انطلق، يوم الخميس، المؤتمر السابع لحركة "مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) والذي من المقرر أن يقر اللوائح السياسية، إلى جانب حسم الخط السياسي للحركة وتوجهاتها في المرحلة السياسية المقبلة، وسط صراع حاد في الكواليس بين تيارين رئيسيين داخل الحركة.
وحضر المؤتمر 1800 مندوب يمثلون 48 محافظة، وممثلون عن الجالية الجزائرية في الخارج، بالإضافة إلى شخصيات وقادة أحزاب سياسية محلية ودول عربية وإسلامية.
وفي كلمة الافتتاح، قال رئيس لجنة تحضير المؤتمر، أبو بكر قدودة، إنّ هذا المؤتمر يمثل محطة هامة في مسار الحركة التي تتطور من مؤتمر إلى مؤتمر"، مشيراً إلى أنّ "الحركة ستكون أكبر حزب ديمقراطي، ستفاجئ بالآليات الديمقراطية وسنكون سباقين إليها في الجزائر".
وتابع أن "البرنامج السياسي الذي سيخلص إليه المؤتمرون يتضمن الحلول لمشاكل الجزائر المزدهرة الديمقراطية".
وتراجع الترتيب التنظيمي لمؤتمر "إخوان الجزائر" مقارنة بالمؤتمرات السابقة، وكان لافتاً أيضاً أن الحضور العربي والدولي في المؤتمر لم يكن بالقدر المنتظر، إذ لم تحضر شخصيات بارزة على الصعيد العربي والإسلامي.
وحضر المؤتمر عن حركة "المقاومة الإسلامية" (حماس) سامي أبو زهري، ووجّه المؤتمرون في حفل الافتتاح تحية ووقفة خاصة لفلسطين وللدفاع عن الأقصى.
ويستمر المؤتمر الذي يعقد تحت شعار "التوافق الوطني، الانتقال الديمقراطي وتطوير السياسات" ثلاثة أيام، يناقش فيه المؤتمرون تقييم مسار الخمس سنوات الماضية ومنجز الوحدة التي تحققت عام 2017 مع كتلة "جبهة التغيير" التي انشقت عن الحركة عام 2008.
إلى ذلك، قال رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، في كلمة له، إنّ "الحركات الإسلامية عملت قبل 100 سنة على الصحوة والدعوة، ثم تحولت إلى أحزاب سياسية تساهم في إدارة الشأن العام"، مبيناً أنه" يتعين على الأحزاب الإسلامية التكيف مع متطلبات الراهن، والتحول إلى أحزاب مدنية تمتلك قواعد وأدوات العمل السياسي".
وأضاف أنّ "الحركة فصلت، منذ المؤتمر السابق في مايو/ أيار 2013، سياسياً ووظيفياً بين ما هو دعوي وما هو سياسي".
ولفت مقري إلى أنّ "الحركة حققت خلال الخمس سنوات الأخيرة عدّة إنجازات، أبرزها منجز الوحدة، ولم الشمل مع المنشقين عام 2008"، متعهداً بمواصلة مسار الوحدة وإعادة لم الشمل مع كتلة حركة "البناء" المنشقة.
وقال إنّ "الحركة بذلت أيضاً جهوداً من أجل إقناع السلطة بالحوار والتوافق السياسي، لكننا لم نرَ منها أي رغبة في الحوار، ما دفع الحركة إلى التنسيق مع قوى المعارضة".
وجدد مقري موقفه الرافض للتحالف مع السلطة، إلا وفق برنامج يخدم مصالح الجزائر والشعب الجزائري. ما دفع بمؤيديه من المؤتمرين إلى الهتاف بشعار "لا للسلطة لا للمال".
وإضافة إلى اللوائح السياسية، سيحسم المؤتمر الخط السياسي للحركة وتوجهاتها في المرحلة السياسية المقبلة، وسط صراع حاد في الكواليس بين تيارين رئيسيين داخل الحركة، هما تيار المشاركة الذي يقوده الرئيس السابق للحركة أبو جرة سلطاني، والذي يدعو إلى العودة لخيار التحالف مع السلطة والدخول في الحكومة؛ في مقابل تيار المعارضة الذي يمسك بالحركة منذ عام 2012 والمتحالف مع قوى المعارضة، وهو يعارض السلطة وسياسات الحكومة والرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ويقود هذا التيار الرئيس الحالي للحركة عبد الرزاق مقري.
وتبرز في المؤتمر أربعة أسماء قيادية مرشحة للتنافس على رئاسة أكبر حزب إسلامي في الجزائر؛ هم الرئيسان السابقان للحركة أبو جرة سلطاني وعبد المجيد مناصرة، والنائب السابق لرئيس الحركة نعمان لعوور، لكن الرئيس الحالي للحركة عبد الرزاق مقري، يعد أكثر المرشحين حظاً في الاستمرار بمنصبه.
واستعرض مقري، الذي يعد أكثر المرشحين قبل افتتاح المؤتمر قوته السياسية، عندما هتف عدد من المندوبين بشعارات مؤيدة له "يا مقري سير سير، نحن معك للتغيير".
وفي تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، قلّل القيادي في الحركة، مخلوف عامر، من حدية الصراع على رئاسة الحركة، مستبعداً حصول انقسام جديد في الحركة، على غرار ما حدث عام 2008.
وقال عامر إن "الاختلاف في التوجهات موجود بشكله الطبيعي، لكن حصول الانقسام مستبعد جداً، وحتى التشنج فهو غير وراد، هناك أجواء هادئة تماماً، حتى وإن طفت حالة من التوتر في مجلس الشورى الأخير، يبدو أن العقل يتحكم في سلوك الجميع وتحركات العقلاء تعطي ثمارها وتغلق أبواب الأزمات والفتن الحقيقية".
وأدت الانشقاقات السياسية المتتالية إلى إضعاف الدور السياسي لحركة "مجتمع السلم" في المشهد السياسي في البلاد، بعدما كانت ثالث أكبر قوة سياسية مؤثرة في البلاد.
وفي عام 2008، انشقت كتلة من القيادات وأسست حزباً بديلاً باسم "جبهة التغيير"، بقيادة وزير الصناعة السابق عبد المجيد مناصرة. وانشقت منها مجددا كتلة ثانية من القيادات التي أسست حركة البناء بقيادة وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة.
وفي عام 2012 شهدت حركة "مجتمع السلم" انشقاقاً ثانياً، بعد إعلان الحركة الانسحاب وعدم المشاركة في الحكومة، حيث انشقت كتلة بقيادة وزير الأشغال العمومية حينها، عمار غول، لتقوم بتأسيس حزب سياسي باسم "تجمع أمل الجزائر" موالٍ للرئيس بوتفليقة.