إضراب فلسطينيين عن الطعام في لبنان رفضاً لخطة وزارة العمل

06 سبتمبر 2019
مستمرون (العربي الجديد)
+ الخط -

بعدما تجاهل المسؤولون في لبنان تحركات اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم الرافضة لخطة من وزارة العمل، تمنعهم من العمل من دون الحصول على إذن خاص، صعّد بعض الشبان باتجاه الإضراب عن الطعام منذ أواخر الشهر الماضي

تصعيداً للاحتجاجات ضد خطة وزارة العمل اللبنانية لمكافحة العمالة غير القانونية، والتي لم تستثنِ العمال الفلسطينيين بالرغم من وضعهم كلاجئين غير قادرين على العودة إلى وطنهم، بدأ ثلاثة شبان فلسطينيين، في مخيم البداوي، في طرابلس، شمالي لبنان، الإضراب عن الطعام، حتى تراجع وزير العمل كميل أبو سليمان عن الخطة أو تجميدها في ما يتعلق بالفلسطينيين. وقد لجأ الشبان إلى هذا التحرك الذي أطلقوا عليه "إضراب الكرامة" بدلاً من إغلاق الطرقات وحرق الإطارات اللذين يؤديان إلى الإضرار بالسكان، كما يقولون، ليتبعهم بعدها شبان آخرون في مخيمات أخرى.




عند مدخل مخيم البداوي، أقام الشبان خيمة الإضراب عن الطعام، ورفعوا فيها لافتات تؤكد مطلبهم في العيش بكرامة، وأعلنوا عن خوضهم هذه المعركة منذ أكثر من عشرة أيام، لعلّ صوتهم يصل إلى وزير العمل، وهو ما أدّى إلى تدهور أحوالهم الصحية بشكل كبير، لكنّهم ما زالوا صامدين.

حسام شعبان، أحد الشبان الثلاثة المضربين عن الطعام، يبلغ من العمر 35 عاماً، وهو في الأصل من قضاء صفد في فلسطين المحتلة، ويعيش في مخيم البداوي، ويعمل دهاناً، لكنّه عاطل من العمل منذ فترة، بسبب عدم توفر فرصة عمل. يقول عن اتخاذ القرار بالإضراب عن الطعام: "كثير من الشباب الفلسطينيين عاطلون من العمل في الأساس، فجاءت هذه الخطة وقضت على ما تبقى لنا من فرص للحصول على عمل، لذلك قررت مع شابين آخرين البدء بهذا الإضراب، وانضم إلينا رابع، لكنّه ما لبث أن تعب بشكل مفاجئ، فخفنا من تدهور صحته، وطلبنا منه التوقف". يضيف لـ"العربي الجديد": "مطلبنا محدد بتراجع الوزير عن قراره الظالم بحق اليد العاملة الفلسطينية، وسنستمر في إضرابنا هذا إلى أن تكون هناك خطوة إيجابية منه في القضية. نأمل أن يصل صوتنا إليه، وإلى الفاعليات اللبنانية".



أما الشاب أسمر محمود، وهو لاجئ فلسطيني في مخيم البداوي، من بلدة الصفصاف بفلسطين المحتلة، ويبلغ من العمر 32 عاماً، ولديه محل بقالة في مخيم البداوي، لكنّ والدته تديره حالياً بسبب مشاركته في الإضراب، فيقول: "للأسف، شعبنا الفلسطيني منتفض منذ أسابيع في المخيمات كافة، وقد شارك في التحركات الآلاف صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، لكن لم يتجاوب أحد معهم". يتابع: "نريد أن نعيش بكرامة، ولا نطالب بالطعام والمال، ولا بالتوطين أو التجنيس، فقط نريد العيش بكرامة، لذلك خرج الناس إلى الشوارع، لكنّهم شعروا بإحباط شديد عندما جرى تجاهلهم. من أجل ذلك، قررنا خوض معركة الأمعاء الخاوية، لعلّ صوتنا يصل إلى الوزير ويتراجع عن قراره. خطوتنا هذه تصعيدية، كي نقول له: نحن نريد أن نعمل من أجل أن نعيش... ما نريده من إضرابنا عن الطعام هو أن نؤكد أنّ المطالب لم تعد تتحقق بالتظاهر في الشارع بل من خلال التضحية، ونحن مستعدون للتضحية بأنفسنا كي يعيش شعبنا بكرامة، وربما يبقى إضرابنا أكثر من شهر، وشعارنا: الموت ولا المذلة". يضيف محمود: "في اليوم الثاني من إضرابنا عن الطعام، شعرنا بتعب، ووهن، فتبين أنّ لدينا هبوطاً في الضغط، وعدم انتظام في النبض، لكنّ الأطباء بعد تأمينهم العلاج لنا نصحونا بأخذ المصل". يختم: "نأمل أن يصل صوتنا إلى المعنيين، وفي كلّ الأحوال نحن مستمرون في إضرابنا حتى تحقيق مطالبنا. كذلك، أتمنى على الفصائل الفلسطينية الضغط سياسياً على الدولة اللبنانية كي يتراجع الوزير".




المضرب الثالث عن الطعام، حمزة حسن قيس، من مدينة عكا بفلسطين المحتلة، ومقيم في مخيم البداوي، ويبلغ من العمر 35 عاماً، لديه متجر صغير للأدوات رخيصة الثمن، لكنّه مقفل حالياً بسبب مشاركته في الإضراب. يقول: "نهدف من خلال هذا التحرك إلى استرداد حقنا في العمل، ورفضاً لقرار الوزير كميل أبو سليمان. وبعد مضي أيام على بدئنا الإضراب انضم إلينا خمسة شبان من مخيم نهر البارد (طرابلس، وقد بدأوا إضرابهم في 29 أغسطس/ آب الماضي) وشاب من مخيم عين الحلوة (صيدا، جنوبي لبنان، وهو الشاب صالح ديب الذي نقل إلى المستشفى الثلاثاء الماضي بعد تدهور حالته الصحية)، ما يعني أنّ فكرتنا تتسع، وتنتقل من مخيم إلى آخر". يتابع: "نريد من خلال إضرابنا أن نقول: نحن لسنا أجانب في هذا البلد، نحن لاجئون قسراً، فمرة يعاملوننا كأجانب، وأخرى كلاجئين، إذ إنّ الأجنبي يحقّ له التملك في لبنان ونحن محرومون من هذا الحق. ولدنا في لبنان ويعيش آباؤنا وأجدادنا فيه منذ واحد وسبعين عاماً، ولم تتخذ مثل هذه القرارات من قبل، فلماذا يريد وزير العمل تنفيذها اليوم؟".