وبثّ التلفزيون الحكومي، صوراً تظهر تبون وهو يستقبل أويحيى، عند مدخل القصر الحكومي وسط العاصمة الجزائرية، مشيراً إلى أنّ أويحيى باشر مهامه في انتظار تعيين بوتفليقة للفريق الحكومي.
وينتظر أن ينهي بوتفليقة، مهام عدد من الوزراء، بينهم وزير الصناعة بدة محجوب، الذي كان قد قرر وقف مشاريع مصانع تركيب السيارات، واتهم المستثمرين بالاحتيال، فضلاً عن وزير التجارة أحمد ساسي الذي أوقف استيراد عدد من السلع والبضائع من الخارج، وهو ما أغضب الرئاسة الجزائرية.
أويحيى الذي كان يشغل منصب رئيس الديوان الرئاسي، وهو الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي" (الحزب الثاني للسلطة) يعود إلى المنصب ذاته للمرة الرابعة في مساره السياسي، منذ عام 1995، والثالثة في عهد بوتفليقة منذ عام 1999.
من جهته، قال تبون، في تصريح مقتضب، لموقع إخباري جزائري، إنّ وفاءه للرئيس بوتفليقة سيظل كاملاً، رغم قرار إقالته المثير للجدل.
وكان بوتفليقة قد أنهى، عصر أمس الثلاثاء، مهام تبون، في أول يوم عمل بعد عودته من عطلته الصيفية.
وزعمت الرئاسة أنّها استشارت في تعيين أويحيى، حزب "جبهة التحرير الوطني"، باعتباره الحزب الذي يحوز على الأغلبية في البرلمان والحكومة، وفقاً لما ينص عليه الدستور، إلا أنّ هذه الاستشارة بقيت محل شك سياسي وإعلامي، ولا سيما أنّ رئيس الحزب جمال ولد عباس، كان قد أعلن، قبل يومين، دعمه لحكومة تبون، ولم يبد قلقاً من الانتقادات الرئاسية، أو يعط أي مؤشر على إمكانية حدوث تغيير حكومي قريب.
وتأتي إقالة تبون من منصب رئيس الحكومة، على خلفية صراع حاد بينه وبين الكارتل المالي الذي يضم رجال المال والأعمال، بدءاً من تبنيه لحملة وصفها بالفصل بين السياسة والمال، تهدف إلى الحد من تأثير سلطة ونفوذ رجال الأعمال في المشهد السياسي والاقتصادي.
وتدعو الحملة، إلى إيفاد لجان تحقيق إلى مصانع تركيب للسيارات يملكها رجال أعمال، قالت حكومة تبون إنّها لا تحترم الشروط القانونية وتمارس الاحتيال، فضلاً عن الإعلان عن سلسلة قرارات وإنذارات وتهديد بسحب مشاريع بنى تحتية، كانت تقوم بتنفيذها شركات مملوكة لرجال أعمال؛ أبرزهم علي حداد صديق شقيق بوتفليقة، الممول الأبرز للحملة الرئاسية في انتخابات عام 2014، وقرار وقف استيراد سلع ومواد منتجة محلياً.
وواجهت قرارات تبون، انتقادات حادة من قبل الرئاسة، عبر مذكّرة سرّبت إلى الصحافة، اتهمت فيها الرئاسة تبون بالتدخل برجال الأعمال والقيام بحملة تشهير، وطالبته بالاحتكام إلى القانون، والعودة إلى الرئاسة في القرارات المتعلّقة بالخيارات السياسية والاقتصادية الكبرى.
وتتحدّث بعض المصادر، عن أنّ أسباب إقالة تبون، تتعلّق بلقاء اعتبرته الرئاسة الجزائرية "خطيئة سياسية" بالنسبة لرئيس الحكومة الجزائرية، وذلك على خلفية لقائه مع رئيس الحكومة الفرنسية إدوارد فيليب، عندما توقف في باريس متوجّهاً إلى إجازته في مولدافيا، دون أن يستشير الرئاسة الجزائرية، ويبلغها باللقاء في حينه.
وكانت أحزاب سياسية معارضة، قد وصفت التطورات الأخيرة والمثيرة للجدل في الجزائر، بـ"الانقلاب" الذي نفذته مجموعة محيطة بالرئيس بوتفليقة، وشكّكت في اطلاعه الكامل على تسيير شؤون البلاد، فيما دعت أحزاب أخرى وناشطون مدنيون، إلى تطبيق المادة 102 من الدستور، والمتعلّقة بإعلان حالة شغور منصب الرئيس، وتنظيم انتخابات رئاسة مبكرة.