انطلقت أمس السبت في تونس الحملات الانتخابية الخاصة بالانتخابات البلدية، التي ستجرى في 6 مايو/أيار المقبل، وهي أول انتخابات محلية في تونس بعد الثورة، والتي طال انتظارها بسبب تدهور الأوضاع الخدماتية في المدن والقرى التونسية. كما انتظر المواطنون التونسيون لسنوات انتهاء الجدل السياسي حول هذه الانتخابات، التي تم تأجيلها أكثر من مرة، بسبب خوف الأحزاب السياسية من تداعيات نتائجها، بحكم أنها تأتي قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية نهاية العام المقبل. وإلى ما قبل أسابيع، كانت هذه الانتخابات بين الشك واليقين، بحكم الخلافات الداخلية والمواقف الخارجية. ولا ترتبط أهمية هذه الانتخابات بتحسين الأوضاع الخدماتية والبلدية المعروفة فقط، وإنما ستشكل لحظة فارقة في نوعية وشكل الحكم في تونس، وقد تلقي بظلالها على بعض الدول الأخرى، بحكم أنها ستحد من سطوة الحكم المركزي وستمنح الجهات الداخلية قدراً كبيراً من استقلالية القرار التنموي، أي أن الحكم سيتحول تدريجياً من المركز إلى الأطراف، ما سيعيد النظر في شكل الدولة أصلاً، وهو ما سيشكل تجربة مهمة للغاية، إذا نجحت، فإنها ستشكل مثالاً لدول عربية، وفي الوقت ذاته، تسبب خوفاً لسلطات بعض هذه الدول والحكومات التي يتركز الحكم فيها في دائرة مركزية ضيقة للغاية. وتثير هذه المسألة بالذات جدلاً متواصلاً في تونس، وذلك على هامش مناقشة مجلة الجماعات المحلية (البلديات) في البرلمان التي ستوضح كيفية إدارة الشأن المحلي والجهوي. ويأمل التونسيون أن يتم الانتهاء من المصادقة على فصولها قبل يوم الاقتراع في 6 مايو المقبل.
ويتساءل التونسيون عن الكيفية التي ستسير بها الحملات الانتخابية بين الأحزاب والقوائم المستقلة وحول شكل الخطاب التنافسي ومضامينه وعن تمويل الحملات الانتخابية خصوصاً، وهي مهام تكفَّل بها المجتمع التونسي باقتدار كبير خلال التجارب الانتخابية الماضية، وسيكون أيضاً حاضراً بقوة خلال هذه الانتخابات. وأكدت رئيسة الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد) ليلى الشرايبي، لـ"العربي الجديد"، أنّ جمعية "عتيد" نفذت دورة تدريبية لمراقبي الحملة الانتخابية، وسيتم وضع قرابة 10 مراقبين في كل مكتب جهوي للانتخابات. وأوضحت أنه سيتم مراقبة التظاهرات الانتخابية والدعائية، خصوصاً الخطابات، وإن كانت تتضمن أي دعوات عنف أو كراهية أو تفرقة، إلى جانب مراقبة مدى مشاركة المرأة في الحملات الانتخابية، والأشخاص ذوي الإعاقة وهل سيتم إشراكهم فعلياً أم لا؟. وأشارت إلى أنه سيتم مراقبة 20 في المائة من البلديات، أي نحو 72 بلدية من إجمالي 350، لأنه لا يمكن مراقبة جميع البلديات، وسيتم تدوين التجاوزات، لكنها أوضحت أنه إذا وقعت تجاوزات كبيرة، فإنه سيتم الاتصال بالهيئة العليا للانتخابات لضمان حسن سير الحملة الانتخابية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتسجيل أقل عدد ممكن من التجاوزات.