على رغم الحصار المستمر على قطر بكافة أشكالة وأدواته، انبرت الدوحة يوم الخميس، لتحقق إنجازاً تمويلياً كبيراً صنّفته وكالة "بلومبرغ" المتخصصة بأنه "أكبر عملية بيع لسوق ناشئة هذا العام".
فقد تمكّنت قطر من جمع 12 مليار دولار كُشف عنها الخميس، في أول عملية بيع سندات مالية بالعملة الأميركية تقوم بها الدولة منذ عام 2016، بحسب بلومبرغ.
"رويترز" كانت مساء الخميس نقلت عن مصدر مطلع، أن دولة قطر طرحت سندات على 3 شرائح بقيمة 12 مليار دولار، تتضمّن في الشريحة الأولى 3 مليارات دولار بسعر 135 نقطة أساس (تعادل 1.35%) فوق فائدة سندات الخزانة الأميركية، وتستحق عام 2023.
وتتضمّن الشريحة الثانية 3 مليارات دولار تستحق عام 2028، مقابل 6 مليارات دولار في شريحة ثالثة تستحق سنة 2048.
وتجاوزت قيمة السندات المُباعة الخميس، بمليار دولار، مبلغ الـ 11 ملياراً الذي حصّلته السعودية هذا الأسبوع من عملية بيع مماثلة.
رئيس وحدة الأبحاث والدراسات الاقتصادية في "بنك بيبلوس" (لبنان)، نسيب غبريل، عقّب لـ"العربي الجديد" على الإصدار القطري لسندات بهذا الحجم، فقال: "سبق أن أعلنت السعودية هذا الأسبوع أن إصدار الـ11 مليار دولار هو الأكبر في الأسواق الناشئة، ثم جاء الإصدار القطري ليتقدّم على نظيره السعودي بمليار دولار".
وبذلك تصدّرت دولة قطر سوق سندات الأسواق الناشئة لهذا العام حتى الآن، في خطوة يؤكد غبريل أنها تعكس "قابلية المستثمرين العالميين لشراء إصدارات دول الخليج العربي عموماً، ودولة قطر على وجه الخصوص، أكانت سندات سيادية صادرة عن الدولة، أو خاصة تصدرها مؤسسات وشركات".
والمؤكد أن الإقبال الكبير على السندات القطرية يعكس متانة الدولة المالية، وهذا ما يشير إليه غبريل بالقول إن "نجاح الإصدار كان مدفوعاً من ثقة المستثمرين بملاءة الدولة التي تصدر السندات، وبقدرتها على سداد مستحقاتها بانتظام"، ما يعني أن المستثمرين ينظرون إلى قطر بعين الجدارة الائتمانية القوية.
ثم يميّز غبريل بين أنواع من المستثمرين منهم من يركّز على أسواق الدول المتقدّمة الأساسية والأكثر استقراراً، بينما تتجه شرائح مهمة إلى الأسواق الناشئة لاقتناص الفرص، لا سيما في أوقات الأزمات والاضطرابات.
انطلاقاً من هنا، لا شك في أن المستثمرين الذين أقبلوا على شراء السندات السيادية القطرية يدركون تماماً خصائص الدولة وثرواتها الطبيعية الهائلة، وحسن إدارتها المالية، ما يمنحها ميزة تفضيلية، على رغم تداعيات الحصار التي بدأت تتلاشى، إذ غلب على الخيار الاستثماري في حالة قطر تقدير المستثمرين الجوانب القوية لديها، مثل الملاءة والسيولة والقدرة الائتمانية المرتفعة جداً.
وأتمّت الدولة إصدارها بعد يومين من تأكيد وزير المالية علي شريف العمادي، أن اقتصاد أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، سيحقق نمواً بنسبة 2.6% عام 2018، على أن يقترب تدريجاً من 3% عام 2019، ما يؤكد التعافي إلى حد كبير من تداعيات الحصار، فيما العمل جار على تحقيق معدل نمو اقتصادي يتجاوز مستويات النمو في المنطقة.