أشاد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، اليوم الثلاثاء، لدى استقباله أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في البيت الأبيض، بالدور الذي تقوم به الدوحة في إطار الائتلاف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مشيراً إلى وجود "شراكة متينة" بين البلدين، حسبما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وقال أوباما في ختام لقاء عقده في البيت الأبيض مع أمير قطر: "نحن مصممان على القيام بكل ما هو ممكن لدحر تنظيم (الدولة الإسلامية)، ولكي يتمكن الجميع من العيش بسلام في العراق"، وأعرب عن "قلق البلدين الشديد" حيال الوضع في سورية.
وتعتبر هذه الزيارة الأولى للشيخ تميم إلى البيت الأبيض، منذ تسلمه الحكم في قطر في يونيو/حزيران 2013.
وحول الوضع في سورية، أضاف أوباما: "نواصل دعم المعارضة المعتدلة، ونواصل الاعتقاد بأنه لن يكون من الممكن إعادة الاستقرار الكامل إلى هذا البلد ما دام الرئيس بشار الأسد، الذي فقد كل شرعية، ولم يغادر السلطة"، وتساءل "كيف نصل إلى ذلك؟ إنه تحدٍّ كبير تبادلنا بشأنه الأفكار"، وأوضح أوباما أنه "تم التطرق أيضاً إلى الوضع في اليمن".
من جهته، شدد أمير قطر على "العلاقة القوية" بين البلدين خصوصاً في المجال العسكري، وفقاً لـ"فرانس برس".
كما بحث الشيخ تميم مع نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، سبل تطوير وتعزيز علاقات التعاون بين البلدين الصديقين، حسبما ذكرت وكالة الأنباء القطرية.
وجرى خلال إفطار العمل، الذي تم في منزل بايدن، تبادل وجهات النظر حول مجمل الأوضاع الدولية وآخر التطورات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط.
وكان أمير قطر قد نشر مقالاً في صحيفة "نيويورك تايمز"، تحت عنوان "رسالة إلى الرئيس أوباما"، أكد فيه أن "دولة قطر تمثل حجر الأساس للاستقرار في بحر من الاضطراب، وقال
:" نحن جزء لا يتجزأ من المنطقة، ونهتم بشكل كبير بأمنها واستقرارها، وقد انضممنا إلى التحالف الدولي الذي تقوده أميركا ضد الإرهاب، ومتحدون مع شركائنا في الخليج لمكافحة التطرف العنيف بكافة أشكاله، وللحفاظ على دورنا كوسطاء بين الفرقاء الإقليميين. ونحن قمنا بخطوات نشيطة في الجهود الدبلوماسية لحل النزاعات التي طال أمدها بالأماكن التي تمزقها الصراعات، مثل السودان ولبنان واليمن".
الحلُّ العسكري لا يكفي لمواجهة الإرهاب
وأوضح أن "منطقة الشرق الأوسط تشهد أزمنة صعبة، مع استمرار العنف في سورية والعراق، أضيفت إليه الأزمات الجديدة في ليبيا واليمن، ناهيك عن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني المستمر بلا هوادة، لكن رغم أن الوضع الآن سيئ، إلا أنه سيشهد مزيداً من التدهور، خاصةً أن الدول المحبة للسلام في العالم لا تتصرف بسرعة لكبح جماح قوى الفوضى والعنف".
معالجة اليأس
وأشار إلى أنه "يعلم أن الكثير في الغرب ينظر إلى أن التهديد الإرهابي هو بسبب مشكلة واحدة وهي الإسلام، " لكن بوصفي مسلماً، يمكنني أن أقول لكم إن المشكلة ليست في الإسلام، بل في حالة اليأس، هي نوع من اليأس الذي ينتشر في مخيمات اللاجئين السوريين والفلسطينيين، وفي المناطق والقرى التي أنهكتها الحرب في سورية والعراق واليمن وليبيا وغزة. إنه اليأس الذي نراه في الأحياء الفقيرة المجاورة للمدن الأوروبية الكبيرة، بل وحتى في الولايات المتحدة. هذا هو اليأس، الذي لا يعرف دولة ولا ديناً، إننا بحاجة إلى معالجة هذه المشكلة إذا أردنا وقف موجة الإرهاب".
محاسبة الطغاة
وأشار إلى أن "هذا الأمر ليس ذريعة للإرهاب، وهي ليست كذلك. فقطر دانت بقوة الأعمال الوحشية التي ترتكبها المجموعات المتطرفة، وأكدت ثباتها في دعم المبادرات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب، لكن استعمال الرصاص والقنابل وحدهما لا يمكن أن يؤدي إلى كسب الحرب على الإرهاب".
الأسد يبيد شعبه
وأعرب عن أسفه لأن "حربنا على الإرهاب، في بعض الحالات، تساعد في الحفاظ على الديكتاتوريات الملطخة بالدماء، التي ساهمت في ارتفاع هذه الحركات الإرهابية. نحن نعتقد أن المعركة ضد التطرف العنيف لن تنجح إلا إذا اقتنع سكان المنطقة بالالتزام بإنهاء الأنظمة الاستبدادية، من أمثال بشار الأسد في سورية، الذي يقود حرب إبادة جماعية ضد شعبه، لكن مسؤولية القيام بذلك يجب ألا تتحملها الولايات المتحدة وحدها، وعلى الدول العربية أن تعمل معاً لإيجاد حل سياسي في سورية".
إنهاء الاحتلال الإسرائيلي
وشدد على "ضرورة العمل أيضاً على إيجاد حلول دبلوماسية للصراعات التي طال أمدها، والتي تعمق عدم الثقة وتغذي الإحباط الذي يولد التطرف، فيجب إنهاء الاحتلال العسكري الذي دام لعقود طويلة في فلسطين، ويجب إنشاء دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة، وسيكون من السهل فتح آفاق لحل هذا الصراع الشائك، لكن كما أوضح حصار غزة العام الماضي، فإن بقاء الوضع على ما هو عليه لم يعد خيارا".
قيم الربيع العربي
وختم مقاله بالقول إنه "على مدى السنوات الثلاث الماضية، وقف المجتمع الدولي موقف المتفرج أمام توق الشباب في العالم العربي للحصول على الحرية والعدالة والأمن الاقتصادي، الذي تعاملت معه القوى السياسية بازدراء. لكن رغم كل هذا التشاؤم الذي تولده قوى العنف والقمع، فإن شباب العالم العربي لا يزال صامداً وملتزماً بمستقبل أفضل، إنه لا يزال يأمل في العيش بشرق أوسط يحترم الكرامة الإنسانية ويحقق عدالة فعلية وصحيحة، لكن آماله لن تستمر إذا لم نتحرك كما يجب، ونسعى لاستعادة ثقته ودعمه من خلال تجديد التزامنا بالقيم، التي تظاهر من أجلها في الربيع العربي".
اقرأ أيضاً: قضايا المنطقة في قمة أمير قطر وأوباما اليوم بواشنطن