يشهد الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 حملة تحريض واسعة من مجموعات إسرائيليّة متطرفة، تدعو إلى طرد العرب من أماكن عملهم في المتاجر والمطاعم وغيرها، وفرض مقاطعة اقتصاديّة على مصالحهم التجاريّة ومنتجاتهم.
ويبدو أن الحملة آخذة في التصعيد، وخصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب تظاهرات الغضب الفلسطينية التي تحوّلت إلى مواجهات مع شرطة الاحتلال، رداً على عمليّة خطف الفتى، محمد أبو خضير، وحرقه على أيدي مستوطنين. وأكثر من ذلك، يستغل بعض الإسرائيليّين العدوان على غزّة لمزيد من التحريض، الذي تجلى في طرد عمال فلسطينيين من أحد فروع شبكة "رامي ليفي" إحدى أكبر شبكات المتاجر الإسرائيليّة، بزعم أنهم احتفلوا في خلال عملهم بالصواريخ التي أطلقتها المقاومة الفلسطينيّة.
وكتب إسرائيلي من سكان أسدود المحتلة على صفحته على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، أنه "كان في المتجر، والعمال العرب في فرع الشبكة رقصوا وفرحوا وهتفوا لحماس مع انطلاق صفارة الانذار". وذكرت إدارة شبكة أسواق رامي ليفي أن "جميع العمال العرب طردوا"، مضيفاً "هذا ليس ما فعلوه بالضبط. لكننا أقلناهم، وقلنا بشكل واضح إنه لن يدخل أي عربي إلى هذا المكان حتى وإن لم نجد عمالاً آخرين".
ولم تكن هذه المرّة الأولى التي تُطالب فيها الشبكة بطرد العمال العرب، بل سبق أن خرجت تظاهرات مطلع العام الجاري في فرع آخر للغاية نفسها، بسبب "رفض علاقات العرب مع فتيات يهوديات".
تجدر الإشارة إلى أن العمال العرب يُمنعون من التحدّث باللغة العربيّة في كثير من المتاجر اليهوديّة التي يعملون فيها. وحادثة "رامي ليفي" ليست إلا واحدة من أخرى كثيرة مشابهة.
مقاطعة
وخلال الأيام الأخيرة، خفت إقبال الفلسطينيّين على المتاجر والشبكات اليهوديّة على خلفيّة المواجهات الدائرة في البلاد، فيما بدا واضحاً مقاطعة الإسرائيليّين للبلدات العربيّة وخصوصاً بعد تحذيرات شرطة الاحتلال القائلة بضرورة تجنّبها.
وقد أنشأ الإسرائيليّون صفحات حملت عناوين على غرار "لا نشتري من عند العرب"، و"نقاطع المحلات العربيّة"، و"لا نعيل العرب"، و"انتقام.. نبدأ من الجيب ونتوقف عن تمويل الأعداء". كذلك، عمدوا من خلالها إلى تشويه صورة العرب الذين يعملون في الشبكات الإسرائيليّة ونشر أسماء وصور منتجات عربيّة، داعين إلى مقاطعتها.
ضرر مؤقّت
في السياق ذاته، يقول مدير جمعيّة "إعمار للتنمية والتطوير الاقتصادي"، يوسف عواودة، لـ"العربي الجديد"، إن "المقاطعة الإسرائيليّة سيكون لها ضررها الاقتصادي على بعض المحال التجاريّة العربيّة التي يرتادها زبائن إسرائيليّون، لكنه سيكون مؤقتاً. فسرعان ما سيعود الزبون إلى المحال العربيّة للاستفادة من أسعارها المنخفضة وجودتها العالية. وهذا ما حصل فعلياً إبان انتفاضة الأقصى في عام 2000". يضيف "في كل مرة يتضامن فيها أبناء الداخل الفلسطيني مع شعبهم في الضفة وقطاع غزة، يحاول بعضٌ مساومتهم على لقمة عيشهم. إلا أن أبناء الداخل يثبتون من جديد أنهم لا يقبلون المساومة، وأن التضامن مع قضايا أبناء شعبهم هو واجب، وهم مستعدون لتحمل عواقبه".