01 يونيو 2017
أوهام ظريف عن السلام
غالبا ما واجه الإيرانيون التصعيد الأميركي ضدهم بتصعيد مقابل، ضد أميركا بصورة مباشرة، أو ضد دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً أن طهران تملك كثيراً من أوراق اللعب والمساومات التي تجعل الوصول إلى نقطة الإنفجار مع الولايات المتحدة مؤجلة دائما، خشية الدخول في مواجهةٍ محسومة سلفاً لمصلحة الطرف الأقوى.
أكثر ما يثير الانتباه في مقال وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف "مستعدون لإهداء السلام إلى المنطقة" في "العربي الجديد" (20 مايو/أيار الماضي)، أنه يجدّد تأكيد حصاد إيران لسياسات أميركا المضطربة في المنطقة، بعد أحداث سبتمبر/ أيلول 2001، من خلال اعتبار دور إيران في أفغانستان والعراق إيجابيا. أي في الدول التي احتلتها الولايات المتحدة العقد الماضي.
وكأن ظريف يريد أن يقول إن ما تزرعه أميركا تحصده إيران، على الرغم من أن الأوضاع ما زالت كارثية في هذين البلدين، فأفغانستان مضطربة، وشبح "طالبان" يحوم في أجوائها. أما العراق، فعدد المليشيات الإرهابية فيه أكبر من أن يحصى.
فالنماذج "البراقة" التي يطرحها ظريف للتعاون في مواجهة الإرهاب تظهر فشلاً إيرانياً ذريعاً في صناعة الاستقرار، وأن طهران نفسها طرفٌ في زراعة الإرهاب في المنطقة، ولم تحصد مما زُرع العقد الماضي، إلا الأعاصير.
تتطابق تجربة إيران في المنطقة مع تجربة المنظمات الإرهابية، مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، التي لا تنمو ولا تترعرع إلا في أجواء انهيارات الدول، والخلافات الطائفية، وغياب المجال السياسي، والتحول إلى سياقات مسلحة بالكامل. فإيران تتوسع عبر المليشيات، وعبر الطائفية، وهذان نقيضان للدولة، الأمر الذي فعلته المنظمات الإرهابية في العراق وسورية، وحاولت فعله في الخليج بالتسلل عبر العمليات الطائفية التي استهدفت مساجد الكويت والسعودية في 2014 و2015.
وهنا يأتي السؤال، أيّ معنى للسلام في حديث ظريف؟ وسيكون الجواب قطعا أنه مجرد لغو، يردّده الإيرانيون توازيا مع محاولاتهم مد نفوذهم في هذه الدولة، أو صناعة مليشيا جديدة في تلك.
موقف السعودية من إيران أوضح من موقف إيران تجاه المملكة، فالرياض عندما تتحدّث عن "علاقات حسن الجوار" لا تموّل مليشيات تضرب الداخل الإيراني. كما أن موقفها الأكثر وضوحا، والذي كرّره وزير الخارجية عادل الجبير، يؤكد على "علاقات إيجابية مع الشعب الإيراني" والاستعداد لعلاقات أفضل "حال توقف إيران عن زعزعة استقرار المنطقة"، فمطالب الرياض أكثر تحديداً ووضحاً.
لا يمكن الحديث عن تفاهماتٍ، في ظل تورط إيران الدامي في العراق وسورية، ودعمها مليشيات في اليمن ولبنان. لم تقم إيران بأي خطوة إيجابية تجاه الخليج منذ هيمنتها على العراق، وخوضها حرباً أهلية فيه. وبدلاً من التفاهم مع جيرانها لنزع فتيل أزمتها النووية، ذهبت إلى التفاهم مباشرة مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي كانت مقاربته للملف الإيراني مختلفة.
اليوم تلوم إيران دول مجلس التعاون الخليجي، ودولاً عربية وإسلامية، على السير باتجاه عزلها، بالتعاون مع الولايات المتحدة، الطرف الذي تجاهلت إيران المنطقة، وذهبت إلى التفاهم معه في أزمة الاتفاق النووي.
لا يوجد أحد في المنطقة، خصوصا في الرياض، يرغب بمواجهة مباشرة مع إيران. وحديث وسائل الإعلام الإيرانية أن "أميركا لن تحارب إيران نيابة عن الخليج" محض لغو، فلا يريد ولا يتوقع أحد، أن تحارب أميركا إيران في منطقةٍ غير مستقرة بقدر منطقتنا.
يتعلق الأمر كله بإعادة الاستقرار للدول التي انهارت فجأة في المشرق العربي، وتلك التي أصبحت أشباه دول، من العراق وسورية إلى لبنان واليمن. الأمر الذي لا يحدث إلا من خلال مواجهة إيران في تلك الدول، والتوحد على رؤية واحدة في المنطقة، ضمن تفاهماتٍ مع قوى دولية بالتأكيد.
أكثر ما يثير الانتباه في مقال وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف "مستعدون لإهداء السلام إلى المنطقة" في "العربي الجديد" (20 مايو/أيار الماضي)، أنه يجدّد تأكيد حصاد إيران لسياسات أميركا المضطربة في المنطقة، بعد أحداث سبتمبر/ أيلول 2001، من خلال اعتبار دور إيران في أفغانستان والعراق إيجابيا. أي في الدول التي احتلتها الولايات المتحدة العقد الماضي.
وكأن ظريف يريد أن يقول إن ما تزرعه أميركا تحصده إيران، على الرغم من أن الأوضاع ما زالت كارثية في هذين البلدين، فأفغانستان مضطربة، وشبح "طالبان" يحوم في أجوائها. أما العراق، فعدد المليشيات الإرهابية فيه أكبر من أن يحصى.
فالنماذج "البراقة" التي يطرحها ظريف للتعاون في مواجهة الإرهاب تظهر فشلاً إيرانياً ذريعاً في صناعة الاستقرار، وأن طهران نفسها طرفٌ في زراعة الإرهاب في المنطقة، ولم تحصد مما زُرع العقد الماضي، إلا الأعاصير.
تتطابق تجربة إيران في المنطقة مع تجربة المنظمات الإرهابية، مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، التي لا تنمو ولا تترعرع إلا في أجواء انهيارات الدول، والخلافات الطائفية، وغياب المجال السياسي، والتحول إلى سياقات مسلحة بالكامل. فإيران تتوسع عبر المليشيات، وعبر الطائفية، وهذان نقيضان للدولة، الأمر الذي فعلته المنظمات الإرهابية في العراق وسورية، وحاولت فعله في الخليج بالتسلل عبر العمليات الطائفية التي استهدفت مساجد الكويت والسعودية في 2014 و2015.
وهنا يأتي السؤال، أيّ معنى للسلام في حديث ظريف؟ وسيكون الجواب قطعا أنه مجرد لغو، يردّده الإيرانيون توازيا مع محاولاتهم مد نفوذهم في هذه الدولة، أو صناعة مليشيا جديدة في تلك.
موقف السعودية من إيران أوضح من موقف إيران تجاه المملكة، فالرياض عندما تتحدّث عن "علاقات حسن الجوار" لا تموّل مليشيات تضرب الداخل الإيراني. كما أن موقفها الأكثر وضوحا، والذي كرّره وزير الخارجية عادل الجبير، يؤكد على "علاقات إيجابية مع الشعب الإيراني" والاستعداد لعلاقات أفضل "حال توقف إيران عن زعزعة استقرار المنطقة"، فمطالب الرياض أكثر تحديداً ووضحاً.
لا يمكن الحديث عن تفاهماتٍ، في ظل تورط إيران الدامي في العراق وسورية، ودعمها مليشيات في اليمن ولبنان. لم تقم إيران بأي خطوة إيجابية تجاه الخليج منذ هيمنتها على العراق، وخوضها حرباً أهلية فيه. وبدلاً من التفاهم مع جيرانها لنزع فتيل أزمتها النووية، ذهبت إلى التفاهم مباشرة مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي كانت مقاربته للملف الإيراني مختلفة.
اليوم تلوم إيران دول مجلس التعاون الخليجي، ودولاً عربية وإسلامية، على السير باتجاه عزلها، بالتعاون مع الولايات المتحدة، الطرف الذي تجاهلت إيران المنطقة، وذهبت إلى التفاهم معه في أزمة الاتفاق النووي.
لا يوجد أحد في المنطقة، خصوصا في الرياض، يرغب بمواجهة مباشرة مع إيران. وحديث وسائل الإعلام الإيرانية أن "أميركا لن تحارب إيران نيابة عن الخليج" محض لغو، فلا يريد ولا يتوقع أحد، أن تحارب أميركا إيران في منطقةٍ غير مستقرة بقدر منطقتنا.
يتعلق الأمر كله بإعادة الاستقرار للدول التي انهارت فجأة في المشرق العربي، وتلك التي أصبحت أشباه دول، من العراق وسورية إلى لبنان واليمن. الأمر الذي لا يحدث إلا من خلال مواجهة إيران في تلك الدول، والتوحد على رؤية واحدة في المنطقة، ضمن تفاهماتٍ مع قوى دولية بالتأكيد.