شهد أول اجتماع لحكومة هشام المشيشي اليوم الخميس، تنحية وزير الثقافة وليد الزيدي، وهو أول كفيف يتم اختياره في حكومة تونسية، فيما تغيب وزير النقل المقترح معز شقشوق، وذلك لالتزامه بالحجر الصحي إثر عودته من الخارج.
وتخلى المشيشي عن وزير الثقافة وليد الزيدي على خلفية التلويح بانسحابه من المنصب الوزاري وكان تعيينه أثار جدلاً واسعاً في تونس، بين مشكك في تاريخه وفِي قدرته على تولي حقيبة مماثلة.
وكتب أمس الزيدي في تدوينة على صفحته الرسمية فيسبوك: "قد أتعفف عنها، وأرفضها، فأنا لا أصلح إلا للجامعة أو خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة"، ومن المنتظر تعيين شخصية ثانية في هذه الحقيبة بحسب بلاغ حكومي.
وقال رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي إنه "لا بد من استعادة الثقة في عديد المجالات ومنها ثقة التونسيين في الحكومة، وفِي الاستثمار الداخلي والخارجي"، مبينا أن فريقه الحكومي ينتظر تسلم مهامه، وفتح الملفات ذات الأولوية، مؤكدا أن العمل سيكون بحسب عقد أخلاقي ويلزم كل وزير بخدمة التونسيين، والحد من تدهور القدرة الشرائية للمواطن، والإحاطة بالفئات الهشة.
وتابع المشيشي في مؤتمر صحافي أنه تم خلال هذا الاجتماع تحديد أولويات العمل، مشيرا إلى أنه سيواصل التعامل مع كل الأحزاب والنظر في البرامج التي تقترحها، وأنه تم التشاور معها بخصوص برنامج عمل الحكومة، وتقديم جملة من المحاور الأساسية التي سيقع التركيز عليها ضمن وثيقة عمل الحكومة، ولكن تقديم برنامج مفصل يتطلب مزيدا من الوقت، مشددا على إن لقاءات مهمة ستجمعه بالأحزاب في الأيام القادمة لمزيد التشاور حول القرارات الكبرى.
وأكد أستاذ القانون الدستوري عبد الرزاق المختار، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تنحية وزير الثقافة قبيل جلسة منح الثقة سابقة لم يتم التعرض لها في الحكومات السابقة، مبينا أن القانون ينص على أنه لا يمكن تغيير القائمة بعد ورودها على مجلس نواب الشعب، مؤكدا أن هذا الأمر "ضروري لحماية وحدة المرشحين، ولكن يمكن لرئيس الحكومة المكلف إجراء تعديل لاحقا، أي بعد التصويت وإنهاء التكليف".
تنحية وزير الثقافة قبيل جلسة منح الثقة سابقة لم يتم التعرض لها في الحكومات السابقة
وتابع المختار أن لا إنهاء للتكليف تحت أي مبرر إلا في الضرورة القصوى كالوفاة والمرض، والإنهاء يعطي انطباعا سيئا عن سوء الاختيار، خاصة في حكومة كفاءات مستقلة، وبالتالي كان من الأنسب عدم مس القائمة، مذكرا أنه في حكومة الحبيب الجملي تواترت تصريحات عن تغيير بعض الوزراء المكلفين واستقر الرأي حينها على عدم التغيير، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيفتح الباب للالتفاف حول التكليف والقائمة النهائية، وكان على رئيس الحكومة التثبت أكثر حول مدى استعداد بعض الشخصيات للعمل.
وأكد أستاذ القانون الدستوري أن طلب عقد جلسة عامة لم يرفقه رئيس الجمهورية بطلب لدورة استثنائية للبرلمان بوصفه في عطلة ولا يمكنه أن يجتمع إلا بطلب كتابي، وفِي ذلك مخالفة للفصل 57 من الدستور، مؤكدا أن الإشكال القانوني الثاني يكمن في تعيين وزراء ولا وجود للوزارات، لأن الأقطاب الوزارية الجديدة لا وجود لها الآن، وسيكون هناك تصويت على وزراء افتراضيين وفِي ذلك مخالفة للفصل 92.
من جانبه، بين المحلل السياسي، ماجد البرهومي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن عنصر غياب الخبرة هو الطاغي في الترشحات وفِي تشكيل الحكومة، فاختيار وزراء وكأنهم لا يعلمون بتكليفهم والتضارب الذي حصل حول اسمين متشابهين، مع غياب رجال الدولة دليل على الارتباك، مبينا أنه لا تشكيك في حسن نوايا المشيشي ولكن للأسف هذه الحكومة لن يكون لها سند سياسي، واختيار حكومة مستقلين قد يفشل لأن الاستقلالية والعمل في الإدارة لن يكونا مقياسا لنجاح الكفاءات.
وتابع المتحدث أن الحكومة قد تمر لأنها حكومة الأمر الواقع، ولكن طالما أن الأحزاب غير مقتنعة بالحكومة فإنها ستكون ضعيفة وسيتبرع بها خصومها.