أقرّ تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، اليوم الإثنين، بأنه على الرغم من ظهور إسرائيل، رسمياً، كمن يقف خارج التصعيد بين إيران والولايات المتحدة، إلا أن القلق يساور دولة الاحتلال من تداعياتٍ استراتيجية لاندلاع مواجهة عسكرية قد تدفع إيران إلى خطوات تضر وتمس بـ"حرية الملاحة البحرية" لإسرائيل والطرق البحرية المؤدية إلى الأراضي المحتلة عبر باب المندب وقناة السويس.
وبحسب التقرير، فإن إسرائيل تتلقى بشكل دائم تحديثاً من الولايات المتحدة ودول أخرى (في إشارة إلى دول عربية في الخليج) بشأن التطورات الجارية، لا سيما ما يحدث في كل من باب المندب ومضيق هرمز وقناة السويس. ويهدد الإيرانيون، بحسب التقرير، بإغلاق هذه المضائق والممرات البحرية، ما يعني منع حركة الملاحة التجارية فيها، وهو ما يشكل عملياً تهديداً لإسرائيل لا يقل عن التهديدات الأخرى التي تهدد أمنها، ومصدرها إيران و"حزب الله".
ولفت التقرير إلى أن دولة الاحتلال لا تملك بديلاً عن هذه الممرات البحرية، لا سيما أن 90 في المائة من وارداتها تأتيها عبرها، وأن 12 في المائة من هذه الواردات، خاصة ما تستورده إسرائيل من الصين ودول الشرق الأقصى، تأتي عبر بوابة باب المندب. ويعني إغلاق هذه الممرات البحرية، لا سيما باب المندب، رفعاً فورياً لرسوم التأمين على سفن التجارة البحرية، وقد يؤدي لاحقاً إلى وقف حركة التجارة البحرية، علماً أن حجم هذه التجارة يصل إلى أكثر من 15 مليار دولار سنوياً.
في المقابل، قال التقرير، بالاعتماد على دراسة رسمية صادرة عن مركز الدراسات والسياسات الاستراتيجية البحرية التابع لجامعة حيفا، إن إسرائيل تفتقر، بحسب مدير المركز المذكور، البروفسور وجنرال الاحتياط شاؤول حوريف، إلى استراتيجية واضحة في مجال الملاحة البحرية وسبل الرد على تهديد هذه الملاحة.
وحوريف، بحسب التقرير في "هآرتس"، ليس الوحيد الذي يقول بغياب استراتيجية إسرائيلية، بل إن جهات، لم يكشف عنها، في الجيش الإسرائيلي، وتحديداً في سلاح البحرية، تعتقد أن سياسات الدفاع الإسرائيلية في هذا المجال تتصل بالدفاع عن تهديدات كانت صالحة للماضي وليس للتهديدات الجديدة، خلافاً لقيام جيوش أجنبية، كمصر والهند والسعودية، بتطوير سلاح البحرية وملاءمة مهامه وطرق القتال وفقاً للتطورات التي فرضتها العقود الأخيرة، وليس وفق نمط المعارك البحرية في السابق، بينما لا يدرك سلاح البحرية الإسرائيلي اليوم أن من مهامه ووظائفه الأساسية توفير الحماية للاقتصاد الإسرائيلي عبر حماية الممرات البحرية.
ولفت التقرير إلى أن إيران بذلت جهداً خاصاً خلال السنوات الأخيرة لتحسين قوتها وقدراتها البحرية، انطلاقاً من الافتراض بأن هذه القدرات ستمكنها من التأسيس لقوة ردع جديدة في مواجهة الولايات المتحدة والسعودية ودول أخرى، كما يمكن لهذه القدرات أن تخدمها في مناطق أخرى تملك فيها تأثيراً، كما في سورية ولبنان واليمن.
ووفقاً لهذه الرؤية، فإنه في حال قررت إيران إغلاق المضائق المختلفة، فليس مستبعداً مثلاً أن يدخل الحوثيون للصورة، خصوصاً في باب المندب، لا سيما أن لهم ذراع كوماندو بحرياً. وهذه الشواهد، بحسب التقرير، مع القدرات المتوفرة مثلاً للحوثيين كقطع بحرية جاهزة لتنفيذ عمليات انتحارية في قلب البحر، وزرع الألغام، تشكل عملياً ضوء إنذار لما قد يأتي.
واعتمدت الصحيفة في تقريرها أيضاً على مقالة نشرها أخيراً العميد احتياط أييال بانكو في مجلة "مركز دراسة السياسات والاستراتيجيات البحرية"، حيث جاء فيها أن "اليمن تحول، على ما يبدو، وخاصة في البحر، إلى ساحة تجارب للأسلحة الإيرانية، وخاصة السفن والقوارب المسيرة". ويقترح بانكو أن على سلاح البحرية الإسرائيلي، في ظل هذه التطورات والتهديدات الإيرانية على المجال البحري الإسرائيلي، "إعطاء أولوية عليا لبناء وحماية صور استخبارية محدثة حول ما يحدث في المنطقة، وحول الدور الإيراني والأسلحة والبنى التحتية التي توفرها إيران، وأيضاً حول عقيدة القتال الإيراني الحوثية المتطورة والمنفذة في الميدان".
في المقابل، نقلت الصحيفة عن المتحدث بلسان جيش الاحتلال قوله إن للجيش "مفهوماً استراتيجياً للمجال البحري، وخاصة المياه الاقتصادية، وقد تم تصديق هذا المفهوم وإقراره من قبل الجهات المختصة في الجيش وعند المستوى السياسي، بما في ذلك الإدراك بوجوب توفير الحماية والحراسة للمنشآت الاستراتيجية المختلفة بغض النظر عن موقعها (في إشارة مثلاً لمنصات استخراج الغاز من عرض البحر المتوسط)، وقد تم بناء تشكيل دفاعي من السفن الحربية يعتبر الأكثر نجاعة لتوفير هذه الحماية".