في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الاقتصاد وعلم الاجتماع والفكر والمراسلات الأدبية والسيرة الذاتية والموسيقى والتاريخ.
■ ■ ■
صدر حديثاً عن "المركز الثقافي للكتاب"، ضمن "سلسلة 100 كتاب وكتاب"، عمل جديد تحت عنوان "أوكتاف هوداس"، وهو من تأليف الباحث التونسي عبد الستار الجامعي، ويتناول فيه سيرة حياة وتجربة المستشرق الفرنسي أوكتاف فيكتور هوداس (1840 - 1916) وكتاباته، الذي ساهم كثيراً في تحقيق مخطوطات وتقديم ترجمات ودراسات، وهي أعمال فتحت مجالاً واسعاً للباحثين لإعادة الاتصال بالتراث والماضي الفكري العربي، ومن أشهر مؤلفاته "إثنوغرافيا الجزائر"، و"قواعد اللغة العربية الواضحة"، و"مهمة علمية في تونس" وكتاب بعنوان "الإسلام".
صدر حديثاً عن "منشورات جامعة كولومبيا" كتاب "كيف جرى عزل الضواحي: 1890 - 1960" للمؤلفة بايج غلوتزر، ويتناول قصة نشوء الضواحي المنعزلة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، عندما جرفت السياسات الرأسمالية الكاسحة المدن، ودفعت الضواحي السريعة وخلقت طبقة من أصحاب العقارات البيض الذين استخدموا الإسكان للدفاع عن الحواجز العرقية. يقدم غلوتزر فهماً جديداً للجذور العميقة للفصل بين الضواحي، ويكشف أن السياسات التي كانت تفضل الإسكان الشعبي لم تكن إلا تتويجاً لجهد طويل الأمد لاستخدام العنصرية في بناء العقارات في الضواحي.
عن "منشورات الجمل"، صدر حديثاً كتاب "المسيحية واليهودية المتنصّرة في الضاحية العربية - البيزنطية عشية الفتح الإسلامي" لملحم الشكر، وفيه يبحث في طبيعة الديانة "الركوسية" التي يُورِد ابنُ إسحاق أنَّ عديّ بن حاتم الطائي كان يَدين بها قبل اعتناقه الإسلام. يطرح الشكر سؤالاً يقول إنَّ الأبحاث التي تناولت الوضع الديني في الحجاز قبل ظهور الإسلام أغفلته: ما هي الشيعة الركوسية؟ وأين عرفها عديّ؟ ليطرح احتمالية التقائه بها في التخوم التي تفصل/ تصل شمال الحجاز بالجنوب الفلسطيني في الضاحية العربية - البيزنطية.
عن منشورات "غاليمار"، صدر أخيراً كتاب جماعي بعنوان "شرطة الأنوار: النظام والفوضى في القرن الثامن عشر" بتحرير المؤرخَين الفرنسيين فنسان دوني، وفنسان مييو، ومسؤولة الأرشيف إيزابيل فوشيه. يقوم العمل على بحث حول الحريات الفردية في زمن تبلورها نظرياً مع فلاسفة مثل روسو وفولتير وديدرو، لكن المشاركين في العمل حاولوا إبراز أن مدوّنة هؤلاء قد أمدّت القرن الثامن عشر بصورة وردية لا تمتّ بصلة إلى واقع القمع في فرنسا وقتها، حيث يظهرون من خلال حكايات موثقة عبر الأرشيف كيف كانت السلطة التنفيذية تتعامل مع المواطنين.
عن "دار الرافدين"، صدرت طبعةٌ جديدة من كتاب "بيتهوفن: دراسة في تطوره الروحي" لـ جي دبليو أن سوليفان، بترجمة الكاتب والمترجم العراقي الراحل نجيب المانع الذي يكتب في مقدّمة العمل: "فلنذهب إلى بيتهوفن ولنسمع منه قبل أن نسمع من غيره عنه، فإذا تحقّقت هذه الريادة الواجبة يصير الحديث عنه حديثاً عن زيارة اكتسبنا من ورائها صديقاً حميماً ليس هو ذلك الوجه المتجهّم الذي يطالعنا من صوره، ولا هو ذلك المشاكس المستوحد الذي كان الناس ينفرون منه أحياناً لشدة نفرته من الناس". كانت الطبعة الأولى قد صدرت عام 1975 عن "دار الحرية" في بغداد.
"فن الفلسفة الصينية: ثمانية نصوص كلاسيكية وكيفية قراءتها" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن "منشورات جامعة برينستون" لأستاذ اللغات والثقافات الشرق آسيوية بول ر. غولدين. يتناول الكتاب نصوص عدد من فلاسفة الصين؛ هم: كونفوشيوس، وموزي، ومنسيوس، ولاوتزه، وجوانغ زي، وسون تزو، وسونزي، وهان فيزي، عبر فهم التاريخ النصي للأعمال التي لم تُكتب في زمن أصحابها، بل نُسبت إليهم، ويقسّمها في ثلاثة أبواب تبحث في "فلسفة السماء" و"فلسفة الطريق"، والثالث لمجموعة الأفكار التي تجاوزتهما، موضّحاً تأثيرهما الذي يتواصل إلى اليوم.
صدرت حديثاً النسخة العربية من كتاب "بين الحرية الإنسانية والقدر الإلهي في الفكر الإسلامي: دراسة توافقية نظرية عند ابن سينا والغزالي وابن عربي" عن "المركز القومي للترجمة" للباحثة ماريا دي سيليز بترجمة محمود سلامة. يدرس الكتاب الاتجاه العقلي الذي مثّله "الشيخ الرئيس" عبر شروحاته وإضافاته على فلسفة أرسطو المبنية على السببية، وأفكار "الإسلام" التي تتكئ على موروث علم الكلام لدى الأشاعرة بالاعتقاد بسببية مقيّدة، ورؤية "الشيخ الأكبر" الذي مزج الفلسفة بالتصوّف حيث الحرية تتحقق بالتسليم المطلق للسببية الإلهية.
صدرت حديثاً عن منشورات "فوليو" الطبعة الثانية من كتاب "ألبير كامو وماريا كاراسيس: المراسلات" ويضم المراسلات التي تبادلها الروائي الفرنسي ألبير كامو (1913- 1960) مع الممثلة الإسبانية الفرنسية كاراسيس (1922-1996) التي مثلت له مسرحية بعنوان "سوء فهم". واستمرت بينهما المراسلات 15 عاماً تدفق فيها حبهما، وضمت إلى جانب الحميمية والعواطف تفاصيل عن تفكير كل منهما في الفن والإبداع. وتعد الرسائل بلغتها الرفيعة نصوصاً أدبية تخوض في الكتابة والأدب والمسرح والحياة والفن، وقد انتهت علاقتهما بسبب رفض كامو ترك زوجته فرانسين فور.
صدر حديثاً كتاب "بماذا يفكّر العالم" للكاتبة اللبنانية البريطانية ندى حطيط عن دار "فضاءات". تقارب المؤلّفة ظواهر باتت تهيمن على عالمنا المعاصر، ومنها الصعود المتنامي للشعبوية بإغواءاتها التي تجذب إليها كثيرين إثر الأزمة المالية العالمية عام 2008، والتأثير العميق للدين، ليس من ناحية تشكيل الثقافة وطرائق عيش المجتمعات الأوروبية وصياغة استجابتها للتحديات فحسب، بل في ابتداع هويّات متخيّلة في مواجهة الآخر المختلف، كما تدرس فوضى المصطلحات والمفاهيم المشوشة ضمن رصد العديد من الأفكار والحركات الصاعدة.
في كتابه "مدخل إلى علم الاجتماع"، يقدّم الباحث المغربي حسن احجيج أهم نظريات هذا الحقل المعرفي وعدداً من مناهجه التي تتنوّع بحسب الجغرافيات التي تنتمي إليها، ويقدّم أيضاً مجموعة من القضايا التي انشغل بها علماء الاجتماع خلال قرنين تقريباً، وتفرّع البحث السوسيولوجي تبعاً لذلك إلى مجموعة من التيارات البحثية المتكاملة أحياناً والمتنازعة فيما بينها أحياناً أخرى. العمل صدر عن "مؤمنون بلا حدود" أخيراً. ومن مؤلفات احجيج الأخرى: "نظرية العالم الاجتماعي؛ قواعد الممارسة السوسيولوجية عند بيير بورديو"، و"التدبير العمومي الجديد".