صعّدت روسيا، اليوم السبت، من انتقاداتها للسلطات الأوكرانية على خلفية سقوط عشرات القتلى في أوديسا، أمس الجمعة، فيما تواصلت العمليات الميدانية في كراماتورسك بالتزامن مع إطلاق الانفصاليين سراح جميع المراقبين الغربيين في بلدة سلافيانسك.
لا تأثير روسياً على الانفصاليين
وأعلن المتحدث باسم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ديمتري بيسكوف، اليوم السبت، أن الكرملين لم يعد له تأثير على الانفصاليين في شرق أوكرانيا، متهماً سلطات كييف بالمسؤولية المباشرة عن إراقة الدماء.
وقال بيسكوف "من الآن فصاعداً لم يعد لروسيا أي تأثير على الانفصاليين". وأوضح أنه "سيكون من المستحيل إقناعهم بتسليم أسلحتهم عندما تكون حياتهم معرضة للخطر". وأشار إلى أن "أعمال العنف التي وقعت، أمس الجمعة، في مدينة أوديسا الأوكرانية وقتل فيها العشرات، تجعل من فكرة إجراء انتخابات الرئاسة الأوكرانية المقررة في وقت لاحق هذا الشهر، سخيفة".
ورفض بيسكوف الإجابة عن سؤال لوكالات الأنباء الروسية حول رد موسكو إزاد التصعيد في الأزمة الأوكرانية، واكتفى بالقول "لا يمكنني الإجابة عن هذا السؤال، هذا عنصر جديد جداً علينا".
الى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، يوم السبت، أن وزير الخارجية سيرغي لافروف، أبلغ نظيره الأميركي، جون كيري، بأن "على الولايات المتحدة استخدام نفوذها، لحمل الحكومة الأوكرانية على الوقف الفوري للعمليات العسكرية، في جنوب شرق أوكرانيا".
وأضاف لافروف أن "من المهم زيادة دور الوساطة الذي تؤديه منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لضمان أن تفي كييف باتفاق جنيف بشأن نزع فتيل الأزمة في أوكرانيا".
من جهتها، طلبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، اليوم، اجراء تحقيق مستقلّ، لتحديد المسؤولين عن أعمال العنف التي أوقعت نحو خمسين قتيلاً، يوم الجمعة، في ميناء أوديسا، جنوب أوكرانيا، ودعت الى "ضبط النفس" لعدم تفاقم الوضع.
وقتل 42 شخصاً، حسب الشرطة المحلية، الجمعة في أوديسا من بينهم عشرات من الانفصاليين الموالين لروسيا لقوا مصرعهم في حريق عمدي لمبنى احتموا به. ودعت أشتون "كل الأوكرانيين الى الاتحاد وايجاد وسيلة للتغلب على الانقسامات، التي جرى تغذيتها بطريقة مصطنعة في الأشهر الاخيرة".
الإفراج عن المراقبين
في غضون ذلك، أفرج الانفصاليون الموالون لروسيا، اليوم، عن المراقبين الغربيين بعد أكثر من أسبوع على احتجازهم، إلا أن الأنباء تضاربت حول عدد المفرج عنهم، فأكد زعيم الانفصاليين، فياتشيسلاف بونوماريوف، أن عددهم يبلغ "12 شخصاً وبينهم أوروبيون وأوكرانيون، وأنه لم تكن هناك شروط للإفراج عنهم".
وبينما تحدث أيضاً مبعوث الرئيس الروسي الخاص، ديمتري لوكين، عن "إطلاق سراح 12 مراقباً كانوا محتجزين لدى الانفصاليين"، قالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن "المفرج عنهم عددهم سبعة مراقبين".
وعبّر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، عن ارتياح بلاده "للافراج عن مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا"، وحث روسيا على بذل المزيد من الجهد "لخفض التوتر".وأشار الى أنه " تباحث في الأمر مع نظيره الروسي سيرغي لافروف".
حرب في كراماتورسك
في هذه الأثناء، تصاعد التوتر الأمني في مدن الشرق الأوكراني، وتحديداً في كراماتورسك. وقال رئيس مركز مكافحة الإرهاب في أوكرانيا، فاسيل كروتوف، اليوم، إن قتالاً عنيفاً يدور في بلدة كراماتورسك الشرقية جنوبي سلافيانسك معقل انفصاليين موالين لروسيا.
وقال كروتوف، في مؤتمر صحافي، "هناك إطلاق نار واشتباكات حول كراماتورسك". وأضاف "ما نواجهه في منطقة دونيتسك وفي المناطق الشرقية ليس انتفاضة قصيرة المدى وحسب، لكنها في الواقع حرب".
وكان وزير الداخلية الأوكراني، أرسين أفاكوف، أعلن صباح اليوم أن القوات الأوكرانية سيطرت على برج تلفزيوني في كراماتورسك قرب معقل المتمردين في سلافيانسك.
وقال أفاكوف على صفحته على "فيسبوك" "لن نتوقف"، ولكنه لم يعط تفاصيل بشأن عدد الضحايا.
من جهتها، اتهمت متحدثة باسم جهاز الأمن الأوكراني، جماعات مسلحة من منطقة تراسدنيستريا الانفصالية في مولدوفا ومجموعات روسية، بأنها تعمل على تأجيج اضطرابات في مدينة أوديسا الجنوبية، فيما دعت السلطات المحلية في أوديسا إلى التزام الهدوء، بعد ارتفاع حصيلة ضحايا أعمال العنف التي وقعت أمس الجمعة إلى 42.
ورأت المتحدثة باسم جهاز الأمن الأوكراني، في مؤتمر صحافي، أن "الاضطرابات التي وقعت في الثاني من مايو/أيار في أوديسا وأدت إلى اشتباكات وأسقطت ضحايا ناجمة عن تدخل خارجي".
وقالت إن مسؤولين كبارا سابقين مقربين من الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، مولوا "مخربين" لتأجيج اضطرابات، وألقت المسؤولية على سيرهي اربوزوف واولكسندر كليمنكو "المختبئين في دولة مجاورة"، في إشارة غير مباشرة إلى روسيا.
جلسة مجلس الأمن
وجاءت هذه التطورات، بعد ساعات من جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن الدولي، بناء على طلب روسيا، أمس الجمعة، اتهم السفير الفرنسي في الأمم المتحدة جيرار أرو، روسيا بوقوفها وراء زعزعة الاستقرار في أوكرانيا. وقال في كلمته "نحن نسعى منذ أسابيع هنا في هذه القاعة إلى منع تصعيد الموقف، لكن روسيا تسعى من جانبها إلى تصعيد التوتر في أوكرانيا".
الانتقادات لروسيا، واصلها السفير البريطاني في الأمم المتحدة، مارك ليال غرانت، إذ قال "لا أحد يرضى هنا بأن يحتل مسلحون المباني الحكومية. كما أنّ لا أحد يمكنه أن يصدّق المزاعم الروسية بأن متظاهرين سلميين قاموا بإسقاط طائرتين تابعتين لسلاح الجو الأوكراني".
وفي بداية الجلسة، استمع أعضاء المجلس إلى إفادة حول الأوضاع في أوكرانيا من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، جيفري فيلتمان، الذي سيتوجه إلى موسكو وكييف الأسبوع المقبل لبحث التهدئة.
وقال فيلتمان "في أكثر من عشر مدن (شرق وجنوب أوكرانيا) سيطرت الجماعات المسلحة على عدد متزايد من المباني الحكومية، وما يثير القلق هو الوضع في مدينة سلوفيانسك الشرقية".
وأوضح أن المدينة التي يقطنها 125 ألف شخص، احتلها متمردون مسلحون في الثاني عشر من أبريل/ نيسان الماضي.
أوباما وميركل سيعاقبان موسكو
وتزامنت جلسة مجلس الأمن مع مؤتمر صحافي، عقده الرئيس الأميركي، باراك أوباما، مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في البيت الأبيض أمس، وهددا فيه بفرض عقوبات اقتصادية إضافية ضد روسيا.
وانتقد أوباما وميركل سيطرة انفصاليين روس على مبان حكومية، واختطاف مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وتقول واشنطن إن المتمردين المسلحين الذين سيطروا على بلدات ومبان حكومية في شرق أوكرانيا يعملون بتوجيه من السلطات الروسية. وتنفي روسيا أي دور لها في هذه الأحداث، وتصفها بـ"انتفاضة" ورد عفوي على قمع كييف للناطقين بالروسية.
وفي السياق، دعت الولايات المتحدة كلاً من أوكرانيا وروسيا إلى "إعادة بسط النظام" في مدينة أوديسا، معتبرة أن "أعمال العنف والفوضى التي أوقعت بلا طائل الكثير من القتلى والجرحى غير مقبولة".
وأضافت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جين بساكي "ندعو الطرفين إلى العمل معاً من أجل إعادة بسط الهدوء والقانون والنظام".
وطالبت "السلطات الأوكرانية بفتح تحقيق وسوق كل المسؤولين (عن أعمال العنف في أوديسا) إلى القضاء".