تباينت القراءات الإسرائيلية بشأن حادث تدمير القمر الصناعي الإسرائيلي "عاموس 6" في القاعدة الأميركية كارونويل في فلوريدا. ففي وقت ركزت تقارير على الخسائر المالية، أوردت قراءات أخرى معطيات تفيد بخسائر كبرى ترتبط بـ"خدمات سرية"، وتحديداً في مجال جمع المعلومات الاستخباراتية.
وقد تحدثت القراءات الأولية للصحف الإسرائيلية عن الخسائر الاقتصادية التي لحقت بالصناعات الجوية الإسرائيلية، وشركة "الفضاء الإسرائيلية" جرّاء تدمير "عاموس 6"، بدءاً من خسارة 200 مليون دولار، وهي كلفة صناعة هذا القمر وتطويره، ومروراً بالصفقات والأرباح التي كانت ستجنيها الشركات ذات الصلة بتشغيل القمر، وبيع خدماته في قطاع الاتصالات للشركات الإسرائيلية، ولشركة "فيسبوك"، فضلاً عن تعطّل صفقة بيع شركة "الفضاء الإسرائيلية"، المشغلة للقمر، للمجموعة الصينية "Beijing xinwei" بنحو 285 مليون دولار.
وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الخسائر المالية الأولية على أهميتها تبقى خسائر قابلة للاسترداد، خصوصاً إذا أخذ بعين الاعتبار حقيقة أن الاستثمار الأساسي في تطوير القمر "عاموس 6" تم، وأن مخططات إنتاج نسخ جديدة منه باتت جاهزة.
في المقابل، فإن تدمير القمر في موقع إطلاقه من فلوريدا كشف، بحسب محللين في "هآرتس"، عن عمق ارتباط برامج الفضاء والتطوير العسكري الإسرائيلية بالولايات المتحدة، والتي شكلت دائما قاعدة لإطلاق الأقمار الصناعية الإسرائيلية السابقة، من جهة، ومن جهة ثانية بين، بحسب أنشيل بيبر، أن "إسرائيل لا تملك في واقع الحال سياسة فضاء واضحة المعالم ومحددة، وهي ليست مستقلة كلياً، ولا يمكنها في واقع الحال أن تبقى من دون الاستناد إلى ما تحصل عليه من خبرات ومعدات أساسية تنتج في الولايات المتحدة، تقوم إسرائيل بتطوير بعضها وفقاً لمخططاتها وأغراضها".
وفي وقت أبرزت الصحف الإسرائيلية الجوانب "المدنية" لاستخدامات القمر "عاموس 6" في مجال الاتصالات والبث التلفزيوني، والتأثير السلبي لذلك على الشركات الإسرائيلية التي كانت ستحصل على هذه الخدمات عبر القمر الصناعي، ومعها أيضاً شركة "فيسبوك"، فقد جرى التستّر كليّاً عن الأهداف والاستخدامات الأخرى المرافقة لهذه الخدمات.
فالقمر الصناعي "عاموس 6"، وقبله 2، وبفعل تجهيزه لخدمات الاتصالات والبث التلفزيوني، يوفر، أيضاً، خدمات أخرى سرية تستفيد منها إسرائيل، وتحديداً في مجال جمع المعلومات الاستخبارية، والتقاط الصور على مدار 24 ساعة لما يحدث في البلدان العربية.
وسبق أن وفرت إسرائيل في الماضي صوراً لوكالة الطاقة الذرية الدولية عن مواقع سرية لإيران مثلاً، أو صوراً لمنشآت سرية في بلدان أخرى، ويعتبر هذا النشاط بالذات الضرر الأكثر خطورة الذي تكبدته إسرائيل من تدمير القمر "عاموس 6"، في وقت تعلن فيه باستمرار أن أحد أهم "التحديات التي تواجه أمنها" تجري مواجهتها أولاً بجمع المعلومات والصور.