تتوالى ردود الفعل الدولية الداعية إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن جريمة القتل المروعة التي تعرض لها الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول بداية الشهر الماضي، وذلك بعد إعلان النيابة العامة السعودية رواية جديدة بهذا الخصوص.
وقالت الحكومة البريطانية في بيان لها الخميس، إن "بداية العملية القضائية لا بد وأن تكون خطوة تجاه محاسبة المسؤولين، لكننا نراقب الوضع عن كثب، ونتوقع سير التحقيق المستمر وفق المعايير القانونية المعتمدة دولياً".
ولفت البيان، إلى أن "الحكومة البريطانية موقفها ثابت في معارضتها لعقوبة الإعدام في جميع الظروف وفي جميع الدول".
وأضاف "أوضحت بريطانيا بشكل جليّ بأننا نرغب في أن نرى محاسبة المسؤولين عن عملية القتل المروعة للصحافي جمال خاشقجي، ونتوقع من السعودية اتخاذ إجراء لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات للقانون الدولي والقوانين المحلية مجدداً في المستقبل".
من جانبها، قالت الخارجية الأميركية إن العقوبات على المسؤولين السعوديين خطوة أولى في الرد على جريمة قتل خاشقجي، وأعلنت أن واشنطن تواصل جمع المعلومات وتحليلها في القضية لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها. واعتبرت الخارجية الأميركية أن "البيان السعودي خطوة أولى هامة ونتوقع من السعودية مواصلة تحقيقاتها".
إلى ذلك رحبت وزيرة خارجية كندا، كريستيا فريلاند، الخميس، بالعقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على 17 مسؤولا سعوديا لدورهم في قتل خاشقجي، وقالت إن كندا تدرس إجراءات مماثلة. وقالت فريلاند للصحافيين بعد جولة في مصنع ببورت كولبورن في مدينة أونتاريو "كندا ترحب بالتحرك الأميركي". وأضافت أن كندا "ستدرس بجدية" إجراءات مماثلة في الأيام المقبلة.
كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الخميس، بتقديم جميع المتورطين في جريمة قتل خاشقجي إلى العدالة.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده إستيفان دوغريك، المتحدث الرسمي باسم غوتيريس، بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك تعليقاً على التصريحات الجديدة للنيابة العامة السعودية بشأن قضية مقتل خاشقجي.
وقال دوغريك: "نحن مستمرون في متابعة الموقف عن كثب، ونريد أن نرى جميع المتورطين في هذه الجريمة المروعة أمام العدالة".
ورداً على سؤال بشأن تصريحات لوزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، الأربعاء، ذكر فيها أن أنقرة ترى بأن فتح تحقيق دولي في ملف مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي أصبح ضرورة، قال دوغريك: "حتى هذه اللحظة لم يردنا أي طلب رسمي بفتح تحقيق دولي".
وفي سياق ردود الفعل، اعتبرت منظمة العفو الدولية، الخميس، أن نتائج التحقيق التي أعلنت عنها السعودية تفتقر إلى المصداقية، مشددة على أن إجراء تحقيق مستقل من قبل الأمم المتحدة هو السبيل الوحيد لضمان الكشف عن حقيقة ما جرى وتحقيق العدالة.
وأوضحت المنظمة الدولية، التي تُعنى بحقوق الإنسان، أن لدى السعودية سجلاً مروعاً مليئاً بانتهاكات حقوق الإنسان، داعية إلى محاسبة المتورطين بشكل عادل وتقديمهم للعدالة من خلال تحقيق دولي ومستقل.
واعتبرت أنقرة في وقت سابق الخميس أن بعض ما قدمته الرياض في إطار روايتها الجديدة عن هذه الجريمة، غير مرضٍ، مجددة مطالبتها بالكشف عمَّن أمر بقتل خاشقجي، ومكان الجثة، وبمحاكمة الجناة في تركيا حيث وقعت الجريمة.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية المصرية إنها تابعت باهتمام بالغ ما أعلنته السلطات القضائية في المملكة العربية السعودية بشأن خاشقجي، والتي أبرزت جدية المملكة وشفافيتها في إبراز الحقيقة، مجددة كامل ثقتها في سلطات التحقيق السعودية، وأن ما قامت به من تحقيقات تم في إطار من النزاهة والمصداقية، على حد تعبيرها.
وقالت وزارة الخارجية، في بيان مقتضب، مساء الخميس، إن مصر تثمن الإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية، معربة عن أملها من جميع الأطراف المعنية الالتزام بالمسار الحالي للقضية "بعيداً عن التسييس والمزايدات".
واعترفت السعودية، الخميس، بقتل خاشقجي في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بطريقة تحمّل نائب مدير الاستخبارات السعودية المقال، أحمد العسيري، والمستشار المقال من الديوان الملكي السعودي، سعود القحطاني، مسؤولية مخففة تقتصر على إرسال فريق القتل من الرياض إلى إسطنبول، وإلباس مسؤول فريق التفاوض (يفترض أن يكون الضابط ماهر المطرب) مسؤولية جريمة القتل.