في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الفلسفية والرواية والفكر والتاريخ والأنثربولوجيا.
■ ■ ■
عن "مركز دراسات فلسفة الدين" في بغداد و"دار التنوير" في بيروت، صدر حديثاً كتاب "لماذا نكفّر: ابن عربي من عنف الأسماء إلى نفَس الرحمن" للباحث البحريني علي الديري. يقارب المؤلّف الرؤية التوحيدية للشيخ الأكبر بلغةٍ مكثّفة تنتظم في سياقها المفاهيم المحورية التي تحدّد للدين وظيفته كحاجة وجودية تظهر بأنماط مختلفة، وتقدّم فهماً للتنوُّع في الاعتقاد بوصفه تنوّعاً لصورِ الله في مختلف الأديان، وانعكاساً لتجلّيات أسمائه وصفاته المتنوّعة في العالم، والدلالات المتعدّدة للرحمة بوصفها مفتاحاً لفهم المنطق الذاتي للقرآن.
صدرت عن دار "العين للنشر" في القاهرة رواية "الغرق - حكايات القهر والونس" للكاتب السوداني حمور زيادة. تدور أحداث العمل في قرية سودانية، وتغطّي فترة زمنية بين ثلاثينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي، وما شهدته من صراعات وأحداث درامية وتغيُّرات مجتمعية كبرى في قرية حجر نارتي التي تقع في شمال الخرطوم، متجسدةً في بيت العمدة وبيت البدري والوضع الاجتماعي للرقيق الذي كان يستجلب من بلدان أفريقية مجاورة، بعد إقرار قوانين إلغاء الرق في السودان عام 1942، والذي بقي على نحو مستتر بعد ذلك بسنوات عديدة.
"التاريخ المفقود لليبرالية: من روما القديمة إلى القرن الحادي والعشرين" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن "منشورات جامعة برينستون" لأستاذة التاريخ الحديث الأميركية هيلانة روزنبلات. تتتبّع المؤلّفة تطوُّر مصطلحات "ليبرالي" و"ليبرالية" والسجالات حولها من العالم القديم إلى اليوم، وتفنّد المقولة الرائجة في العصر الحديث بأن الليبرالية تقليد أنغلو - أميركي يركّز على الحقوف الفردية، إذ تخلص إلى أن جذورها ولدت مع الثورة الفرنسية وطوّرها فلاسفة ألمان في القرن الماضي، ثم أُعيد تشكيلها كأيديولوجية أميركية في وقت متأخر.
يصدر قريباً عن "مركز نهوض للدراسات والنشر" في الكويت كتاب "الإسلام والديمقراطية بعد الربيع العربي" لجون إسبوزتيو وتمارا سون وجون فول بترجمة أسامة عباس. يفحص المؤلّفون الثلاثة حالة الديمقراطية في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، من خلال بحث مسألة ما إذا كان الإسلام "متوافقًا" مع الديمقراطية، وأعادوا توجيه الحوار نحو سياسة جديدة للديمقراطية تتجاوز السلطوية العلمانية والإسلام السياسي. تطرح الدراسة سؤالاً أساسياً هو: هل تتطلّب الديمقراطية نظاماً علمانياً؟ وهل الحركات الدينية هي أكثر المعارضين فعالية؟
طبعة جديدة من كتاب "الأصل الأفريقي لحضارات العالم: أسطورة أم حقيقة"، للمؤرّخ السنغالي شيخ أنتا ديوب (1923 - 1986) مرفقةٌ بكتاب سمعي، صدرت بالإنكليزية عن دار "بي إن". يقدم العمل براهين وأدلّة مختلفة، تاريخية وأركيولوجية وأنثروبولوجية، تقول إن الحضارة الفرعونية هي حضارة سوداء. هذا الكتاب هو استكمال لمؤلّفات أخرى لديوب سعى من خلالها إلى الرد علي الأكاذيب الغربية التي سادت على مدى قرنين، والتي تنفي عن الأفارقة أية إسهامات في الحضارة البشرية على الرغم من أنهم الآباء المؤسّسون لها كما تقول الدراسات.
صدر حديثاً عن "منشورات راوتليدج" كتاب "الفيلم والفلسفة والواقع: من اليونان القديمة إلى غودار" للباحث الأميركي المتخصص في دراسات الفلسفة والفنون نيثان أندرسن. يحاول العمل فهم فلسفة الأفلام التي تُظهر كيف أن التفكير في الأفلام يمكن أن يقودنا إلى تقدير وفهم أكثر ثراءً للواقع وطبيعة التجربة الإنسانية. الكتاب مقسّم إلى ثلاثة أجزاء؛ الأول يتضمّن مقدمة حول الفلسفة والسينما، ويتطرّق الثاني إلى الأهمية الفلسفية للتمييز بين المظهر والواقع، بينما يتعلّق الأخير أسلوب وتقنيات أفلام جان لوك غودار.
عن "دار روافد" للنشر"، صدر حديثاً كتاب "أنثروبولوجيا الألم" لأستاذ علم الاجتماع والأنثروبولجيا الفرنسي دافيد لوبروتون، بترجمة عياد أبلال وإدريس المحمدي. يتناول العمل مسألة الألم على مستوى أنثروبولوجي، ويحلّل العلاقة التي تربطه بالإنسان، مع وضعه في السياق والنسيج الاجتماعي والثقافي الذي يحيط به ويعطيه معناه. يشكل الكتاب فصلاً جديداً في أنثروبولوجيا الجسد، حيث الألم أداة تحليلية لفهم البعد الرمزي لعلاقة الإنسان بجسمه. ألّف لوبروتون عدّة كتب في هذا الموضوع؛ من بينها: "وداع الجسد" و"موت على الطريق".
"الحب في زمن الكلاشنكوف" عنوان رواية للكاتب اليمني عبد الله عباس الإرياني صدرت حديثاً عن "دار ورد للنشر والتوزيع" في عمّان. يعود العمل إلى فترة الستّينيات، ليضيء على التغيُّرات التي حدثت في المجتمع اليمني بعد قيام ثورة أيلول/ سبتمبر 1962، وكيف أدّت الحرب التي قامت بين مؤيّدي الجناح الإمامي ومؤّيدي الجناح الجمهوري إلى انتشار السلاح بشكل واسع، راصداً تراجُع ثقافة التسامح في المجتمع لمصلحة لغة السلاح، وتغلغل التشدّد والتطرُّف في الأرياف والمناطق النائية، وتنامي النفوذ القبلي على حساب الدولة.