوله.
ودعا المالكي من أسماهم بـ"المجاهدين والقوات المسلحة، الذين يقلقهم ما حصل، إلى الثبات في مواقعهم، وعدم الاهتمام أو القلق".
وعلى خلاف ما اعتادت عليه وسائل الإعلام العراقية، فقد أهملت اليوم خطاب المالكي، وركزت، في المقابل، على عدة كلمات أطلقها رئيس الحكومة الجديد، الذي قال في بيان صحفي مقتضب "سأكون أميناً على مصالح الشعب العراقي، وأحارب تنظيم داعش وأجمع شمل العراقيين".
واقتصرت ردود الفعل الشعبية على إزاحة المالكي، على قيام المئات من عشيرة بني مالك، التي ينتمي إليها، بقطع الطريق بين محافظتي البصرة وميسان جنوب العراق. وقال مصدر في شرطة محافظة البصرة، لـ"العربي الجديد"، إن متظاهرين قطعوا الطريق في منطقة القرنة شمال البصرة، مبيناً أن الشرطة لم تتمكن من تفريق المحتجين الذين حمل الكثير منهم أسلحة متوسطة وخفيفة، فضلاً عن لافتات مؤيدة للمالكي، وأطلقوا شعارات تصف العبادي بـ "الخائن".
وفي سياق متصل، قال سكان محليون، لـ"العربي الجديد"، إن أنصار المالكي أحرقوا إطارات السيارات في الطريق العام، ما أدى الى توقف حركة السير.
من جهته، قال أحد شيوخ عشيرة بني مالك، حسن المالكي، لـ"العربي الجديد"، إن التظاهرات خرجت بصورة عفوية ولم يدعُ إليها أحد، مبيناً أن شيوخ العشائر يبذلون الجهود لإنهاء المظاهر المسلحة فيها لتستمر بطابعها السلمي، محذراً من مغبة الاستمرار في تكليف العبادي، لأن ردة فعل عشائر بني مالك لن تكون منضبطة، وقد تأتي بنتائج لا تحمد عقباها، على حد قوله.
وفي الشأن ذاته، أعلنت النائب عن ائتلاف "دولة القانون"، عواطف نعمة، أن ائتلافها سيطعن بتكليف العبادي بتشكيل الحكومة لدى المحكمة الاتحادية، واتهمت في بيان، رئيس الجمهورية، بقيادة ما سمتها "مؤامرة" واضحة المعالم ضد المالكي.