قوبل قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعدم التجديد لبعثة الأمم المتحدة المؤقتة في الخليل، جنوب الضفة الغربية، بإدانات ورفض فلسطيني، فيما أكد الفلسطينيون على ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وطالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في بيان صحافي، اليوم الثلاثاء، الأمم المتحدة بإيجاد آليات فورية لتنفيذ قرارها بالحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية حفاظاً على حياة أبناء الشعب الفلسطيني وضمان سلامتهم وأمنهم حتى إنهاء الاحتلال.
واعتبر قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عدم تجديد ولاية الوجود الدولي المؤقت في الخليل TIPH "خطوة نحو نقض وإلغاء إسرائيل لجميع الاتفاقيات التي توصلنا إليها منذ اتفاقية أوسلو، وخطوة أخرى استباقية للضم غير القانوني للضفة الغربية وترسيخ المشروع الاستعماري تجاه فرض مشروع (إسرائيل الكبرى) على أرض فلسطين التاريخية، في احتقار واضح للأمم المتحدة والنظام الدولي وقوانينه وقيمه".
وقال عريقات: "شنت حكومة الاحتلال ومعها جميع المستويات الرسمية الإسرائيلية حملة تحريضية وضيعة وممنهجة على الحقوق الفلسطينية بدعم مطلق من الإدارة الأميركية، في إطار الدعاية لانتخاباتها الإسرائيلية التي استهدفت حياة وأمن وسلامة الشعب الفلسطيني".
وأضاف أن "معاملة إسرائيل باعتبارها دولة فوق القانون الدولي، والسماح لها باستمرار تصعيدها، بما في ذلك التهديد بعمليات الإخلاء القسري التي تواجه العديد من العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وحصد أرواح الفلسطينيين، بمن فيهم الشهيد حمدي النعسان، الذي قتله المستوطنون الإرهابيون بحماية جيش الاحتلال، ويعدّ شاهداً على الإرهاب الذي يمارسه المستوطنون في باقي القرى الفلسطينية ضد المدنيين العزّل يدل على تحول حركة المستوطنين الإسرائيليين إلى مُسيّر ومنفذ لسياسة دولة الاحتلال، يستدعي التدخل الفوري من المجتمع الدولي قبل أن نشهد تصعيداً مكثفاً في الخليل دون أي مراقبة".
وأشار إلى أنه "على الرغم من الإجماع الدولي على إدانة الاستيطان واعتباره جريمة حرب بموجب ميثاق روما، إلا أن تصريحات بنيامين نتنياهو الأخيرة للمستوطنين حول عدم إزالة حتى المستوطنات الاستعمارية غير القانونية بموجب القانون الإسرائيلي، وأن كل أرض فلسطين التاريخية هي لدولة إسرائيل، هو دليل على احتقار إسرائيل للنظام والإرادة الدولية".
وحذر عريقات من أن هذا القرار يعد بمثابة "دعوة مفتوحة لارتكاب المزيد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني وإطلاق المستوطنين على أبناء شعبنا دون رقيب أو حسيب، ولا سيما أن بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل أنشئت بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي المروعة عام 1994 بقرار مجلس الأمن 904، وذلك تعبيراً عن الصدمة والإدانة الدولية العارمة من هذه المجزرة التي نفذها أحد قادة الحركات الاستيطانية، والتي خلفت 50 شهيداً من المدنيين الفلسطينيين الآمنين، وأدت لإصابة المئات. وقد دعا القرار نفسه إسرائيل، سلطة الاحتلال، إلى مصادرة أسلحة المستوطنين الإسرائيليين لمنعهم من ارتكاب جرائم أخرى بحق الشعب الفلسطيني".
وجدد المطلب الفلسطيني للأمم المتحدة ودول العالم بـ"ضمان سلامة وحماية شعب فلسطين، ليس لضمان استمرار وجود البعثة في الخليل فحسب، بل وبنشر قوات حماية دولية دائمة في فلسطين المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، حتى إنهاء الاحتلال".
بدوره، طالب وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، اليوم الثلاثاء، المجتمع الدولي بالعمل على "إجبار إسرائيل على الالتزام بالاتفاق الخاص بوجود البعثة الدولية المؤقتة في مدينة الخليل، بعد تهديد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعدم التجديد لوجودها".
وقال المالكي، في تصريحات خلال مؤتمر صحافي عقده برام الله، مع نظيره الإيطالي إينزو موافيرو ميلانيزي، اليوم، إن "إيطاليا إحدى الدول الست المشاركة في البعثة إلى جانب الدنمارك، والنرويج، والسويد، وسويسرا، وتركيا".
وأشار المالكي إلى أن لقاءه مع نظيره الإيطالي تناول الحديث عن التصعيد الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وصعوبة تحريك عملية السلام في ظل تعقيدات الوضع الراهن، خاصة بعد المواقف الأميركية الأخيرة.
وأضاف "نعول كثيراً على الدور الإيطالي داخل الاتحاد الأوروبي، وأن تساعدنا في إعادة تفعيل عملية السلام من جديد والدفع بها إلى الأمام". وأكد استعداد دولة فلسطين للانضمام لـ"أي مبادرة سلام من أي دولة أو مجموعة دول، وذلك من أجل تفعيل العملية السياسية وإعادتها للمسار الصحيح للوصول إلى اتفاق ينهي الاحتلال ويمهد الطريق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة".
وتابع "خلال الأيام القليلة القادمة سيكون هناك اجتماع على مستوى وزراء الخارجية العرب والاتحاد الأوروبي من أجل التحضير للقمة العربية الأوروبية التي ستنعقد نهاية الشهر القادم في شرم الشيخ بمصر، ويأمل من هذه القمة أن تركز على القضية الفلسطينية، وأن توفر الأدوات اللازمة لانطلاقة عملية سلام مجدية، وفاعلة، ووازنة".
ولم يعلق الوزير الإيطالي على تهديد نتنياهو بسحب البعثة الدولية من الخليل، وقال إنه يفضل الحديث عن القضية في وقت لاحق.
ورأى أن موقف إيطاليا من عملية السلام "مهم جداً، فهي تسعى دائماً من أجل الوصول إلى الحل النهائي للقضية الفلسطينية".
واعتبر ميلانيزي أن "المهم العودة إلى عملية السلام نظراً لأهميتها للمنطقة"، وقال يجب أن "تتوفر الثقة بين الطرفين لأنها قاعدة تؤدي إلى النتيجة المرجوة"، مشيرا إلى أن "إيطاليا لا تدخر جهداً بالتعاون مع الدول الأوروبية من أجل الدفع بعملية السلام القائمة على المرجعيات الدولية، وقرارات الأمم المتحدة".