إسرائيل والحقوق الفلسطينية
إسرائيل دولة زُرعت عنوة في المنطقة، وحلّت محلّ الحروب الصليبية وظيفياً، من حيث مهمة السيطرة على المنطقة وثرواتها، بينما عند المسلمين، الحرب ما هي إلا ضرورة للدفاع ورد العدوان فقط، وليست سلوكاً أصيلاً لديهم، لأن ليس من عادتهم، ولا دينهم، مهاجمة الآخرين، والسيطرة على بلادهم لمجرد غاية السيطرة.
لكن، بعد حربين عالميتين ضربتا أوروبا، وراح ضحيتهما أكثر من ستين مليون إنسان، فأوروبا، اليوم، أكثر تماسكاً ووحدة من ذي قبل، وكذلك أميركا، ويتقدم الغرب بشكل سريع ويسيطر على الابتكارات العلمية والتكنولوجية، وبدأ الغرب يتحدث، الآن، عن أفول إسرائيل في ظل التغيرات التي ضربت العالم العربي، بسبب سياسات إسرائيل المحدودة والحمقاء، وذات النفَس الضيّق، وبعد النظر القصير الذي أعماها غرور القوة والاستهانة بقدرة العرب المحدودة، نتيجة تخلفهم العلمي والتكنولوجي، فتقدم على اغتيال منظم للمقاومين، وقتل إجرامي للمدنيين، بحكم قانون الجزاء المحلي لديها، والذي يتعارض مع أسس القانون الدولي، وبنت إسرائيل سجناً تحرسه في غزة، حتى تقوم بجريمة الاغتيال المنظم كما يحلو لها، أو هكذا اعتقدت، مستخفة بالمقاومة الفلسطينية.
لم يدرك الإسرائيليون أن المنطقة التي يعيشون فيها هي للعرب، وأنهم هم الذين يقررون بقاء إسرائيل عاجلاً أو آجلاً، وأن انتصارات الصهيونية أمام العرب تعتبر آنية، وأن الشعوب العربية هي من ستقرر مستقبل هذه المنطقة، وكل من فيها، وليس الصهاينة. وسبق أن حذر الجنرال الفرنسي، شارل ديغول، الصهاينة، من استمرارهم في الغطرسة، لكنهم اتهموه بأنه معاد للسامية، وواصلوا سياسة الاستعمار والاستيطان في فلسطين، وجعلوا من الأساطير الدينية هي التي تقود سياساتهم. وعقب انسحاب إسرائيل من غزة، تسلمت حماس غزة، وفازت في انتخابات عام 2006، التي أنكرها العالم، والقريب قبل البعيد، ما أجبر حماس على الانفصال بغزة عن الضفة الغربية، وأعطى إسرائيل سبباً لاستمرار عدوانها، فغزة تحكمها المقاومة.
عانت حماس بعد تغير الحكم في مصر، وملاحقة جماعة الإخوان المسلمين، وإغلاق الحدود المصرية مع غزة بإحكام، ما سبب تراجع التمويل والدعم العسكري للمقاومة، وجعل حماس تعاني وضعاً أكثر صعوبة. لكن، وعلى الرغم من تضافر هذه العوامل، إلا أن انفصال غزة لم يساعد الغرب على التعامل مع محمود عباس شريكاً بعد وفاة ياسر عرفات عام 2004، بسبب أن عباس لا يمثل كل الفلسطينيين، على الرغم من أن الغرب اعتبروه شريكاً جاداً في العملية السلمية، لذلك، عندما وقعت المصالحة الفلسطينية أخيراً، أزعجت إسرائيل التي ثارت ثائرتها من وحدة القرار الفلسطيني. فهل حركات التغيير والثورات العربية قادرة على إقناع إسرائيل بأن الوقت حان للجلوس إلى طاولة المفاوضات، بعد توقف الحرب، للقبول بالدولة الفلسطينية، بما يكفل أن تكون دولة سيادية وحامية لحقوق الفلسطينيين.