إضراب تجاري شامل في غزة احتجاجاً على انهيار المعيشة

غزة

يوسف أبو وطفة

avata
يوسف أبو وطفة
غزة

جهاد عويص

avata
جهاد عويص
22 يناير 2018
D5710756-0BF6-4C3D-A7BF-0C417ED2CBB5
+ الخط -
شل إضراب شامل مختلف القطاعات والمنشآت التجارية في قطاع غزة، اليوم الإثنين، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يعيشها أكثر من مليوني نسمة في القطاع المحاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي للعام الحادي عشر على التوالي.
وشهد الإضراب الذي دعت إليه القطاعات التجارية المختلفة، مشاركة البنوك المحلية والمحال التجارية المتنوعة، وشركات النقل، ومحطات الوقود والغاز، بالإضافة إلى الشركات والقطاعات العاملة في المجال الإنشائي، والغرف التجارية وغيرها من المؤسسات.

ويعيش القطاع الساحلي ظروفاً اقتصادية متردية اقتربت إلى حد كبير من الانهيار الشامل، وهو ما أدى لتردي الظروف المعيشية التي تطاول السكان مع عدم انتظام رواتب موظفي غزة، فضلا عن الخصومات المفروضة على رواتب موظفي السلطة الفلسطينية والأزمات الاقتصادية المتصاعدة.
وجاءت الدعوة إلى الإضراب التجاري قبل نحو أسبوع، حينما أعلنت مؤسسات القطاع الخاص عن اللجوء لهذه الخطوة، نتيجة انهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي لسكان القطاع.

الخصومات لا تسعف التجار

ولجأت العديد من القطاعات التجارية في الآونة الأخيرة إلى طرح خصومات وتنزيلات كبرى على المنتجات التي تقوم بعرضها لزبائنها من أجل تشجيعهم على الشراء، إلا أن غياب السيولة المالية وشحها لم يغير من حالة الركود الاقتصادي.
يقول مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة ماهر الطباع لـ "العربي الجديد"، إن خطوة الإضراب التجاري الشامل لمدة يوم فقط تعتبر خطوة مبدئية من أجل إيصال رسائل لمختلف الأطراف والجهات المعنية بأن القطاع يقترب بشكل كبير من الانهيار الكلي.

ويؤكد الطباع أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الفعاليات وتصعيد الرسائل، عبر زيادة مدة الإضراب في القطاعات التجارية، والقيام بخيام اعتصام ووقفات حتى تتحرك مختلف الأطراف المسؤولة، لانتشال القطاع من الأوضاع المتردية التي يعيشها السكان.
ويضيف أن عدد العاطلين عن العمل ارتفع لأكثر من ربع مليون عاطل، عدا عن ارتفاع معدلات الفقر والفقر المدقع لأكثر من 65% من إجمالي سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة، ووصلت معدلات انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر إلى نحو 50%، في حين يتلقى أكثر من مليون شخص المساعدات الإنسانية من مختلف المؤسسات الإغاثية العاملة في القطاع المحاصر.



ويعاني سكان القطاع من حصار مشدد منذ صعود حركة حماس وفوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، وأدى نقص الوقود وانقطاع مستمر في الكهرباء وتردي القدرة الشرائية للمواطنين إلى أزمات معيشية خانقة.
وبحسب إحصائيات اللجنة الشعبية لكسر الحصار فإن متوسط دخل الفرد الغزي يومياً لا يتجاوز دولاراً أميركياً واحداً، في حين يعتمد نحو 80% من السكان على المساعدات الإغاثية والإنسانية الطارئة، عدا عن ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الخريجين لنحو 60%.

وفي أعقاب اتفاق المصالحة الأخير الذي أبرم برعاية المخابرات المصرية في القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول 2017 تفاءل الغزيون بتحسن أوضاعهم المعيشية والاقتصادية، إلا أن ذلك لم يغير من الواقع شيئاً، إذ استمرت الإجراءات المفروضة من قبل السلطة الفلسطينية على القطاع منذ إبريل/نيسان 2017.
وبدا عزوف التجار عن شراء البضائع الجديدة واضحاً في الشهور الأخيرة، في ظل تكدس السلع القديمة بمحالهم، فيما تعرض بعضهم للسجن لعدم القدرة على سداد متأخراتهم المالية للبنوك والموردين، ليتصدر التجار القضايا المالية داخل محاكم غزة في الآونة الأخيرة.

ووفقًا لتقديرات اقتصادية محلية، فإن السوق الغزي حرم من نحو 18 إلى 20 مليون دولار كانت تدعم الاقتصاد المحلي شهرياً قبيل الخصومات والعقوبات التي أقرتها السلطة الفلسطينية، كما أدى نقص السيولة إلى أزمة في الشيكات المُرجعة من قبل البنوك الفلسطينية لأصحابها.

أزمة خصومات الرواتب

ويصف الخبير الاقتصادي، نهاد نشوان، ما يجري في غزة حالياً بحالة من "الفوضى الاقتصادية"، نتيجة للحصار الإسرائيلي بالأساس، بالإضافة إلى ما وصفها بـ "مجزرة" الرواتب والعقوبات من جانب السلطة الفلسطينية على القطاع منذ نحو 9 أشهر.
وتعدت نسب الخصم في رواتب موظفي السلطة في غزة 30%، فيما يعتمد اقتصاد القطاع وأسواقه بشكل رئيس على رواتب الموظفين العموميين البالغ عددهم حتى نهاية 2016، نحو 58 ألف موظف مدني وعسكري، يضاف إليهم 40 ألف موظف عينتهم حماس قبل سنوات.

ويضيف نشوان لـ"العربي الجديد" أن غزة "دخلت بعد تلك الإجراءات العقابية في زلزال مالي حرم السوق المحلي من ملايين الدولارات التي كانت تحرك السوق عملياً، حتى وصل الأمر لمساواة التجار مع المواطنين في حجم الضرر الذي طاولهم نتيجة لتلك العقوبات، خاصة مع ضعف القدرة الشرائية وندرة المال والسيولة النقدية".
ويأمل الخبير الاقتصادي في حل هذه الأزمات المالية، عبر تنشيط حركة المصالحة الفلسطينية، وحل معضلة القضايا الجوهرية في تسيير ذلك الاتفاق بين حركتي فتح وحماس، وإلا فإن الأمر ينذر بمزيد من الانهيار في الأحوال الاقتصادية.

وفي السياق، يكشف مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة، ماهر الطباع، عن أن عدد الشاحنات المحملة بالبضائع الداخلة إلى القطاع، شهد تراجعا بنسبة 40%، حيث انخفضت القوة الشرائية، في وقت تذهب فيه المستويات الاقتصادية بالقطاع إلى نقطة الصفر.
ويقول الطباع في حديثه لـ"العربي الجديد" إن معدلات البطالة بلغت نحو 46% وتصل في صفوف الخريجين وحدهم إلى نحو 67%.

وانخفضت القروض البنكية للأفراد والشركات في الربع الثالث من 2017 إلى 990.4 مليون دولار، وهو أدنى رقم منذ الربع الثالث من 2016، الذي سجل 885.8 مليون دولار.
كما أظهرت أرقام حديثة لسلطة النقد الفلسطينية (البنك المركزي)، تراجعاً في حجم ودائع الأفراد والشركات في قطاع غزة إلى 1.122 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة بنحو 1.137 مليار دولار في الربع الثاني من العام ذاته، ونحو 1.125 مليار دولار في الربع الثالث من 2016.

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة فإن قطاع غزة الذي خاض ثلاث حروب شنها الاحتلال الإسرائيلي عليه في أعوام 2008 و2012 و2014، عدا عن حصار خانق منذ 11 عاما، لن يكون صالحاً للعيش بحلول عام 2020 بفعل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والحياتية وغياب أي رؤية تنموية.


ذات صلة

الصورة
عمال إنقاذ وسط الدمار الناجم عن غارة جوية على غزة، 7 نوفمبر 2024 (Getty)

سياسة

زعمت القناة 12 العبرية، أمس الاثنين، أن الإدارة الأميركية قدّمت للسلطة الفلسطينية مقترحاً بشأن الإدارة المستقبلية لقطاع غزة
الصورة
استعداد لاستقبال الأسرى أمام سجن عوفر (العربي الجديد)

مجتمع

تشكّل قضية معتقلي غزة في سجون الاحتلال التّحدي الأبرز أمام المؤسسات المختصة مع استمرار جريمة الإخفاء القسري، التي طاولت الآلاف من معتقلي غزة
الصورة
جهود إنقاذ بأدوات بدائية في شمالي غزة (عمر القطاع/فرانس برس)

مجتمع

تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في محافظة شمال غزة مخلفة مئات الشهداء والمصابين، فضلاً عن تدمير عشرات المنازل، وإجبار الآلاف على النزوح.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
المساهمون