في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السياسية وتاريخ الفن والمذكرات والموسيقى والفكر والأدب.
■ ■ ■
ضمن سلسلة "دراسات التحول الديمقراطي" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر كتاب جماعي بعنوان "20 فبراير ومآلات التحوّل الديمقراطي في المغرب". يدرس العمل الواقع السياسي في المغرب عُقب الحراك الشبابي والشعبي في عام 2011، ضمن مقاربة تضيء الظروف التي هيّأتها الفترة التي سبقتها. لا تنشغل الدراسات التي يتضمّنها الكتاب بمقارنات مع نماذج أخرى للانتقال الديمقراطي، ليركّز بالخصوص على البُعد الديموغرافي المتمثل في ظهور جيلٍ من الشباب يختلف كثيراً عن أسلافه، ثمّ الطفرة التكنولوجية التي صاحبت هذا الظهور.
يصدر قريباً عن "تاشن" كتاب استعادي تحت عنوان "رامبرانت: اللوحات الكاملة"، شارك في تأليفه ثلاثة باحثين هم: فوكر مانوث، وماريكي دي وينكل، ورودي فان ليوين، ويصدر بمناسبة الذكرى الـ 350 لرحيل الفنان الهولندي. يستعيد الكتاب العصر الذهبي للفن في بلاد فان غوخ، من خلال العودة إلى تجربة وسيرة رامبرانت (1606-1669)، الذي بالرغم من أنه لم يغادر بلاده أبداً فإن فنه كان عابراً للحدود وأثر في تاريخ الفن الأوروبي بشكل قوي. يتوقف الكتاب عند أعمال رامبرانت الدينية ولوحات البورتريه ورسومات المناظر الطبيعية.
صدر عن "الدار العربية للعلوم"، كتاب "فلسفة الفكاهة" للناقد الإنكليزي تيري إيغلتون، وهو عمل في شكل دليل لما يعرف في الغرب بـ"دراسات الفكاهة" Humor Studies حيث تبرز المكانة الأساسية للسخرية في الثقافة الغربية، ضمن أسئلة مثل: لماذا نضحك؟ هل الفكاهة تخريبية؟ هل يمكننا تحديد الطرافة؟ يفحص إيغلتون نظريات الفكاهة المعروفة، بالاعتماد على مجموعة واسعة من المصادر الأدبية والفلسفية، حيث ينتقل من أرسطو إلى فرويد وباختين وينظر بشكل خاص في الآليات التحليلية النفسية الكامنة وراء الفكاهة وتطورها الاجتماعي والسياسي.
صدر حديثاً عن دار "الفارابي" كتاب "نور من التاريخ" للكاتب اللبناني حبيب صادق (1931)، وجمع فيه حلقات برنامج إذاعي كان يقدّمه في ستينيات القرن الماضي على الإذاعة اللبنانية. يعد الكتاب نوعاً من التوثيق لتلك المرحلة التي سبقت الحرب، ويقول عنه الكاتب "هذا العمل الأدبي كان قد أبصر النور فى الستينيات من القرن المنصرم وقد تم عرضه عبر الإذاعة اللبنانية فى حلقات متتالية طوال شهر رمضان، نرى فيه محاكاة لواقع مرير صارخ بوجه الظلم والأحقاد والفساد، واستلاب الأوطان، والخضوع الرخيص لصغائر النفوس.
عن منشورات "إيواكو"، صدر مؤخراً كتاب "بورندي 1972: مجزرة التوتسي" لـ نوفات نينتونزي. يجمع العمل شهادات من أهالي الضحايا، ومن كانوا شهود عيان لما حدث، علماً بأن المؤلف هو نفسه أحد شهود العيان وقد فقد والده خلال هذه الأحداث الدموية التي شهدتها بلاده. وضع نينتونزي خيطاً ناظماً للأحداث التي ترد ضمن الشهادات حتى أن العمل يُمكن أن يُقرأ كرواية تاريخية، وهو بذلك يستلهم نمطاً حديثاً من الكتابة اشتغلت عليه بالخصوص الروائية البيلوروسية سفيتلانا ألكسفيتش صاحبة نوبل 2015 في أعمال مثل "الحرب ليس لها وجه امرأة".
عن "المركز القومي للترجمة"، صدرت مؤخراً "مذكرات نابليون - الحملة على مصر"، نقله عن الفرنسية الأكاديمي عباس أبو غزالة. يقدم الكتاب لأول مرة شهادة الإمبراطور الفرنسي (1769 – 1821) عن تاريخ وقائع حملته الحربية على مصر (1798 - 1801)، ومشاعره تجاه جنرالاته وجنوده، وكذلك شؤون السياسة والتسليح والدفاع عن حدود مصر، ومشاعره تجاه شعبها أيضاً. كان نابليون قد بدأ كتابة مذكراته في منفاه، بعد هزيمته في معركة واترلو، ومن الأحداث التي تناولها ثورة القاهرة وغزوات مصر والحملة على الشام (سورية وفلسطين وحصار عكا).
"متعة الأسماع في علم السماع" عنوان مخطوط لأحمد بن يوسف التيفاشي القفصي (1184- 1253) حققه الباحث رشيد السلامي، وصدر حديثاً عن "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون" (بيت الحكمة)، ويتناول المدوّنات الموسيقيّة وعالم الرقص والمجالس الأدبيّة وطقوس الغناء في البلاطات شرقاً وغرباً. كما تعرض قراءة التيفاشي لوظائف الموسيقى نفسياً، وأنطولوجيا ضمن الردود المعرفية على مركزية بعض الثقافات، ويشير الكتاب إلى النزعة التحررية لكاتب قاوم المحظور وتمرّد على التدابير الاجتماعية والقيم السائدة وخاض معيشه على نحو اختاره.
"مكتبة شكسبير: فكّ أعظم لغز في الأدب" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن منشورات "كاونتر بوينت" للباحث الأسترالي ستيورات كيلز. يستقصي هذا العمل الكثير من النقاط التاريخية، إذ يتصدى لما لم تجب عنه آلاف المؤلّفات حول الكاتب الإنكليزي (1564 – 1616) والذي يتعلّق بمكتبته التي بحث عنها الناس في البيوت والقصور والمكتبات ولم يتم العثور على أي أثر لمخطوطات أو كتب أو خطابات له، ليصل إلى الكثير من الروايات، ومنها أن شخصية شكسبير تتداخل مع شخصيات كثيرة عاصرته مثل الكاتب المسرحي كريستوفر مارلو والفيلسوف فرانسيس بيكون.
"الوجود والصيرورة.. مدخل إلى فلسفة المستقبل" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" للباحث محمد شبل الكومي. يتناول هذا العمل العلاقة بين الأدب والفلسفة ودورهما في ترسيخ البينية الحديثة، أي المشاركة بين الحقول المعرفية، وهي الغاية التي كان التطوّر الحديث للفكر والبحث العلمي يتجه إليها منذ أواخر القرن التاسع عشر، كما يتناول الواقعية الروحية ومفهوم الوجود ولواحق الوجود ومفهوم الحقيقة وقيم الخير والجمال، والتحليل النقدي لفكر وثقافة عصر الحداثة وما بعد الحداثة.
صدر حديثاً عن دار "جون بنجامينز"، كتاب "المناورة الاستراتيجية.. دعماً للتغيير السياسي" للباحث فرانز فان إمرين، ويأتي ضمن دراسات التحول الديمقراطي وعلاقته بوسائل الإعلام والاتصال الجماهيري، وهي الأطروحة التي نال عنها الباحث الدكتوراه من جامعة أمستردام في 2016. يدرس المؤلف في عمله هذا مقالات تضيء الكثير من الحيثيات التي مهدت الطريق لاندلاع ثورة 25 يناير في مصر، عام 2011، إذ يتناولها من منظور إقناعي. في هذه المقالات يشير الباحث إلى استعمالات السرد والتخييل لتحقيق أغراض احتجاجية في مجال الاتصال السياسي.