صوَّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء أمس الأربعاء، على مشروع قرار يُطالب بوجوب توفير الحماية للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبضرورة العمل على وضع حدٍّ لحالة الحصار التي يتعرض لها ولتقييد حراكه في أرضه، إضافة إلى فتح الطرق والمعابر أمام تنقل الأفراد والبضائع.
ويرفع المشروع توصيةً بتشكيل "بعثة حماية دولية" لأهل الأراضي المحتلة. وقد فاز المشروع بأغلبية وازنة - 120 صوتاً ضدّ 8 وامتناع 45 - بعدما فشلت الضغوط المكثفة التي مارستها إدارة دونالد ترامب لتعديله وتشويه مضمونه، بحيث يأتي محملاً بأسباب تخفيفية من خلال تحميل حركة "حماس" مسؤولية "تصاعد العنف ضد الفلسطينيين".
وكانت الإدارة الأميركية قد استخدمت الفيتو ضد قرار مماثل في مجلس الأمن الدولي في الأول من يونيو/حزيران الحالي، برغم بديهية مطلب الحماية وتوافقه مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، ومع المواثيق والمعاهدات الدولية الضامنة لحقوق الإنسان، خاصة في حالات الاحتلال.
وكان من الواضح أن الغرض الأساسي لهذا الهجوم المركّز منع صدور قرار دولي آخر يسلط الضوء على الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الواقع تحت نيره، وبما يدعو من جديد إلى تحريك اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على المحتل التصرف بالأرض المحتلة والتنكيل بشعبها. ومن هنا كان تشديد السفير – الوزير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان مؤخراً على وجوب الإقلاع عن وصف المستوطنات بأنها غير مشروعة "لأنها لا تقع في أراض محتلة"! فمن منظوره هي قائمة في "يهودا والسامرة"، الإسرائيلية.
والأغرب من ذلك كله، أن تصنيف فريدمان هذا، المناقض بصورة صارخة ليس للواقع فقط، بل حتى للسياسة الأميركية المعلنة، تجاهلته إدارة ترامب، واكتفت بالقول إن موقفها "لم يتغير من المستوطنات"، من غير التبرؤ منه أو على الأقل تصحيحه.
ليس هذا فحسب، بل أن السفير ذاته أعطى مقابلات وتصريحات لاحقة تحدث فيها عن "انضباط" إسرائيل في تعاملها مع تظاهرات يوم العودة الأخيرة في غزة، حتى أنه أنحى باللائمة على الإعلام الأميركي بزعم "تحيزه ضد إسرائيل" في تغطية تلك الأحداث التي سقط فيها 72 شهيداً من الفلسطينيين المدنيين. وبدلاً من التنصل على الأقل من مثل هذه التهمة، زعمت وزارة الخارجية الأميركية أن فريدمان "يمارس حقه في إبداء رأيه كأميركي"، متجاهلةً أن الرجل يمثل الولايات المتحدة، وعليه أن يتحدث باسمها ولا يخرج عن إطار سياستها المعلنة. لكن السفير فريدمان يتصرف وكأنه مرجعية لوزارة الخارجية، وليس العكس.
وفريدمان ليس لوحده. هو يغرد في سرب كبير داخل الإدارة. من رموزه البارزين، نائب الرئيس مايك بانس الذي كان نجم الاحتفال بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وجيسون غرينبلات مساعد جارد كوشنر، الذي طالب مؤخراً بإبعاد صائب عريقات عن موقعه في السلطة الفلسطينية، بزعم أنه يخرب على عملية السلام. وأيضاً وزارة الخارجية التي شطبت من تقاريرها (آخرها تقرير عن حرية العبادة في العالم)، عبارة "محتلة"، في إشارتها إلى الضفة والقدس الشرقية وهضبة الجولان.
ويرفع المشروع توصيةً بتشكيل "بعثة حماية دولية" لأهل الأراضي المحتلة. وقد فاز المشروع بأغلبية وازنة - 120 صوتاً ضدّ 8 وامتناع 45 - بعدما فشلت الضغوط المكثفة التي مارستها إدارة دونالد ترامب لتعديله وتشويه مضمونه، بحيث يأتي محملاً بأسباب تخفيفية من خلال تحميل حركة "حماس" مسؤولية "تصاعد العنف ضد الفلسطينيين".
وكانت الإدارة الأميركية قد استخدمت الفيتو ضد قرار مماثل في مجلس الأمن الدولي في الأول من يونيو/حزيران الحالي، برغم بديهية مطلب الحماية وتوافقه مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، ومع المواثيق والمعاهدات الدولية الضامنة لحقوق الإنسان، خاصة في حالات الاحتلال.
وكان من الواضح أن الغرض الأساسي لهذا الهجوم المركّز منع صدور قرار دولي آخر يسلط الضوء على الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الواقع تحت نيره، وبما يدعو من جديد إلى تحريك اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على المحتل التصرف بالأرض المحتلة والتنكيل بشعبها. ومن هنا كان تشديد السفير – الوزير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان مؤخراً على وجوب الإقلاع عن وصف المستوطنات بأنها غير مشروعة "لأنها لا تقع في أراض محتلة"! فمن منظوره هي قائمة في "يهودا والسامرة"، الإسرائيلية.
والأغرب من ذلك كله، أن تصنيف فريدمان هذا، المناقض بصورة صارخة ليس للواقع فقط، بل حتى للسياسة الأميركية المعلنة، تجاهلته إدارة ترامب، واكتفت بالقول إن موقفها "لم يتغير من المستوطنات"، من غير التبرؤ منه أو على الأقل تصحيحه.
ليس هذا فحسب، بل أن السفير ذاته أعطى مقابلات وتصريحات لاحقة تحدث فيها عن "انضباط" إسرائيل في تعاملها مع تظاهرات يوم العودة الأخيرة في غزة، حتى أنه أنحى باللائمة على الإعلام الأميركي بزعم "تحيزه ضد إسرائيل" في تغطية تلك الأحداث التي سقط فيها 72 شهيداً من الفلسطينيين المدنيين. وبدلاً من التنصل على الأقل من مثل هذه التهمة، زعمت وزارة الخارجية الأميركية أن فريدمان "يمارس حقه في إبداء رأيه كأميركي"، متجاهلةً أن الرجل يمثل الولايات المتحدة، وعليه أن يتحدث باسمها ولا يخرج عن إطار سياستها المعلنة. لكن السفير فريدمان يتصرف وكأنه مرجعية لوزارة الخارجية، وليس العكس.
وفريدمان ليس لوحده. هو يغرد في سرب كبير داخل الإدارة. من رموزه البارزين، نائب الرئيس مايك بانس الذي كان نجم الاحتفال بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وجيسون غرينبلات مساعد جارد كوشنر، الذي طالب مؤخراً بإبعاد صائب عريقات عن موقعه في السلطة الفلسطينية، بزعم أنه يخرب على عملية السلام. وأيضاً وزارة الخارجية التي شطبت من تقاريرها (آخرها تقرير عن حرية العبادة في العالم)، عبارة "محتلة"، في إشارتها إلى الضفة والقدس الشرقية وهضبة الجولان.
وهنا، يذكر أنه جرت محاولة لطرح مشروع قانون في مجلس النواب الأميركي ينزع صفة الاحتلال عن هذه المناطق، لكن سرعان ما تمّ سحبه تحت ضغوط الأكثرية والبيت الأبيض، كما تردد.
وطبعاً كالعادة وأكثر، انضم الكونغرس الى الجوقة عبر تمريره في الآونة الأخيرة لعدة قوانين "عقابية" ضد الفلسطينيين، منها قانون خفض المساعدات للسلطة بمقدار ما تقدمه هذه الأخيرة من مساعدات لعائلات الشهداء، بزعم أن ذلك ليس سوى مكافأة "للإرهاب"، ثم قانون معاقبة الجهات الأميركية، شركات وأفراداً، التي تقاطع البضائع الإسرائيلية المصنعة في المستوطنات. وأخيراً، ازداد التحريض المكشوف الذي يتزعمه السناتور الجمهوري تاد كروز، لإغلاق مكتب البعثة الفلسطينية في واشنطن، علماً أن الإدارة الأميركية لا تحتاج إلى من يحثها في هذا الخصوص، حيث أنها تتحين اللحظة المناسبة لإعلان قرار إغلاقه.
وسط هذه المناخات المتألبة كلياً ضد الفلسطينيين ومطالبهم الإنسانية بحدودها الأدنى، يغادر إلى المنطقة فريق ملف "صفقة القرن" المؤلف من كوشنر وغرينبلات ونائبة المستشار جون بولتون وينضم إليهم السفير فريدمان، بعد عيد الفطر، لتسويق المشروع العتيد الذي لا جديد فيه حسب ما رشح عنه: التخلي عن القدس الشرقية، إسقاط حقّ العودة، وضع الحدود مع الأردن بعهدة القوات الإسرائيلية وضمّ الكتل الاستيطانية الكبرى، وهو ما سبق ورفضته السلطة الفلسطينية.
ولكن إذا كان الأمر كذلك، فما الذي استجد لتكرار المحاولة؟ بحسب سردية مجلة "نيويوركر" في تقريرها الموثق الأخير عن هذا الموضوع، هناك "اتفاق سابق بين كوشنر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ينص على مقايضة مفادها أنه إذا التزمت واشنطن بأخذ موقف أكثر تشدداً من إيران، فإن عرب الخليج وعدوا بالمساعدة على حمل الفلسطينيين لقبول الصفقة".
فهل زيارة فريق كوشنر القريبة تأتي على أرضية هذا الوعد المطلوب ترجمته بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني؟ وهل يمضي أصحاب الوعد في عملية تسويق صيغة صار من الواضح بعد الاعتراف بالقدس ونقل السفارة الأميركية إليها، أنها لا تهدف فقط إلى تصفية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بل أيضاً حقوقه الإنسانية، كما عكسه موقف الإدارة اليوم من قرار الجمعية العامة؟